فِقْه السُّنَن الإلهية والثقافة السُّنَنيّة (1-3) – دراسة

بقلم د. عزمي طه السيد أحمد*

الملخص

يهدف البحث إلى تعرّف حقيقة السُّنن الإلهيّة، وفهمها فهماً دقيقاً وعميقاً وفْق جوانبها المتعدّدة. والسنن الإلهيّة: هي منظومة من النّواميس، التي وضعها الله سبحانه وتعالى، وقدّرها تقديراً في مجالات ثابتة، ومطّردة، ومتكاملة، ومتناسقة؛ لتكون هداية للناس وعِبَراً؛ ولكي تسير الحياة بكلّ جوانبها، وفْقاً لهذه السُّنن دون إكراه.

وتضمّن البحث جزأين مترابطين، هما: نظري، ويُقصد به تعرّف -قدر الطاقة- حقيقة السُّنن الإلهية، الـمُعبَّر عنها بـ”فِقْه السُّنن الإلهيّة”. والثاني عملي، هدفه تطبيق الجزء النّظري من الثّقافة السُّننيّة في الواقع المعيش.

وقد وصل البحث إلى الفصل بين سنن الكون الطّبيعيّة وسنن الحياة الإنسانيّة. كما أكّد ترابط السّنن الإلهيّة وتكاملها؛ لفهم آليات عملها في حياة الناس.

كلمات مفتاحيّة: السُّنن الإلهيّة، فِقْه السُّنن، الثّقافة السُّننية، الثّبات، الاطّراد، الاتّساق، التّكامل.

 

 مقدمة

الحمد لله خالق كل شيء بنظام وتقدير، والحمد لله ربِّ كل شيء، الذي لم يترك خَلْقه أجمعين دون رعاية وتربية وهداية، والصلاة والسلام على أنبياء الله جميعاً، وعلى خاتمهم محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحابته ومَنْ سار على هُداه، وبعدُ؛

فإنَّ عنوان هذا البحث يتألَّف من جزأين مترابطين؛ الأوَّل: نظري، وأعني به تعرُّف -قَدْر الطاقة- حقيقة السُّنَن الإلهية، الـمُعبَّر عنها هنا بـ “فِقْه السُّنَن الإلهية”. والثاني: عملي، هدفه تطبيق الجزء النظري في الواقع الـمَعيش، وأعني به “الثقافة السُّنَنية”.

وربط المعرفة العلمية وتأسيسها على المعرفة النظرية هو دَأْبُ العلماء والفلاسفة والحكماء؛ ذلك أنَّ العمل إذا لم يكن مُستنِداً إلى عِلْم نظري؛ أيْ على حقائق، فإنَّه سيكون خبط عشواء، قلَّما يكون صائباً، وإنْ أصاب مَرَّةً فبالمصادفة البحتة والعمياء التي لا يُبنى عليها نتائج يوثَق بها، ويُنتفَع منها.

ويُؤكِّد هذا المعنى فيلسوف العرب أبو يوسف يعقوب بن إسحق الكندي (185ﻫ-256ﻫ) في قوله: “…؛ لأنَّ ذوي الحكمة إذا أرادوا أنْ يفعلوا شيئاً قدَّموا قبله النظر” (الكندي، 1987، ص122).

وفي هذا البحث سنتكلَّم عن سُنَن أُضيفت إلى الله سبحانه وتعالى. وعليه، سيكون البحث عن حقيقة هذه السُّنَن في كلام الله سبحانه وتعالى الذي لم يلحقه تغيير أو تحريف، وهو القرآن الكريم؛ إذ هو واضعها، والـمُخبِر بها، وفيما صَحَّ من سُنَّة نبيِّه الخاتم؛ إذ هي تفصيل وبيان للقرآن الكريم. ولن يكون هذا البحث في كلام البشر إلّا أنْ يكون توضيحاً لفهم كلام الله سبحانه وتعالى، وكلام رسوله الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم، ولكنَّنا قد نستأنس بما وصل إليه الإنسان من علوم مختلفة، نستعين بها لفهم ما ورد عن هذه السُّنَن في كتاب الله سبحانه وتعالى، أو في صحيح سُنَّة رسوله u، أو لتعرُّف أمثلة تطبيقية عليها دون أنْ نجعلها مصدراً أو مرجعاً بديلاً عن القرآن الكريم.

