ثنائية العلو والدنو في استشهاد القائد البطل إسماعيل هنية

أ.د. محماد رفيع(*)

إن ما لا يعرفه ولا يقوى على استساغته كيان الغدر والاغتيال أن القائد الشهيد إسماعيل هنية اختاره الله واصطفاه واجتباه بأن ختم له مسيره الجهادي الطويل بالشهادة على يد كيان غاصب غادر أجرم في حق العالم والإنسانية بأحكام قضائية أممية، ونصوص قانونية دولية وإنسانية، وتقارير منظمات أممية بالعشرات، كيان أثبت للعالم أنه لا يحسن إلا الدمار والقتل غيلة وغدرا ، عاجز عن العيش بين الناس بلا غدر وخيانة، فأخزاه الله في العالمين ذلا وصغارا ومقتا، وأعلى من شأن الشهيد البطل أبي العبد، وكل شهداء غزة وأهلها الصامدين الشامخين المحتسبين ومقاوميها الأشداء على الصهاينة القتلة الأندال، بعون المنتقم الجبار سبحانه.

إن المطلع على سيرة ومسير بطلنا الشهيد إسماعيل هنية، يدرك عناية الله بهذا الرجل أن سخره لحمل قضية فلسطين التي ناءت بحملها أجيال كثر منذ صحبته للشيخ المؤسس الشهيد أحمد ياسين رحمه الله، فما وهن وما استكان أمام ما تعرض له من محن وأهوال شداد في نفسه وأهله وأصحابه وشعبه، من الأعداء والأقرباء، وكان يقابل ذلك بالتحمل والصبر والمصابرة ويتصرف بكل حكمة وتبصر عاليين، فلما تحمل مسؤولية الحكومة الفلسطينية إثر الانتخابات المشهودة في الضفة والقطاع،سنة 2006 واجه من المصاعب والمكائد ومحاولات الاغتيال ما لا يعلمه إلا الله، فتحمل واصطبر، و أظهر الحكمة العالية والتدبير الرشيد وسط الأهوال، فلما اختاره إخوته في حركة حماس رئيسا لمكتبها السياسي، كان في تمام حجم المسؤولية وعلو مستواها، فأحسن تدبير ملف القضية الفلسطينية باقتدار نادر سياسيا ودبلوماسيا وتنظيميا وغيرها، في لحظات الحصار والتآمر الداخلي والخارجي، ولعل قيادته السياسية لطوفان الأقصى الجاري، وقدرته على ربط الجسور بين مختلف الفصائل الفلسطينية، والدول العربية والإسلامية، وغيرها، خير شاهد على قيمة ووزن الرجل، وأنه رحمه الله قبل ذلك وأثناءه وبعده رجل رباني قرآني دائم التضرع لمولاه في جوف الليل والناس نيام، وهو لطيف المعشر رحيم ودود بشوش، يخطف قلب كل من رآه أو جالسه محبة، بتواضعه وعلمه وحلمه ونباهته، فرحمه الله رحمة وافية، وألحقه بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأجار الأمة كلها في هذا المصاب الجلل، وقيض لها أمرًا رشدا.

وتأتي الجنازة المشهودة للشهيد إسماعيل هنية اليوم بالدوحة لتميط الغشاوة عن جميع العيون أن الرجل الشهيد رمز الأمة الكبير، والقيادي الحكيم المحبوب من الأمة كلها، المحترم من الخصوم والأعداء، وأن استشهاده من وجه آخر خزي وذل وصغار وترد للكيان الغادر، أعلن بهذا الاغتيال أنه خرب بيته بيده، مصداقا لقول الله تعالى في سور الحشر: “يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين”، فاللهم عجل بإنهاء جرثومة هذا الكيان الغادر الذي أتعب الإنسانية بشروره وحروبه ومؤامرته.


(*) أستاذ أصول الفقه ومقاصد الشريعة، ورئيس المركز العلمي للنظر المقاصدي في القضايا المعاصرة – المغرب.

اترك تعليق

  1. يقول webmaster:

    I simply could not go away your web site prior to suggesting that I really enjoyed the standard info a person supply on your guests Is going to be back incessantly to investigate crosscheck new posts

  2. يقول kalorifer soba:

    Your blog is a testament to your passion for your subject matter. Your enthusiasm is infectious, and it’s clear that you put your heart and soul into every post. Keep up the fantastic work!