بقلم تحرير الموقع
صدر مؤخرا العدد (105) من مجلة الفكر الإسلامي المعاصر، مخصصا للسنن الإلهية، ومتضمنا بحوثا نافعة وأفكارا قيمة، لعدد من المفكرين والعلماء والكتاب ذوي القدر والمكانة الفكرية والأكاديمية.
جاءت الافتتاحية بقلم العالم الكبير أ.د. عماد الدين خليل متحدثا فيها عن التحديات المعاصرة التي تواجه الأمة، وعلاقة هذه التحديات بقوانين الحركة التاريخية أو سنن الله العاملة في التاريخ، وأن هذه السنن لها أهمية خاصة في التعامل مع هذه التحديات، مما يتطلب فِقهاً حضارياً؛ أي وعياً بقوانين الحركة التاريخية؛ ومن ثمَّ فإن على مثقفينا عامةً، وطلبة الجامعات في عالم الإسلام كلّه، بشكل خاص، والمعنيين بالتخصصات التاريخية والحضارية على وجه التحديد، أن يولوا اهتماماً أكبر لهذه المطالب والتحديات، وألّا يكتفوا بمعارف تاريخية وحضارية مفككةً، يتلقونها أو يتعاملون معها على عجل، ويتخرجون مكتفين بالشهادات وحدها، دون فهم عميق لما ينبغي أن يكونوا على وعيٍ به في سياق تخصصهم المهم هذا.
وجاءت دراسة أ.د. علياء العظم بعنوان: “حالة البحوث في السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات”؛ حيث اهتمت بحالة البحوث التي تختصّ بقضية السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات، وتُتابِع ما تناوله الفكر الإنساني عن القوانين التي تحكم بناء الأُمم، وتكشف عمّا ورد من أدبيات عن السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات في الفكر الإسلامي، بَدْءاً بالتراث، وانتهاءً بما آلَ إليه الحال في العصر الحديث، وتنتهج الدراسة في ذلك كُلّاً من المنهج الاستقرائي، والمنهج الوصفي، والمنهج النقدي، وقد كشفت الدراسة أنَّ الفكر الإنساني قد تناول هذه القضية منذ القرن السادس قبل الميلاد، وأنَّ ما يُسمّى عصر النهضة في الغرب قد شهد نشاطاً فكرياً فاعلاً تجاه القضية نفسها؛ ما أفرز مصطلحات ونظريات كان لها تأثير على أرض الواقع.
فيما جاءت دراسة أ.د. فتحي حسن ملكاوي بعنوان: “سُنَن قيام الأُمم”؛ حيث ركز على تقرير أن مفاهيم: السُّنَّة، والقيمة، والأُمَّة، مفاهيم مركزية في معجم الألفاظ القرآنية، ويعد استحضار هذه المفاهيم حاجة مطلوبة في كل وقت، لكن حالة الأُمَّة الإسلامية في العالَـم المعاصر، تستدعي مزيداً من الاهتمام بها وإيلائها الأولوية. وتتأكَّد الحاجة إلى هذا الاهتمام عندما نُدرِك موقع الثقافة السُّنَنية والتفكير السُّنَني، والاعتبار بالسُّنَن في حياة الأُمم كما يعرضها القرآن الكريم؛ فقيام الأُمَّة وبقاؤها يعتمد على عدد من الـمُقوِّمات، تقوم الأُمَّة بوجودها، وتضعف أو تنهار بغيابها، وهذه سُنَّة الله، ويتضمَّن هذا البحث أربعة مباحث، تبدأ بالحديث عن السُّنَّة، ثمَّ عن الأُمَّة، ثمَّ ينطلق الحديث عن سُنَن قيام الأُمم عن طريق الربط بين السُّنَن والقِيَم والـمُقوِّمات، وتأكيد موقع منظومة القِيَم العُليا في كيان الأُمَّة. ثم يأتي البحث على علاقة سُنَّة التغيير بمنظومة القِيَم، وصلتها بعدد من القِيَم التي لا تقوم الأُمَّة دون وجودها.