إنَّ أهمية تعرُّف حقيقة السُّنَن الإلهية وفهمها فهماً دقيقاً وعميقاً له جوانب مُتعدِّدة، أهمُّها: اشتمالها على العِبَر، وإسهامها بتطبيق هذه السُّنَن على أرض الواقع؛ ما يؤدّي إلى تحقيق خير الإنسان -فرداً، وجماعةً- في هذه الحياة الدنيا أوَّلاً، ثمَّ في الآخرة، بوصف ذلك نتيجةً وجزاءً لتطبيقه سُنَن الله سبحانه وتعالى، التي هي في جوهرها هداية له؛ إذ تُبيِّن له كيف يتعامل في حياته هذه مع الوجود في جميع أجزائه؛ أيْ مع الخالق والمخلوقات. وحين يتمُّ ذلك بناءً على فِقْه هذه السُّنَن (معرفة حقيقتها)، فإنَّ الإنسان سيُحقِّق المهمة التي انتدبه الله لها؛ أي الخلافة في الأرض التي تتمُّ بعمرانها، وسيُحقِّق -في الوقت نفسه- الغاية التي خُلِق من أجلها؛ أي عبادة الله سبحانه وتعالى؛ هذه العبادة التي فيها خير الإنسان، وتكميل وجوده وكيانه وفطرته.

إنَّنا نأمل أنْ يُسهِم هذا البحث الـمُتواضِع، ولو بصورة يسيرة، إلى جانب الجهود البحثية الأُخرى لعدد من المهتمين بموضوع السُّنَن الإلهية، في زيادة الوعي بحقيقة هذه السُّنَن، وبالحاجة إلى تجسيدها في واقع الأُمَّة التي تداعت عليها الأُمم المعادية كتداعي “الأَكَلَة على قصعتها”.

وإذا كان القرآن الكريم هو المرجع الأوَّل والأساس لتعرُّف السُّنَن الإلهية وفهمها، فإنَّ منهج ذلك يكون بتدبُّر القرآن الكريم، عن طريق الاستعانة بمناهج التفسير المختلفة، وعلى رأسها “التفسير الموضوعي”، واستقراء جميع الآيات القرآنية التي تحتوي على لفظ “سُنَّة” أو لفظ “سُنَن” والألفاظ المقاربة، بصورة صريحة مباشرة أو غير مباشرة؛ ما يُمكِّن من فهم هذه الآيات، والوصول من ذلك إلى بيان حقيقة السُّنَن الإلهية التي هي أشبه بأحكام عامة وقوانين ثابتة. وبطبيعة الحال، لا بُدَّ من الرجوع إلى السُّنَّة النبوية (الـمُبيِّنة والـمُفصِّلة والـمُفسِّرة للقرآن الكريم).

ويحتاج الباحث في موضوع السُّنَن الإلهية إلى منهج الاستنباط، ليستخرج المعاني الكامنة في النصوص القرآنية التي يَرِدُ فيها لفظ “سُنَّة” أو لفظ “سُنَن”. ويُمكِن وصف هذا المنهج في المصطلح القرآني بـ”التدبُّر”، عِلْماً بأنَّ قدرة الباحثين على الاستنباط (التدبُّر) متفاوتة لأكثر من عامل، مثل درجة الاطِّلاع على العلوم المختلفة؛ اللغوية، والطبيعية، والإنسانية، والصورية.

ومن مُقدِّمات منهج الاستنباط (التدبُّر) النظرُ الذي أمرَنا به الخالق سبحانه في مثل قوله تعالى: ﴿قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُمۡ سُنَنࣱ فَسِیرُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُوا۟ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِینَ﴾ [آل عمران ١٣٧]وهذا النظر هو بمنـزلة الملاحظة المقصودة، وهو يبدأ نظراً حِسِّياً يتمُّ بوساطته جمع معلومات، ثمَّ يعمل العقل على تأمُّلها واستنباط ما يَلزم من نتائج منها.

والـمُلاحَظ أنَّ عدداً من الباحثين والعلماء قد اهتمّوا بموضوع السُّنَن الإلهية خلال القرن الماضي، وقدَّموا في ذلك دراسات عديدة نافعة، استفاد منها الباحث هنا، الذي يرى من المناسب الإشارة إلى بعضها فقط؛ إذ يصعب حصرها جميعاً. من هذه الدراسات: (عرجون، 1971؛ هيشور، 1996؛ زيدان، 1992؛ البوطي، 2011؛ المغربي، 2007؛ كهوس، 2015؛ كهوس، 2010؛ عاشور، 2013).[1]

أولاً: فِقْه السُّنَن الإلهية:

أشرْنا في المقدمة إلى أنَّ هذا البحث يتألَّف من قسمين، هما: فِقْه السُّنَن الإلهية، والثقافة السُّنَنية.

