الدراسات الاستشرافية في العالم الإسلامي (الجزء 5 من 5) 

بقلم/ أ. أحمد طومان

 

طرق البحث في المستقبل:

ويمكن تقسيم طرق البحث المستقبلي وَفْقَ معايير متنوعة. فقد تصنَّف هذه الطرق حسب درجة اعتمادها على قياسات كمية صريحة إلى طرق كمية وطرق كيفية. كذلك قد تصنف طرق البحث المستقبلي إلى طرق استطلاعية تقدِّم صوراً مستقبلية احتمالية، وطرق استهدافية تقدِّم صوراً لمستقبلات مرغوب فيها. وقد يميز بين طرق نظامية أو موضوعية من جهة، وطرق غير نظامية أو ذاتية من جهة أخرى.  شهود لوجو

ويكتفي بتقديمها في عشر مجموعات تغلب على كل مجموعة منها سمة منهجية معينة[9]، وذلك على النحو التالي:

1 – طرق السلاسل الزمنية: ومنها طرق إسقاط الاتجاه العام trend extrapolation بالمتوسطات المتحركة وتحليل الانحدار.

2 – طرق الإسقاطات السكانية: ومن أشهرها ما يُعرَف بطريقة الأفواج والمكونات cohort-component method؛ حيث يتم حساب النمو في عدد السكان من مكونات محددة كالمواليد والوفيات والهجرة إلى الدولة والهجرة من الدولة.

3 – النماذج السببية causal models: وهنا يتم التنبؤ بقيم متغيرة ما أو مجموعة متغيرات باستعمال نموذج يحدد سلوك المتغيرات المختلفة استناداً إلى نظرية ما.

4 – الألعاب أو المباريات gaming: وهي طريقة تعتمد على المحاكاة ليس فقط من خلال الباحث في الدراسات المستقبلية، بل وكذلك بإشراك الناس فيها على أنهم لاعبين يقومون بأدوار role playing يتخذون فيها قرارات أو تصرفات.

5 – تحليل الآثار المقطعية cross impact analysis: وهو أسلوب لفهم ديناميكية نسق ما، والكشف عن القوى الرئيسية المحركة له.

6 – الطرق التشاركية participatory methods: تتيح المجال لمشاركة القوى الفاعلة أو الأطراف المتأثرة بحدث ما في عملية تصميم البحث وجمع المعلومات اللازمة له وتحليلها واستخراج توصيات بفعل اجتماعي معين بناء على نتائجها.

7 – طرق التنبؤ من خلال التناظر والإسقاط بالقرينة: وتقوم على استخراج بعض جوانب الصور المستقبلية استناداً إلى أحداث أو سوابق تاريخية معيَّنة.

8 – طرق تتبُّع الظواهر وتحليل المضمون: يقصد بطريقة تتبُّع الظواهر monitoring استخدام طائفة متنوعة من مصادر المعلومات في التعرف على الاتجاهات العامة لمتغيرات معيَّنة، مع افتراض أن الاتجاهات العامة التي يتم الكشف عنها هي التي ستسود في المستقبل.

9 – تحليل آراء ذوي الشأن والخبرة: ومن هذه الأساليب طريقة المسوح surveys التي يتم فيها استطلاع رأي أو توقعات عيِّنة من الأفراد؛ سواء من خلال استبيان يرسل بالبريد أو يتم تعبئته عن طريق المقابلة الشخصية أو الاتصال التليفوني. ومنها طريقة ندوة الخبراء panel discussion، وطريقة الاستثارة الفكرية أو القدح الذهني brain storming، وطريقة دلفي Delphi method التي يتم فيها استطلاع الآراء والتحاور بشأنها.

10 – السيناريوهات Scenariosالسيناريو وصف لوضع مستقبلي ممكن أو محتمل أو مرغوب فيه، والأصل أن تنتهي كل الدراسات المستقبلية إلى سيناريوهات؛ أي إلى مسارات وصور مستقبلية بديلة.

مفهوم المراكز الفكرية[10]:

يعرف معجم وبستر webster dictionary المركز الفكري بأنه: (مجموعة من الناس وعادة من الأكاديميين أو مديري الأعمال، أو موظفي الحكومة المنظَّمين من أجل البحث ودراسة المشكلات الاجتماعية والعلمية وغيرها).

أما معجم التراث الأمريكي American heritage dictionary فيعرَّف المركز الفكري بأنه: (جماعة أو هيئة منظَّمة تقوم بأبحاث متعمقة لحل المشكلات، خصوصاً في مجالات التكنولوجيا والمجالات الاستراتيجية أو الاجتماعية أو السياسية أو التسلح).

ويعرَّف معجم العلاقات الدولية المركز الفكري بأنه: (معهد أبحاث مموَّل على نحو مستقل ويهتم بدراسة العلاقات الدولية ومجالات قضايا السياسة الخارجية).

وتعرَّف الموسوعة الدولية للعلوم الاجتماعية والسلوكية المركز الفكري بأنه: (هيئة أو منظمة تتمتع باستقلالية نسبية وتتعاطى مع الأبحاث والتحليلات الخاصة بالقضايا المعاصرة (الاجتماعية والاقتصادية والسياسية) بعيداً عن الحكومات والأحزاب السياسية وجماعات الضغط).

ومن هنا فالمركز الفكري مصطلح يصف -تحديداً- المنظمات التي تدعم أصحاب نظريات المعارف المتداخلة ودعاتها، وكذلك المفكرين الذين يحاولون وضع الأبحاث والتوصيات المتعلقة بالسياسة.

وبعد هذا العرض الموجز والإحصاءات المحفزة، لا زال الرجاء قائماً في أن ننقل العناية بمراكز الدراسات المستقبلية من حيز الأُمنيات والنظريات، إلى دائرة الطبعيات والمألوفات، وأن تصبح ثقافة عامة لدى العموم تنشأ وَفْقَ أسس منهجية إسلامية علمية يتربى عليها الصغار قبل الكبار، والله الموفق.

الحواشي:

[9] للاستزادة حول الطرق المذكورة، راجع كتاب Wendell Bell، مرجع سبق ذكره، الفصل السادس من المجلد الأول. انظر أيضاً:

  1. Slaughter، Futures Tools and Techniques، Future Study Centre and DDM Media Group، Melbourne/Australia، 1995.

انظر عرضاً أكثر تفصيلاً لبعض هذه الطرق في عملين لكاتب هذه الورقة:

1 – نظرة عامة على أساليب التنبؤ، ورقة ضمن المطبوعات التدريبية للمعهد العربي للتخطيط بالكويت، قدمت في برامج تدريبية متعددة خلال المدة بين عامي 1992 – 1995م.

2 – السيناريوهات، الورقة رقم (1) من أوراق مصر 2020م، منتدى العالم الثالث، القاهرة، يوليو 1998م.

[10] كتاب المراكز الفكرية بأمريكا… الظاهرة والدور والتأثير عام 2008م، د. باسل رؤوف الخطيب، مركز الملك فيصل للبحث والدراسات الإسلامية – السعودية.

المصدر:

مستقبلات الأمة

اترك تعليق