أما بحث أ.د. عزمي طه السيد أحمد، فقد جاء بعنوان: “فِقْه السُّنَن الإلهية والثقافة السُّنَنيّة”، الذي استهدف تعرّف حقيقة السُّنن الإلهيّة، وفهمها فهماً دقيقاً وعميقاً وفْق جوانبها المتعدّدة. والسنن الإلهيّة: هي منظومة من النّواميس، التي وضعها الله سبحانه وتعالى، وقدّرها تقديراً في مجالات ثابتة، ومطّردة، ومتكاملة، ومتناسقة؛ لتكون هداية للناس وعِبَراً؛ ولكي تسير الحياة بكلّ جوانبها، وفْقاً لهذه السُّنن دون إكراه، وتضمّن البحث جزأين مترابطين، هما: نظري، ويُقصد به تعرّف -قدر الطاقة- حقيقة السُّنن الإلهية، الـمُعبَّر عنها بـ”فِقْه السُّنن الإلهيّة”. والثاني عملي، هدفه تطبيق الجزء النّظري من الثّقافة السُّننيّة في الواقع المعيش.
والبحث الموالي كان للأستاذ الدكتور عمار قاسمي بعنوان: “الإنسان السُّنَني بين التفكير الحداثي وقِيَم الاستخلاف والعمران”، بين فيه أهمية النظر في مفهوم “الإنسان الخليفة” في أصوله والأبعاد الـمُكوِّنة لماهيَّته وهُوِيَّته بوصفه إنساناً، والكشف عن خصائص الإنسان السُّنَني برصد الإنسان الخليفة وعلاقته بالسُّنَن الفطرية والنفسية والكونية، ثمَّ النظر السُّنَني في الأصول المعرفية للتفكير الحداثي، وإعادة توجيهها بقِيَم الاستخلاف والعمران.
أما بحث الأستاذ الدكتور راشد سعيد يوسف شهوان، فكان بعنوان: “خصائص السُّنَن الإلهية وأبعادها العلمية والحضارية”، ذكر فيه خصائص السُّنَن الإلهية ودلالاتها في القرآن الكريم والسُّنَّة الـمُطهَّرة، مشيراً في ثنايا الحديث عن هذه الخصائص إلى أبعادها العلمية والحضارية، وأهميتها في بناء الأُمم وارتقائها.
فيما جاء بحث للأستاذ الدكتور رشيد كهوس ( أبو اليسر) بعنوان: “موقع التفكير السُّنَني في حركة الإصلاح الفكري المعاصر”، استهدف فيه إبراز موقع التفكير السُّنَني في حركة الإصلاح الفكري المعاصر مشرقاً ومغرباً، وذلك بدراسة نماذج من مشاريع الـمُفكِّرين المعاصرين، والوقوف على الوعي السُّنَني الموجّه إلى هذه الحركة، وكشفت الدراسة البحثية عن حضور الوعي السُّنَني في فكر كثير من الـمُفكِّرين المعاصرين، وذلك من خلال تمسُّكهم بالمنهج السُّنَني الهدائي في قراءة التاريخ وإبصار الحاضر وتقويمه واستشراف المستقبل، وتضمَّن البحث عرض ثلاث مدارس معاصرة، هي: مدرسة الـمُفسِّرين المعاصرين، ومدرسة الـمُفكِّرين، ومدرسة أسلمة المعرفة، وانتهى إلى أنَّ الفكر الإسلامي المعاصر ما يزال مشدوداً إلى التفكير السُّنَني بوصفه أحد أهمِّ الموضوعات المصيرية الحيوية للأُمَّة، التي تُمثِّل دراستها مفتاحاً لإيجاد الحلول لكثير من المشكلات الاجتماعية والحضارية المعاصرة.