وسنبدأ الحديث عن فِقْه السُّنَن الإلهية، فنقول بدايةً: الفِقْه لغةً هو الفهم والفطنة وحُسْن الإدراك. (مجمع اللغة العربية، 2004، مادة فِقْه) وهذا هو المعنى العام الذي نقصده هنا، وهو ذو صلة وثيقة بالفِقْه في الشريعة وأمور الدين. ونُؤكِّد هذا المعنى بالقول: الفِقْه عامةً هو الفهم الدقيق للموضوع الذي يُبحَث عنه، وهو المعرفة الصائبة -قَدْر الطاقة- لجميع ما يتعلَّق بماهيته وحقيقته من أمور، مثل: صفاته الذاتية[2] (الذاتيات)، وعِلَله الفاعلة والمادِّية والصورية والغائية، وعلاقاته بغيره من الأمور أو الأشياء الأُخرى المقاربة، فإذا تمَّ للمرء أو الباحث معرفة جميع ما تقدَّم ذكره كان فقيهاً في ذلك الموضوع.

سنحاول في ما يأتي توضيح “فِقْه السُّنَن الإلهية” عن طريق تطبيق هذا الفهم؛ أيْ ببيان الأمور التي يحتاج إليها الفهم الدقيق لموضوع السُّنَن الإلهية.

مفهوم “السُّنَن الإلهية”

أ. المعنى اللغوي للفظ “سُنَّة”

أورد “المعجم الوسيط” خلاصة للمعنى اللغوي لِما ورد في معاجم اللغة العربية الرئيسة:[3] “السُنَّة: الطريقة، والسيرة حميدة كانت أو ذميمة.” “وسَنَّ فلان السُّنَّة: وضعها. وكل مَنِ ابتدأ أمراً عمل به قوم بعده فهو الذي سَنَّه.” ويقال: “سَنَّ فلان طريقاً من الخير لقومه فاستنّوا به وسلكوه” (مجمع اللغة العربية، 2004، مادة سنن).

وجاء في “معجم مقاييس اللغة”: “السين والنون واحد مُطَّرد، وهو: جريان الشيء واطِّراده في سهولة” (ابن فارس، د.ت، ج3، ص60).

وبوجه عام، فإنَّ معاني “السُّنَّة” في اللغة تشير إلى الطريقة الـمُتَّبَعة الـمُطَّردة في سهولة ويسر.[4]

ب. المعنى الاصطلاحي لِـ”السُّنَن الإلهية”

يُبحَث عن المعنى الاصطلاحي للسُّنَن الإلهية في كلام الله سبحانه وتعالى، ويُستنبَط منه. هذا الذي لم يُبدَّل أو يُحرَّف، وهو -كما هو معلوم- القرآن الكريم؛ ذلك أنَّ الله تعالى أنـزل القرآن الكريم فيه بيان لكل شيء. قال تعالى: ﴿وَنَزَّلۡنَا عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ تِبۡیَـٰنࣰا لِّكُلِّ شَیۡءࣲ وَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣰ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُسۡلِمِینَ﴾ [النحل ٨٩] ثمَّ إنَّ مُنـزِّل هذا الكتاب الكريم هو واضع هذه السُّنَن في مخلوقاته ولها، فلا أحد غير الله -وهم لم يخلقوا شيئاً- يعلم حقيقة مخلوقاته كلها، والسُّنَن التي تسير عليها، ووَفقاً لها. قال تعالى: ﴿أَلَا یَعۡلَمُ مَنۡ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِیفُ ٱلۡخَبِیرُ﴾ [الملك ١٤]

وبحسب اطِّلاعنا على الأدبيات الكثيرة التي تختصّ بموضوع السُّنَن الإلهية، فقد رأَيْنا اجتهادات عديدة في تحديد موضوعها ومفهومها،[5] وكلها -في نظرنا- مفيدة للباحثين، لكنَّنا لن نستعرض هذه التعريفات جميعها، وإنَّما سنقدِّم التعريف الذي خلَصْنا إليه من النظر في هذه الأدبيات، ومن النظر في سياقات ورود لفظ “سُنَّة” ولفظ “سُنَن” في القرآن الكريم. وهذا التعريف ليس توفيقاً أو تلفيقاً من التعريفات المشار إليها، بل يوجد بينه وبين بعضها تقاطعات بطبيعة الحال.

وسنُقدِّم بين يدي هذا التعريف القول الآتي:

خلق الله سبحانه وتعالى الوجود بمَنْ فيه مِنْ مخلوقات بالحقِّ. والآيات في هذا المعنى كثيرة، منها: قوله تعالى: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۖ وَیَوۡمَ یَقُولُ كُن فَیَكُونُۚ﴾ [الأنعام ٧٣]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَاۤءَ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَیۡنَهُمَا بَـٰطِلࣰاۚ ﴾ [ص ٢٧] وقوله عَزَّ من قائل: ﴿وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَاۤءَ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَیۡنَهُمَا لَـٰعِبِینَ﴾ [الأنبياء ١٦]، وقوله تبارك وتعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَیۡءࣲ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِیرࣰا﴾ [الفرقان ٢].

