رسالة وكيل وزارة الأوقاف بغزة للعلماء والدعاة بعد 300 يوم من معركة طوفان الأقصى

بقلم/ د. عبد الهادي سعيد الأغا(*)

صدق الله ولن يُخلف الله وعده

300 يوم وما ازددنا في الله إلا إيمانا وتسليما “ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما”.

إنها معركة فاصلة بين حقنا المتجذر في هذه الأرض وباطلهم الزائف الزائل بعون الله تعالى.

300 يوم ونحن ندفع أثمانًا تفوق كل التصورات البشرية، ولا زلنا مع كل أبناء شعبنا على عهدنا مع ربنا ومع نبينا صلى الله عليه وسلم ومع قدسنا وأرضنا وشهدائنا وأسرانا، لم نخلف وعدا ولم ننكث عهدا، ولم نعط دنية، ومع كل يوم نزداد ثقة بوعد ربنا، ولكنه الدرب الذي اختارنا الله له، وكنا نُحدث بعضنا عنه واليوم نعيشه ونراه “أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله إلا إن نصر الله قريب”.

أيها العلماء والدعاة:

أنتم عصب الثلة القليلة التي يقوم عليها الأمر، وتقع عليها المؤاخذة، ويتحقق بها الوعد، ويتنزل عليها النصر،  أن نصر الله قريب الآن منا، وما يحجبه عنا إلا بعض ظن بعضنا بربنا، فالله لا يحبس نصره لما يكون من بعض العامة، فلا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، وإنما بما يقع من الصفوة، أما رأيتم في أُحد نصرنا الله رغم تولى ثلث الجيش بقيادة رأس النفاق ابن سلول، ورفع الله نصره حينما خالف بعض الصفوة أمر النبي صلى الله عليه وسلم، لذا علينا أن نُحسن ظننا بربنا، ونثق أن نصره قريب منا وفي اللحظة التي تنعدم فيها الأسباب ولا يبق في القوس منزع، نراه حقا وصدقا وعدلا “حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين”.

أيها العلماء والدعاة:

في كل يوم يمر يتأكد لنا أننا نخوض معركة استراتيجية فاصلة، لا أقول في تاريخ شعبنا، بل في تاريخ الأمة والبشرية جمعاء، إنها معركة العصر التي ستغير بإذن الله وجه العالم، وتعيد الحق إلى نصابه، وتحمل البشرية إلى الجادة، وتضع العالم أمام مفرق طرق، وإن ما نراه من تغيرات عالمية يؤكد هذا، وإن المتابع لهذه التغيرات يراها تتراكم لصالح قضيتنا الفلسطينية العادلة، وقيمنا الإسلامية الراقية، وإن هزيمة الكيان قاب قوسين أو أدنى، وإن زواله مسألة وقت، وبذلك تبدأ مرحلة عالمية جديدة تكون لصالح المستضعفين في المشارق والمغارب.

العلماء والدعاة … يا أئمة الهدى

إذا كان الأمر كذلك فاعلموا أن الثمن كبير وما دفعناه في سبيل ذلك يهون، وعلينا أن نكون على قدر المسؤولية وأن نقدم النموذج المشرف لشعبنا وأمتنا، وصدق الشاعر:

قد رشحوك لأمر لو فطنت له     فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل..

لقد اختارنا الله لنكون قدره في الأرض، نحمل أمانة الدين والكتاب وأمانة الجهاد والحراب، فيخصنا دون كل الأجيال، ودون كل البلدان بأن نحمل الراية، ونقود الجموع، ونفوز بشرف تحرير مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وإعادة مجدنا التليد، وتجديد تاريخنا المجيد قال تعالى: “وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون”، فطوبى للسالكين الصادقين، ولكن: (يا حارثة عرفت فلزم).