وتضمن العدد قراءة أو مراجعة مهمة للأستاذ الدكتور عبد الله عطا عمر؛ حيث قدم لنا قراءة ببليوجرافية لما نشر في مجلة “الفكر الإسلامي المعاصر”، التي هي “إسلامية المعرفة سابقا”، وقام بالوقوف على ما جاء في المجلة من مقالات وعناوين حول السُّنن الإلهية، في محاولة لتجزئة هذا الموضوع حسب مضامينه والزاوية التي نظر منها أصحابها إلى هذه المسألة؛ كلٌّ بحسب تخصُّصه وفكره؛ ما جعل هذه المقالات تَتَّسِق معاً لبيان موضوع السُّنَن الإلهية وتجليته. ويمكن تقسيم الموضوعات التي تم تتبعها في هذا الموضوع إلى ثلاثة أُطر؛ السُّنَن الإلهية، والبحوث التي تناولت السُّنَن الإلهية بشيء من التفصيل، والبحوث التي أشارت إشارة عابرة إلى السُّنَن الإلهية. وقد رأَيْنا أنْ نخصَّ بالذكر تلك البحوث التي عُنِيت فقط بموضوع السُّنَن الإلهية، وقد جاءت هذه القراءة في خمسة محاور، هي: المحور الأول: السُّنن الإلهية وأثر فهمها في الفرد والمجتمع. المحور الثاني: منهج القرآن ومقاصده في بناء الإنسان وبناء الأمم والمجتمعات. المحور الثالث: أهمية فهم السُّنن الإلهية في تفسير التاريخ ورؤية العالم وإعمار الكون. المحور الرابع: التوحيد؛ رؤية للكون وإبستمولوجيا بناء الوعي. المحور الخامس: علاقة السُّنن الإلهية بقيام الحضارات وانهيارها.
واختتم العدد بعروض مختصرة قام بها إيصال صالح الحوامدة، وقدم فيها خلاصات لعدد وافر من الدراسات في السنن الإلهية، بلغ (19) دراسة، هي:
السُّنَن الاجتماعية في القرآن الكريم وعملها في الأمم والدول، محمد أمحزون، والسُّنَن الإلهية ودورها في البناء الحضاري للأمة، جمال نصار، والإنسان في القرآن: مدخل لدراسة الأنثروبولوجيا القرآنية، صفوت مصطفى خليلوفيتش، والإنسان في فلسفة الحداثة التأويل الثقافي لإنسان الحداثة، أحمد جعيب كاظم، ومدخل إلى الأنسنة الإسلامية، عبد الله إدالكوس، والإنسان وفلسفة العمران في آيات القرآن: بحوث في آيات العمران في القرآن، تنسيق وتحرير: د. عبد البارئ الولهاني، والإنسان بين قوانين الكون وقوانين القرآن، عبد الله ناصر الحياني، والإنسان والقرآن: معالم علم الوجهة، ناجي بن الحاج الطاهر المزوغي، والإنسان والعمران واللسان، إدريس مقبول، والعلوم الإسلامية وأثرها في تدبير المشكلات الإنسانية وتحقيق مقصد الاستخلاف “أعمال ندوة”، تقديم ومراجعة: نجيب العماري، والتفسير الاجتماعي للقرآن الكريم في العصر الحديث، عبد القادر الشايط، والسُّنَن الإلهية الكونية والاجتماعية مقدمات ومفاهيم وأصول، رشيد كهوس.
وبقية الدراسات باللغة الإنجليزية على النحو الآتي:
Nation-Building and Turkish Modernization: Islam, Islamism, and Nationalism in Turkey, Edited by Rasim Özgür Dönmez and Ali Yaman, Pennsylvania.
A Quarter Century of the “Clash of Civilizations”, Edited By Jeffrey Haynes.
Islamic Revivalism and Politics in Malaysia: Problems in Nation Building (Critical Studies of the Asia-Pacific), by Bob Olivier, Germany.
Divine Covenant: Science and Concepts of Natural Law in the Qur’an and Islamic Disciplines (Themes in Qur’anic Studies), by Mårtensson Ulrika.
Vicegerency in Islamic Thought and Scripture: Towards a Qur’anic Theory of Human Existential Function, By Chauki Lazhar.
Recasting Islamic Law: Religion and the Nation State in Egyptian Constitution, by Rachel M. Scott.
Islamic Empires: Fifteen Cities that Define a Civilization, by Justin Marozzi.
هذا، وسوف يتابع مركز الشهود الحضاري نشر هذه البحوث على نوافذه المختلفة.
جزاكم الله خيرا، كيف لنا أن نحصل على المجلة
في فلسطين غزة
نفع الله بكم.. هل المجلة متاحة للتحميل، إن كان كذلك فرجاءا رابط التحميل لو تكرمتم وشكرا