فخَلْق الوجود بسماواته وأرضه وما بينهما لم يكن لعباً أو عبثاً بلا هدف أو غاية، وهذا كله نقيض الحقِّ. وخَلْق الوجود بالحقِّ يعني وجود نظام دقيق مُحكَم له غايته، وهذا النظام الدقيق للوجود لا بُدَّ أنْ يكون مُتَّسِقاً وغير مُتعارِض في أجزائه كلها، ولو كان خلاف ذلك لفسد نظام الكون، وواقع الحال الـمُشاهَد أنَّه لم يَفْسِد. قال الله سبحانه وتعالى مُؤكِّداً هذا النظام الكوني بمثال، هو حركة جِرْمينِ كبيرينِ في هذا الكون، ظاهرينِ لكل إنسان، وهما: الشمس والقمر، يقول سبحانه: ﴿وَٱلشَّمۡسُ تَجۡرِی لِمُسۡتَقَرࣲّ لَّهَاۚ ذَ ٰ⁠لِكَ تَقۡدِیرُ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡعَلِیمِ وَٱلۡقَمَرَ قَدَّرۡنَـٰهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلۡعُرۡجُونِ ٱلۡقَدِیمِ لَا ٱلشَّمۡسُ یَنۢبَغِی لَهَاۤ أَن تُدۡرِكَ ٱلۡقَمَرَ وَلَا ٱلَّیۡلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلࣱّ فِی فَلَكࣲ یَسۡبَحُونَ﴾ [يس: 38-40]، وقال تعالى: ﴿ٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ بِحُسۡبَانࣲ﴾ [الرحمن ٥]، أيْ بحساب دقيق.

وقد أطلق القرآن الكريم على هذه الظواهر الكونية اسم الآيات؛ أي العلامات والشواهد والدلائل على وجود الله الخالق ووحدانيته، وذكَّرَنا بعددٍ منها. قال سبحانه: ﴿إِنَّ فِی خَلۡقِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَـٰفِ ٱلَّیۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱلۡفُلۡكِ ٱلَّتِی تَجۡرِی فِی ٱلۡبَحۡرِ بِمَا یَنفَعُ ٱلنَّاسَ وَمَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مِن مَّاۤءࣲ فَأَحۡیَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَا وَبَثَّ فِیهَا مِن كُلِّ دَاۤبَّةࣲ وَتَصۡرِیفِ ٱلرِّیَـٰحِ وَٱلسَّحَابِ ٱلۡمُسَخَّرِ بَیۡنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَعۡقِلُونَ﴾ [البقرة ١٦٤] ، وقال تعالى: ﴿سَنُرِیهِمۡ ءَایَـٰتِنَا فِی ٱلۡـَٔافَاقِ وَفِیۤ أَنفُسِهِمۡ حَتَّىٰ یَتَبَیَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّۗ﴾ [فصلت ٥٣]. وهذه الآية الكريمة تُبيِّن أنَّ الدلائل (الآيات) التي تدلُّ على وجود الله خالق كل شيء ليست في الكون الطبيعي فحسب، بل هي أيضاً ظاهرةٌ لكل مُتأمِّل في الإنسان والحياة الإنسانية. وهذه الآيات الإنسانية لها نظام دقيق يُحكِم حركتها، وقد سمّاها القرآن الكريم الـ سُّنَن (البطيوي، 2018، ص96-99).[6] ومن هنا، فإنَّنا سنقصر تعريفنا للسُّنَن الإلهية على هذا النظام الـمُتعلِّق بالحياة الإنسانية (الفردية، والجماعية، والحضارية).

وسنُقدِّم تعريفنا لمفهوم “السُّنَن الإلهية”، وهو:

“السُّنَن الإلهية هي منظومة من النواميس، وضعها الله الخالق، وقدَّرها تقديراً، فجاءت ثابتة، مُطَّردة، مُتكامِلة، مُتَّسِقة، وجعلها سبحانه أمثالاً، هدايةً للناس وعِبَراً؛ لكي تسير الحياة الإنسانية بكل جوانبها (الفردية، والجماعية، والحضارية) وَفقاً لها بلا إكراه، بحيث يؤدّي تطبيقها إلى نتائج إيجابية فيها الخير، ويؤدّي إهمالها إلى نتائج سلبية فيها الاضطراب والشَّرُّ”.

[معاني ودلالات مفهوم السنن الإلهية]

وهذا التحديد لمفهوم “السُّنَن الإلهية” يتضمَّن معاني ودلالات عديدة، نرى من المفيد بيانها، فنقول:

أوَّل ما يواجهنا في تعريف “السُّنَن” أنَّها منظومة، وهذا يعني أوَّل ما يعنيه أنَّ السُّنَن الإلهية مُتعدِّدة، وأنَّ لها نظاماً مُتَّسِقاً لا تعارض بين أجزائه ولا معاندة.

