أبعاد التغيير في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم

بقلم فضيلة الشيخ محمد الغزالي رحمه الله تعالى(*)

 

ماذا كانت عليه الدنيا بعد بعثة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم ماذا شرعت تستقبله بعد لحاقه بالرفيق الأعلى وانطلاق تلامذته فى العالم يمدون رواق الرحمة المهداة! ويكسرون القيود التى طالما رسفت فيها الشعوب؟

إن النقاد المنصفين والمؤرخين العدول يقررون أنه لم يتح لبشر قبل محمد – عليه الصلاة والسلام – أو بعده أن أحدث مثل هذا التغيير الشامل فى أحوال العالم أجمع، وليس المهم التغيير! المهم طبيعته ووجهته.

إنه بعد بعثة – محمد صلى الله عليه وسلم – أخذت الحضارة طريقها صعدا إلى أعلى، وكانت من قبل قد أسفت ولصقت بالحضيض..

لما قرأت كتاب (القمم المائة الأولى) رأيت المؤلف يذكر كأنه مضطر إلى جعل محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أول هذه القمم، وإن لم يكن على دينه! لأن الدلائل كلها إلى جانبه..

قلت: إن هذا الرجل الذكى لمح أحد جوانب العظمة فى شخصية محمد – عليه الصلاة والسلام – إنه لمح التغيير الجذرى الذى أحدثه الرسول فى العرب، فانطلقوا به ليحدثوا تغييرا جذريا فى آفاق الأرض، تغييرا ذاهبا إلى الطول والعرض والعمق، تغييرا إن فتُرت بواعثه حينا أدركها من ذاتها ما تستمر به سائرة، كما تنطلق المولدات التى تستمد طاقتها من الشمس.

لكننا نحن المسلمين نرى هذا التغيير أثرا لشىء آخر فى شخصية محمد العظيم ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنه الاصطفاء الذى هيأ روحه لاستقبال القرآن، والاصطباغ بتعاليمه، ثم تحويل هذه التعاليم إلى سيرة نابضة وسنة هادية.

إن الكمال البشرى الذى صب فى قالبه خاتم الأنبياء يجعل المرء يهتف بإعجاب: سبحان من أبدع محمدا صلى الله عليه وسلم .


(*) من كتاب: “علل وأدوية”.

اترك تعليق