مفهوم ” السنن الاجتماعية “

الباحثة/ أنيسة بنعيم سحتان

حاول العديد من الباحثين في مجال ” علم السنن الإلهية ” تحديد مفهوم ” السنن الاجتماعية ” باعتباره مكونا مهما من مكونات هذا العلم الجدير بالاهتمام، وبالرجوع إلى تعريفات هؤلاء الباحثين نجد أنها متقاربة من حيث المعنى، وإن اختلفت في تركيبها ومبناها، وهذه بعض منها:

– عرّف الدكتور رشيد كهوس ” السنن الاجتماعية ” بقوله:” هي النواميس المتحكمة في الإنسان – باعتباره فردا وجماعة وأمة – وفي فكره وسلوكه وحركته في المجتمع وفاعليته في التاريخ، أو هي مجموعة من القواعد والضوابط والمبادئ والأحكام التي رسمها الله تعالى من أجل إصلاح حال الأفراد والجماعات والأمم في شؤونهم الدنيوية والأخروية، والارتقاء بالنفس البشرية إلى المراتب العلوية، وهي سنن لا تتغير ولا تتبدل ولا تتحول “”1″.

ويقول في تعريفها أيضا:” السنن الاجتماعية: هي المنظومة السننية الحاكمة لصيرورة العمران البشري الناظمة لحركة الحياة والأحياء والاستخلاف الإنساني والوجود الكوني وسير المجتمعات عامة، ولسلوك الإنسان وحركته في المجتمع وصيرورته في عالم الشهادة الدنيوي وفاعليته في التاريخ خاصة، التي تهدف إلى إصلاح الإنسان نفسا ومجتمعا وأمة في المعاش وإسعاده في المعاد وتحقيق شهوده العمراني على الأمم “2”.

ويقول الدكتور عبد الكريم زيدان في تعريف السنن الاجتماعية:” هي الطريقة المتبعة في معاملة الله تعالى للبشر بناء على سلوكهم وأفعالهم وموقفهم من شرع الله وأنبيائه وما يترتب على ذلك من نتائج في الدنيا والآخرة “[3].

وفي موضع آخر يعرفها بأنها:” قانونه العام الذي تجري بموجبه أحداث ووقائع البشر “4”.

ويعرفها الدكتور أحمد كنعان بقول:” وهي مجموعة القوانين التي سنها الله عز وجل لهذا الوجود، وأخضع لها مخلوقاته جميعا على اختلاف أنواعها وتباين أجناسها “ “5”.

ويقول الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي في كتابه: موسوعة ألفاظ القرآن الكريم:” سنة الله هي المنهج الإلهي في تسيير أمور حياتنا، وهي طريقته في تربية الأمم، وهي شرائعه التي يرشد الإنسانية بها إلى الله وإلى الحق “6″.

ويعرفها الشيخ محمد الغزالي بقوله:” هي تلك القوانين المطردة والثابتة التي أودعها الله في الحياة البشرية، والتي تشكل إلى حد كبير ميكانيكية الحركة الاجتماعية وتعين على فهمها “7″.

ويقول الدكتور عماد الدين خليل:” إنها المبادئ الأساس التي تحكم حركة التاريخ البشري في ماضيه وحاضره ومستقبله “8″.

وخلاصة القول مما سبق ذكره من تعريفات الباحثين وأهل التخصص؛ أن السنن الاجتماعية هي: منهج الله تعالى في عمارة الأرض وحفظ نظام الحياة الإنسانية على مقتضى حكمته البالغة وعدله المطلق ومشيئته النافذة، وهي القواعد والضوابط والقوانين التي سنّها الله عز وجل لتحكم أحوال البشر وسلوكاتهم، وأقام عليها نظام المجتمع من أجل هداية الناس وإصلاحهم على مستوى الأفراد والجماعات، لضمان الاستقرار في الحياة الدنيوية، والسعادة الأخروية، وهذه السنن هي التي تحكم مسيرة المجتمعات البشرية، وتؤطر حركتها وتوجه أحداثها، وهي ثابتة مستمرة، لا تتخلف بتغير الأزمنة والأمكنة

وهكذا نجد أن السنن الاجتماعية جاءت لتحقيق جملة من المقاصد والغايات، سواء تعلّق الأمر بالأفراد أو بالجماعات.

 


[1]   السنن الإلهية الكونية والاجتماعية لطائف وبصائر، رشيد كهوس، ص: 176. نشر في مجلة تدبر، الصادرة عن الهيئة العالمية لتدبر القرآن الكريم بقطر، السنة الأولى، العدد الأول، محرم 1438ه/أكتوبر 2016م.

[2]  فقه السنن الإلهية، الدكتور رشيد كهوس، دورة علمية دولية من تنظيم: مركز ضياء للمؤتمرات والأبحاث، بتاريخ: الثلاثاء 16 مارس 2021، عبر منصة zoom

[3]  السنن الإلهية في الأمم والجماعات والأفراد في الشريعة الإسلامية، عبد الكريم زيدان (ت1435ه)، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، السنة:1413ه-1993م، ص: 13.

[4]  المصدر نفسه، ص: 14.

[5]  أزمتنا الحضارية في ضوء سنن الله في خلقه، أحمد كنعان، كتاب الأمة، عدد 26، الدوحة، قطر: السنة 1411ه-1991م، د: ط، ص:52 .

[6]  موسوعة ألفاظ القرآن الكريم، محمد عبد المنعم خفاجي، المؤسسة العربية الحديثة – القاهرة، 1988م، ص: 142.

[7]   كيف نتعامل مع القرآن، محمد الغزالي. سلسلة قضايا الفكر الإسلامي، منشورات المعهد العالمي للفكر الإسلامي، المنصورة: دار الوفاء، ط: 3، 1413ه-1992م، ص: 49.

[8]  التفسير الإسلامي للتاريخ، عماد الدين خليل، بيروت، دار العلم للملايين، ط:4، 1983م، ص: 97.

اترك تعليق