ثمَّ إنَّ هذه المنظومة مُؤلَّفة من عدد من النواميس (الناموس طريقة وشريعة)، وهي أشبه بالقانون، ولكنَّها ليست قانوناً بالمعنى العلمي الشائع للقانون؛ فالقانون العلمي يُتوصَّل إليه بمناهج البحث الملائمة لموضوع القانون، وهو في العلوم الطبيعية قابل للتعديل أو حتى التغيير. أمّا الناموس فيُطلَق على الطريقة الثابتة أو القاعدة التي وضعها الخالق سبحانه وتعالى للحياة الإنسانية، مُوضِّحاً حركتها التي تُحقِّق لها خيرها وكمالها.

إنَّ واضع هذه النواميس (السُّنَن) هو ﴿ٱللَّهُ خَـٰلِقُ كُلِّ شَیۡءࣲۖ ﴾ [الزمر ٦٢]. وهذه الحقيقة الوجودية يَلزم منها كل ما حدث (ويحدث) في الموجودات (كلّ شيء)، وأوَّل ذلك طاعة المخلوقات للخالق طوعاً أو كرهاً؛ فالشيء الذي لم يكن موجوداً، ثمَّ أوجده موجِده، لا يستطيع بل لا يجوز له عقلاً وشرعاً أنْ يخرج عن طاعة موجِده إلّا إذا كان (هذا الموجِد له من لا شيء) قد وضع في أصل خِلْقته القدرة على الطاعة وعلى المعصية؛ ابتلاءً له، وتمحيصاً، واختباراً لحكمة قدَّرها هذا الـمُوجِد (الخالق)، وهو الذي بها عليم. وهذا المعنى -وأكثر منه- يستفاد من قوله تعالى: ﴿ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰۤ إِلَى ٱلسَّمَاۤءِ وَهِیَ دُخَانࣱ فَقَالَ لَهَا وَلِلۡأَرۡضِ ٱئۡتِیَا طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهࣰا قَالَتَاۤ أَتَیۡنَا طَاۤىِٕعِینَ﴾ [فصلت ١١]، وقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ یَسۡجُدُ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعࣰا وَكَرۡهࣰا وَظِلَـٰلُهُم بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡـَٔاصَالِ ۩﴾ [الرعد ١٥] وقوله سبحانه: ﴿أَفَغَیۡرَ دِینِ ٱللَّهِ یَبۡغُونَ وَلَهُۥۤ أَسۡلَمَ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعࣰا وَكَرۡهࣰا وَإِلَیۡهِ یُرۡجَعُونَ﴾ [آل عمران ٨٣].

وإذا كان السجود والإسلام طاعة، فإنَّ الكون الطبيعي بسماواته وأرضه ومَنْ فيهنَّ مطيع لله الخالق سبحانه. والخالق سبحانه وتعالى أكَّد هذا المعنى في آية أُخرى، واستثنى من ذلك “كثيراً من الناس”، ولنا أنْ نتأمَّل قوله تعالى الواضح في هذه الآية الكريمة، قال سبحانه: ﴿أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ یَسۡجُدُ لَهُۥ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَمَن فِی ٱلۡأَرۡضِ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ وَٱلۡجِبَالُ وَٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَاۤبُّ وَكَثِیرࣱ مِّنَ ٱلنَّاسِۖ وَكَثِیرٌ حَقَّ عَلَیۡهِ ٱلۡعَذَابُۗ وَمَن یُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن مُّكۡرِمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ یَفۡعَلُ مَا یَشَاۤءُ ۩﴾ [الحج ١٨]. فمخلوقات السماوات كلها مطيعة (تسجد) لله، ومخلوقات الأرض كلها مطيعة (تسجد) لله، باستثناء جزء غير قليل (كثير) من الناس. والجزء الآخر -وهو كثير أيضاً- مطيع (يسجد) لله؛ وتفسير ذلك بيَّنه الخالق سبحانه وتعالى، فهو خلق الإنسان باستعداد لفعل الخير أو الشر،[7] وخلق الموت والحياة امتحاناً وتمحيصاً، ليتبيَّن أيُّهم “أحسن عملاً.”[8] ولكي يكون الامتحان (الابتلاء) عادلاً؛ فقد بيَّن لهم سبحانه وتعالى الخير والشَّرَّ بطرائق مباشرة، وبأمثلة ممّا وقع للناس على مَرِّ التاريخ؛ أفراداً، وجماعاتٍ، وحضاراتٍ. ومن هذه الطرائق النواميسُ التي تحكم حركة الحياة الإنسانية، وذلك ﴿لِئَلَّا یَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِۚ﴾ [النساء ١٦٥]، وحتى لا يقولوا يوم القيامة ويوم الحساب والجزاء ﴿إِنَّا كُنَّا عَنۡ هَـٰذَا غَـٰفِلِینَ﴾ [الأعراف ١٧٢] أو كنّا نجهل؛ فلا نُميِّز بين الخير والشر، واتَّبَعْنا ما كان عليه آباؤنا.[9]

