بقلم أ.د. أحمد الريسوني(*)
السياسات الإيرانية ماضية – منذ عقود – في اختيارات ومسارات منحرفة مدمرة، وفي مغامرات عدوانية إجرامية، كما هو الشأن في سوريا والعراق واليمن..
[سياسات إيران في المنطقة والنهج العربي في المواجهة]:
وقد أسهمت هذه السياسات الإيرانية – مع سياسات مماثلة من بعض الدول العربية – وخاصة منها السعودية – في إذكاء الصراعات الطائفية وتأجيجها في العالم الإسلامي، وفي صفوف عامة المسلمين عبر العالم..
ولأجل مواجهة إيران وقوتها الصاعدة ونفوذها المتعاظم، تستمر دول “الناتو العربي/ الإسرائيلي” في التحشيد والتعبئة، وبذل الغالي والنفيس، وفي استجلاب الأحلاف والتدخلات الأجنبية: السياسية والعسكرية والاستخباراتية..
وهذا النهج العربي البئيس في مواجهة إيران لا يجلب للعرب، ولعموم المنطقة، إلا مزيدا من عدم الأمن وعدم الاستقرار وعدم الثقة في المستقبل، بالإضافة إلى إغراقهم في مزيد من المذلة والتبعية، وهدر الثروات والطاقات فيما لا يسمن ولا يغني من جوع، ولا ينتج إلا وبالا وخبالا.
نعم، مواجهة التغلغل الإيراني وسياساته الطائفية، واجب شرعي وحق قومي، ولكن: ما هكذا تورد الإبل يا أهل الإبل.
[العرب أغنى دول العالم فماذا فعلوا؟]:
أهل الإبل صاروا في هذا العصر من أغنى دول العالم وأثرى أثريائه، فبمقدورهم أن يكونوا أقوى من إيران على جميع الأصعدة؟ فأين ذهبت وتذهب عقولهم وأموالهم حتى أصبحوا عالة على غيرهم في بقائهم وحماية كياناتهم؟
وإذا ضممنا إليهم حلفاءهم وشركاءهم من وادي النيل ووادي عربة، وغيرهم من عرب إسرائيل، تزايدت الأسئلة المفجعة الحارقة: هل كل هؤلاء العرب عجزوا عن مواجهة إيران، وكبح تمددها الطائفي، وخطرها المزعوم أو الحقيقي؟
مصر وحدها عندها نحو مائة مليون نسمة، وجيشها مليون أو يزيد.. فماذا صنعوا وماذا يصنعون بكل هذا البشر؟ وكيف يحتاج كل هؤلاء وأولائك إلى الاستنجاد بعدوهم وعدو البشرية “إسرائيل”، لمواجهة إيران؟
إيران تقدمت علميا وصناعيا، وأنتم كان بإمكانكم أن تتقدموا قبلها وأكثر منها، فأين كنتم حين أصبحت إيران قوة عسكرية ضاربة، تخيفكم وتخيف حلفاءكم؟
[بناء القوة الذاتية هو الطريق]:
إيران تتسلح ذاتيا وتبني قوتها الذاتية، بل أصبحت تُصدِّر أسلحتها إلى دول أخرى، بما فيها روسيا، وأنتم كل أمنكم وتسلّحكم وحراستكم بيد غيركم، فلماذا لا تستقلُّون بتسلحكم وقراركم وسيادتكم؟
إيران تنشر دعاتها ومذهبها وأتباعها في أقاصي أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وأنتم مشغولون بتدمير الحركات الإسلامية السنية، ومحاربة علماء أهل السنة بكل أشكال المحاربة..
تُـخْربون بيوتكم بأيديكم.. فلِمَ لا تصححون هذه الحالة المزرية وتستعيدون طاقاتكم البشرية المحطمة الضائعة؟
إيران تتبني – بجدية وحزم – قضية القدس وفلسطين وتدعم المقاومة الفلسطينية سياسيا وماليا وعسكريا، وقد كنتم الأَولى بذلك والأجدر، ولكنكم فضلتم خدمة العدو ودعمه، والانخراط في مشاريعه الإجرامية، المعادية للعرب والمسلمين.
ولقد كان بإمكانكم منذ البداية أن تسلكوا مع إيران سياسة الترويض والاحتواء والتعايش، ولكم كامل القدرات والمؤهلات لذلك، لو كنتم تعقلون.
وكان بإمكانكم تقوية حصونكم ومناعةِ شعوبكم السنية، في مواجهة التمدد الشيعي، الذي لا يتقدم إلا بفضل ضعفكم وفشلكم ونموذجكم المنفر لشعوبكم وشبابكم.
كل هذا كان ممكنا، ولا يزال ممكنا، ولكن أصحابنا أدمنوا الذلة والهوان والتبعية للأجنبي. ولن يفلحوا بهذا النهج أبدا..
(*) رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمقال منقول من موقعه الرسمي.
مقالة في غاية الروعة والواقعية، فيا ليت دكتورنا العزيز الذين يدعون بأنهم أهل السنة والجماعة أن يستخلصوا العبر والدروس من مقالتك هذه التي تؤرخ، وينشغلوا في بناء الذات بناء حقيقيا يليق بالتأسيس لإعادة بناء الدولة الإسلامية التي تحفظ الأمن والاستقرار لجميع من يعيش تحت خيمتها.
ملاحظتي دكتورنا الغالي .. لا يوجد لدينا مسمى (عرب إسرائيل) وإنما هم فلسطينيوا الارض المحتلة.
السلام عليكم ورحمة الله
مقارنة جميلة و نصيحة رصينة و قول جميل..لكن سيدي الكبير قد يتبادر إلى الذهن سؤال كبير مفاده:
إذا كانت الأنظمة العربية المستبدة بجمهورياتها و ملكياتها تحارب الحركات السنية الاسلامية و تنكل بها ترى ما هو السبب؟
الجواب اقول: ما دامت هذه الحركات تريد الوصول إلى الحكم قصد إيجاد البديل او التغيير، فقد دخلت في صراع خفي او صريح مع هذه الأنظمة و بالتالي ستفقد مرتين مرة بعدم قدرتها على الوصول إلى ما تريد (بسبب دعم الدول العظمى لهذه الأنظمة المستبدة) و ستفقد مرة أخرى لأنها ستنال نصيبها من التنكيل و السجن و الايقاف و المتابعة ..
و هنا علينا أن نصرح بأن هذه الأنظمة لاتريد ان تفقد السلطة و الحكم عموما ،كما أن الدول الكبرى تقايضها على البقاء في الحكم بالحماية و التمكين على الكراسي..لذا ترونها تهرول للتحالف مع الشيطان(اسرائيل) للبقاء في الحكم..
لذا سيدي اقول لك أنها لن تأخذ هذه الأنظمة الغافلة المغفلة بهذه النصيحة او التنبيه او المقارنات..و لست اقول لك استاذنا ان تتوقف عن النصيحة..بل اقول أن تبحث الحركات السنية الكبرى عن منهج جديد بعيدا عن المواجهة أو التخويف بالوصول إلى الحكم ،و التغلغل قد أحد الوسائل و أحد الحلول ..
لا أريد أن أطيل فلكل قوس باريها..
تحياتي لك استاذنا الكريم…