السادة العلماء والدعاة:

أمام هذه المسؤولية الكبرى التي تقع علينا فإنني أذكر ببعض واجبات العلماء والدعاة في هذه المرحلة الفاصلة، والتي من أهمها:-

1.الحضور الدائم في كل الميادين والساحات، ومشاركة الناس في كل أحوالهم قدر الاستطاعة، فإن لهذا الحضور أثر كبير جدا، ومن أمثلة ذلك: الجنائز، والعزاءات، والمواساة، وكذلك المشاركة في كل المناسبات التي يصنعها الناس في نزوحهم.

2.نشر الوعي بحقيقة الصراع مع الصهاينة، والتذكير بتاريخهم الإجرامي ضد شعبنا، منذ النكبة وإلى اليوم، والإشارة إلى أهدافهم في إنهاء وجودنا، والسيطرة على كل فلسطين، على اعتبار أنها أرض يهودية.

3. الاستمرار في الدروس المسجدية، وتكثيف الجولات الدعوية على مراكز ومخيمات النزوح، والتركيز على ما يثبت الناس، ويفتح لهم أبواب الأجر، وبيان بعض الأحكام والمسائل المتعلقة بالواقع وخاصة فقه النزوح.

4. ضرورة تفعيل النشر الإلكتروني للمواد الدعوية، والشرعية على أوسع نطاق، فلا يزال عدد غير قليل من أهلنا يتابعون مواقع التواصل.

5. التركيز على نشر النماذج المشرقة سواء في ميدان الجهاد وبطولات إخواننا المجاهدين، أو الميدان الاجتماعي والقيمي وما يكون فيه من نماذج ملهمة.

6. التركيز على الموضوعات التي تبعث على الأمل، وتقوي الايمان، وتثبت القلوب ولعل من أبرزها:

الحديث عن عظمة الله وقدرته المطلقة ولكنه يختبرنا بما نحن فيه.

التذكير بسنن الله في الكون من إمهال الظالمين، وتمحيص المؤمنين.

بيان مقربات النصر، ومعجلات الفرج.

أهمية استحضار النية لأخذ الأجر (ضرورة تكراره دائما).

التذكير بأهوال القيامة التي نتقيها بصبرنا على أهوال الحرب.

التذكير بما أعده الله للمؤمنين من النعيم المقيم، وللمجرمين عذاب الجحيم.

عرض نماذج الرسل والصحابة الأولين في جانب التضحية لأجل الدين.

التركيز على تصحيح بعض المفاهم والمعتقدات وفق الآيات القرآنية وخاصة التي تنهى عن ظن العجز وعدم القدرة على الكافرين “لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض…” وغيرها من الموضوعات ذات الصلة مع ضرورة الاجتهاد في ذلك، وجاري الترتيب لإصدار قائمة موضوعات مقترحة من خلال الإدارة العامة للدعوة والإرشاد.

ختاما.. أيها الصفوة:

الدنيا بأجمعها مذهولة لصبركم، متعجبة من بطولاتكم، وقوى الشر حائرة في أمركم، عاجزة أمام ثباتكم، وأفئدة المؤمنين تنبض بحبكم، وتلهج بالدعاء لكم، ويرجون عزكم، فاحذروا أن يشمت بنا عدو، أو ينكسر قلب محب، وشعارنا.. لن يسبقني أحد بسهمه في هذه المعركة، فنحسب أنها الأثقل في ميزاننا.

انتبه..ثغرك ثغرك فلا نُؤتى من قبلك.

وعلى موعد مع نصر قريب وفتح مبين بإذن الله رب العالمين قال تعالى: “فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون” وقال أيضا: “ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم”.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


(*) وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية – غزة.

اترك تعليق

  1. يقول الرحيق المختوم:

    حسبنا الله ونعم الوكيل
    اصبروا فأنتم قادتنا تاج فوق رؤوسنا
    آواكم الله أيدكم الله نصركم الله

  2. Usually I do not read article on blogs however I would like to say that this writeup very compelled me to take a look at and do it Your writing style has been amazed me Thank you very nice article