والله سبحانه وتعالى حين وضع هذه النواميس (السُّنَن) لم يكن ذلك لمصلحة له أو لخير ينتظره، تعالى الله عن ذلك عُلُوّاً كبيراً؛ إذ له الكمال الـمُطلَق، فالله خالق كل شيء، ولا يحتاج إلى شيء، بل الخَلْق بحاجة إليه. قال سبحانه: ﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلۡفُقَرَاۤءُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلۡغَنِیُّ ٱلۡحَمِیدُ﴾ [فاطر ١٥]. فكلُّ الناس هم الفقراء المحتاجون إلى الله، وإنَّه سبحانه وضع هذه النواميس (السُّنَن)؛ ليراعيها الإنسان في جميع جوانب حياته، ويريد خيره في هذه الدنيا أوَّلاً، ثمَّ خيره في الآخرة بعد ذلك، ومَنْ يعرف خير الإنسان على وجه الحقيقة واليقين غير الذي خلق الإنسان؟ ولأنَّ الله سبحانه وتعالى هو واضع هذه النواميس (السُّنَن)؛ فإنَّ خير الإنسان وكمالاته لا تتحقَّق بغير اتِّباع ما أرشده الله إليه، وطلب منه فعله.

وهذه النواميس (السُّنَن) حين نتأمَّلها نجدها وُضِعت على أحسن تقدير وأكمله في مُلاءَمتها للحياة الإنسانية، وقد أكَّد سبحانه وتعالى ذلك لعباده في أكثر من موضع، ومن ذلك قوله سبحانه: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَیۡءࣲ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِیرࣰا﴾ [الفرقان ٢] وتقدير الله تعالى في كل ما خلق دالٌّ على حكمته وعِلْمه، وهو هداية للمخلوقات. قال تعالى: ﴿ٱلَّذِی خَلَقَ فَسَوَّىٰ وَٱلَّذِی قَدَّرَ فَهَدَىٰ﴾ [الأعلى ٣]  (سنتعرَّف في ما يأتي كيف أنَّ السُّنَن التي وضعها الله تعالى للإنسان هي في جانب منها هداية له).

[من خصائص السنن الإلهية]

إنَّ وضْعَ الله سبحانه “خالق كل شيء”، بمَنْ في ذلك الإنسان وحياته، سُنَناً للحياة الإنسانية، يَلزم منه أنْ يكون لهذه السُّنَن خصائص تعكس كمال واضعها في عِلْمه وحكمته وقدرته. وقد أشار تعريف “السُّنَن” الذي ذكرناه آنفاً إلى أهم هذه الخصائص، وهي:

– الثبات: يعني ذلك أنَّ الناموس والطريقة في هذه السُّنَن يَصْدقان في كل المجتمعات والأحوال الإنسانية، وفي مختلف الأزمنة والأمكنة، بحيث إذا حدثت الأفعال التي هي بمنـزلة الـمُقدِّمات حدثت الأفعال التي هي النتائج. وقد وصف القرآن الكريم هذه الخصيصة للسُّنَن بأنَّها لا تتبدَّل، ولا تتغيَّر، أو تتحوَّل. قال سبحانه وتعالى في آية واحدة بيَّنت الثبات، وأنَّه عدم التبديل وعدم التحويل:

﴿ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبۡدِیلࣰاۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحۡوِیلًا﴾ [فاطر ٤٣]. وهذا الثبات الذي أكَّده المولى تأكيداً قاطعاً في هذه الآية أكَّده سبحانه وتعالى أيضاً في عدد آخر من الآيات الكريمة.[10]

ومن الأمثلة على ثبات السُّنَن الإلهية سُنَّةُ التغيير في الأقوام والمجتمعات. قال تعالى: ﱡﭐ ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُغَیِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ یُغَیِّرُوا۟ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ﴾ [الرعد ١١]. فالأفعال التي هي مُقدِّمات؛ بأنْ يُغيِّر القوم ما بأنفسهم من أفكار ومعتقدات سلبية تعقبها الأفعال التي هي النتيجة اللازمة من هذه الـمُقدِّمات؛ وهي أنَّ الله سيُغيِّر ما في هؤلاء القوم من أوضاع سلبية وسيِّئة؛ أي التي لا تُحقِّق لهم خيرهم وكمالهم على جميع المستويات، إلى أوضاع إيجابية يتحقَّق لهم فيها خيرهم الدنيوي والأُخروي في آنٍ معاً.

وقريب من معنى الثبات، ومتصل به معنى:

– الاطِّراد: ثبات النواميس (السُّنَن الإلهية) -كما تقدَّم آنفاً- هو أنَّها تظلُّ هي من حيث المضمون، فلا يكون في كل يوم أو حِقبة سُنَّة جديدة مختلفة في الأمر الواحد. أمّا الاطِّراد فيعني وقوع التكرار في الأمر الواحد على النحو نفسه والهيئة ذاتها والنتائج عينها؛ فهو ثبات في اتصال النتائج بالـمُقدِّمات كلَّما تكرَّر الأمر. ومعرفة الثبات والاطِّراد في السُّنَن الإلهية تُسهِّل على الباحث الوصول إلى توقُّعات يوثَق بها، سواء كان بحثه على مستوى السُّنَن الـمُتعلِّقة بالأفراد، أو على مستوى الجماعات، أو على مستوى الحضارات، وغير ذلك ممّا سنُوضِّحه في فقرة تالية إنْ شاء الله.

وتُستنبَط من كلام الله سبحانه في كتابه الكريم خصيصة أُخرى، هي:

– التكامل: يعني التكامل أنَّ هذه السُّنَن العديدة يُعاوِن بعضها بعضاً، ويسنده، ويعضده؛ لكي تُحقِّق معاً هدفاً واحداً. وهذا لا يتحقَّق في واقع الحياة الإنسانية إلّا إذا روعِيت جميع هذه السُّنَن؛ فإنَّه لا يُصلِح حال الحياة الإنسانية في كل جوانبها (الفردية، والجماعية، والحضارية) أنْ نأخذ ببعضٍ، ونترك بعضاً آخرَ. وهذا المعنى التكاملي موجود في الإسلام؛ فالله سبحانه وتعالى لا يَقبل منّا أنْ نأخذ جانباً من الإسلام، ونَدَعَ جوانب، ونقول مثل ذلك في سُنَنه سبحانه، ولنا أنْ نتأمَّل قول الحق تعالى: ﱡﭐ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَیُرِیدُونَ أَن یُفَرِّقُوا۟ بَیۡنَ ٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَیَقُولُونَ نُؤۡمِنُ بِبَعۡضࣲ وَنَكۡفُرُ بِبَعۡضࣲ وَیُرِیدُونَ أَن یَتَّخِذُوا۟ بَیۡنَ ذَ ٰ⁠لِكَ سَبِیلًا أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡكَـٰفِرُونَ حَقࣰّاۚ وَأَعۡتَدۡنَا لِلۡكَـٰفِرِینَ عَذَابࣰا مُّهِینࣰا﴾ [النساء 150-151]. وسبب ذلك -في ما نراه- أنَّ الحياة الإنسانية هي أشبه بالبناء الواحد، وحين تُراعى السُّنَن الإلهية يُبنى هذا البناء ويبقى، وتركها يهدمه. فإذا أخذنا ببعض السُّنَن، وتركنا بعضها الآخر، كنّا كمَنْ يبني من جانب، ويهدم من جانب آخر؛ فلا يتمُّ البناء، ويكون الفساد أكبر من الصلاح.

وترتبط بخصيصة التكامل خصيصةٌ أُخرى هي:

– الاتِّساق: يُقصَد بذلك أنَّ هذه السُّنَن لا يتعارض بعضها مع بعض، ولا تتناقض فيما بينها. فمثلاً، سُنَّة التدافع لا تتعارض مع سُنَّة نصر الله للمؤمنين، أو مع سُنَّة الله في الظلم والظالمين، وهكذا يقال في جميع السُّنَن الإلهية.

وبوجه عام، يُمكِن القول: إنَّ جميع خصائص السُّنَن الإلهية التي يجري استنباطها بطريق صحيح من كتاب الله الكريم لا تتعارض فيما بينها، بل هي مُتَّسِقةٌ تماماً؛ إذ لا تعارض بين الثبات والاطِّراد في السُّنَن الإلهية، كما ذكرنا آنفاً، ولا تعارض لأيٍّ منهما مع صفة التكامل والاتِّساق.

ولو بحثنا عن عِلَّة هذا التكامل والاتِّساق لوجدنا أنَّها ترجع إلى أنَّ واضع هذه السُّنَن واحدٌ أحد، هو الله سبحانه وتعالى “خالق كل شيء”؛ فهو خالق الإنسان، وخالق كل ما يتعلَّق بوجوده وحياته، فعِلْمه مُطلَق، وقدرته مُطلَقة، وهو “الغني الحميد”، ولا يجوز أنْ يكون في نظام مخلوقاته تفاوتٌ أو تعارضٌ أو فساد، وهو أمرٌ يُؤكِّده النظر العلمي الباحث عن الحقيقة في هذا الوجود. قال سبحانه وتعالى في هذا المعنى: ﴿ٱلَّذِی خَلَقَ سَبۡعَ سَمَـٰوَ ٰ⁠تࣲ طِبَاقࣰاۖ مَّا تَرَىٰ فِی خَلۡقِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ مِن تَفَـٰوُتࣲۖ فَٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ هَلۡ تَرَىٰ مِن فُطُورࣲ ثُمَّ ٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ كَرَّتَیۡنِ یَنقَلِبۡ إِلَیۡكَ ٱلۡبَصَرُ خَاسِئࣰا وَهُوَ حَسِیرࣱ﴾ [الملك ٤].


* دكتوراه في الفلسفة الإسلامية، أستاذ جامعي في عدد من الجامعات الأردنية. البريد الإلكتروني: abutaha.azmi@gmail.com، وما جاء من عناوين بين معقوفتين [] هو من وضع المحرر.

أحمد، عزمي طه السيد (2023). فقه السُّنَن الإلهية والثقافة السُّنَنيّة، مجلة “الفكر الإسلامي المعاصر”، مجلد 29، العدد 105، 129-164. DOI: 10.35632/citj.v29i105.7723

[1] للدكتور كهوس موقع مُخصَّص للسُّنَن الإلهية في شبكة الإنترنت.

وتوجد بحوث ودراسات عديدة غير ما ذُكِر هنا، ويُمكِن الوصول إليها باستخدام الطرائق المعتادة والطرائق الإلكترونية. وقد كفانا الدكتور عزيز البطيوي في كتابه الآتي كثيراً من الجهد في تتبُّع الأدبيات في موضوع السُّنَن الإلهية؛ إذ قدَّم عرضاً جيداً وافياً -إلى حدٍّ كبير-، فنشكره على ذلك، ولا نجد أنَّ هذا البحث بحاجة إلى تكرار (البطيوي، 2018، ص22-25).

[2] الصفة الذاتية لأمر أو شيء ما هي الصفة التي إذا زالت من الشيء لم يعد الشيء هو هو.

[3] من أهمها: لسان العرب، وتاج العروس، ومعجم مقاييس اللغة.

[4] أُكرِّر الشكر للدكتور عزيز البطيوي؛ إذ كفانا هنا جهد البحث في معاجم اللغة عن المعنى اللغوي للفظ “سُنَّة”، وذلك في كتابه المشار إليه آنفاً. ونجد ثانيةً أنَّه لا حاجة بنا إلى تكرار هذا الجهد المبذول والميسور في هذا الكتاب وفي غيره، وإنْ كان جهد الباحث هنا وافياً -إلى حدٍّ كبير- في هذه المسألة (البطيوي، 2018، ص40-50).

[5] انظر عدداً كبيراً من تعريفات لفظ “سُنَّة” (تسعة وعشرون تعريفاً) لعلماء قدامى ومعاصرين (البطيوي، 2018، ص50-74).

[6] أكَّد البطيوي اقتصار لفظ “سُنَن” في القرآن الكريم على الحياة الإنسانية، وذكر أنَّ من أصحاب هذا الرأي أحمد حسن فرحات، ونحن هنا أخذْنا بهذا الرأي. انظر أيضاً (فرحات، 1999).

[7] قال تعالى: ﴿وَهَدَیۡنَـٰهُ ٱلنَّجۡدَیۡنِ﴾ [البلد: 10].

[8] قال تعالى: ﴿تَبَـٰرَكَ ٱلَّذِی بِیَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ ۝١ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَیَوٰةَ لِیَبۡلُوَكُمۡ أَیُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلࣰاۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡغَفُورُ﴾ [الملك: 1-2].

[9] نجد هذا المعنى في قوله تعالى: ﴿وَإِذۡ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِیۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمۡ ذُرِّیَّتَهُمۡ وَأَشۡهَدَهُمۡ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡ أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡۖ قَالُوا۟ بَلَىٰ شَهِدۡنَاۤۚ أَن تَقُولُوا۟ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنۡ هَـٰذَا غَـٰفِلِینَ ۝١٧٢ أَوۡ تَقُولُوۤا۟ إِنَّمَاۤ أَشۡرَكَ ءَابَاۤؤُنَا مِن قَبۡلُ وَكُنَّا ذُرِّیَّةࣰ مِّنۢ بَعۡدِهِمۡۖ أَفَتُهۡلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ﴾ [الأعراف: 172–173].

[10] من ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبۡدِیلࣰا﴾ [الأحزاب: 62]، وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحۡوِیلًا﴾. [الإسراء: 77].

اترك تعليق