السنن الإلهية في الهجرة النبوية

بقلم/ أ.د. أبو اليسر رشيد كهوس

أستاذ بجامعة عبد المالك السعدي- المغرب، ومنسق فريق البحث في السنن الإلهية-كلية أصول الدين.

رشيد كهوس

د. رشيد كهوس

الحمد لله مستخِص الحمد لنفسه، ومستخلِص الثناء لطهارة قدسه، ومستحِقِّ المدح لعز جلاله، ومستوجِبِ الشكر لعموم إفضاله، وصلى الله وسلم على سيدنا وحبيبنا محمد خيرتِه من بريته، وأمينِه على وحيه ورسالته، صلاة تبلغه بها أعلى الدَّرج والمنازل، وتُنيله بها أقصى الرغائب والوسائل، وعلى آله وصحابته والتابعين بإحسان من أمته. أما بعد:

فإن الوقوف عند  السنن الإلهية([1]) في الهجرة النبوية له أهمية بالغة إذ إن هذا الحدث العظيم يمثل محطة فاصلة في تاريخ الدعوة الإسلامية؛ حيث برزت من خلاله شعائر الإسلام إلى العلن، وخضعت أحكامه للتطبيق العملي، وذلك من خلال رعاية النبي صلى الله عليه وسلم للسنن الإلهية، وتسخيره لها، وعمله بمقتضاها.

ومن ثمّ لم يغفل سيد الوجود صلى الله عليه وسلم وهو المؤيد بالوحي في حركاته وسكناته الأخذ بالسنن، وكان يوجه أصحابه الكرام دائما إلى مراعاتها في كل أمورهم الدنيوية والأخروية، وهذا يتضح جليا في هجرته إلى المدينة؛ كما يأتي بيانه:

أولا- الهجرة سنة من سنن الله في الرسل:

قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خلفَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)﴾ (الإسراء)

إن سيد الوجود صلى الله عليه وسلم قد علم من أوَّل يومٍ من بعثته أنَّه سيَخرُج من بلده مُهاجِرًا؛ ففي حديثه مع ورقة بن نَوفَل عندما اصطَحبَتْه زوجُه خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها إلى ابن عمِّها، عندها قال له ورقة: «هذا النامُوسُ الذي نزَّل الله على موسى، يا ليتَنِي فيها جَذَعًا، ليتَنِي أكون حيًّا إذ يُخرِجك قومُك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوَمُخرِجِيَّ هم؟!»، قال: نعم، لم يأتِ رجلٌ قطُّ بمثْل ما جئتَ به إلا عُودِي، وإنْ يُدرِكْني يومُك أنصُرْكَ نصرًا مُؤزَّرًا، ثم لم ينشَبْ ورقةُ أنْ تُوفِّي»([2]).

وهذا معنى متكرر في حق كل من اصطفى الله تعالى من خلقه لتبليغ رسالته، والإخراج قد يكون من وطن مادي أو معنوي.. وسياسة الزعماء الموهومين هكذا دوما مع كل جديد، ومع كل نور يبعثه الله لينقذ الناسَ من أمواج الحياة المتلاطمة ومن أهوال الدنيا.

لقد هاجر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بلدَه الذي وُلِد فيه وترعرع، بعدما رفضت خَمْسَ عشْرةَ قبيلةً دعوتَه، وترك أقرباءه وعشيرته، فقال وهو يغادرها بِنَبْرة من الحزنِ: «واللـهِ إنَّك لَخيْرُ أرْضِ الله، وأحبُّ أرْضِ الله إلى الله، ولوْلا أنِّي أُخْرِجْت منْك ما خرجْتُ»([3]).

لقد اختار النبي صلى الله عليه وسلم هجرةَ القوم والدار بعدما اتفق صناديد القوم على تنحيته من طريقهم، لأنهم رأوا أن زعامتهم لأنديتهم في خطر، والبساطَ يسحب من تحت أرجلهم.. فجنحوا إلى سياسة الاغتيال مهما كلفهم الأمر، وهي سياسةٌ يلجأ إليها كلُّ الطغاة والمستبدون..

ولذلك، فإن الهجرة سنة من سنن الله في أنبيائه ورسله، فهذا نوح u هاجر ومن آمن معه في سفينة حتى استوت على الجُودِيِّ.

وهذا إبراهيم الخليلu كانت دعوته أصلًا بأرض العِراق، إلاَّ أنَّه كانت له هِجرات إلى الشام ومصر وأرض الحِجاز.

وهذا كَلِيمُ الرحمن موسى u كانت له كذلك هِجرات قبل بعثته وبعدها، فقد هاجر قبل بعثته خائفًا يترقَّب، وهاجر بعد بعثته بعد أنْ كذَّبَه فرعون وقومه.

وهذا يعقوب u هاجر من بابل إلى فلسطين، وهذا المسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام هاجر من فلسطين إلى مصر.

وكل الأنبياء كانت لهم هجرات وفق سنة الله المطردة([4]).

ثانيا: سنة الأسباب والمسببات:

إن الإيمان بالله تعالى والاعتماد والتوكل عليه لا ينافي أبدا الاستفادة من سنن الله التي جعلها الله في هذا الكون ناموسا ثابتا ومطردا، ولا يناقض اتخاذ الأسباب المادية التي أراد الله تعالى أن يجعلها أسبابا في هذا الكون التوكلَ عليه([5]).

ولهذا أخذ النبي بسنة الله في الأسباب ومسبباتها لما جاءه الأمر الإلهي بالهجرة إلى المدينة، فقام بتهييء الأسباب الكاملة  لنجاح الهجرة وهو متوكل على الله تعالى في الأمر كله، متوسدا عتبة الافتقار إلى رب الأرباب..

ذلك بأن نصر الله لنبيه صلى الله عليه وسلم في الهجرة النبوية لم يأت من فراغ، وإنما جاء نتيجة لجملة من الأسباب التي يسرها الله تعالى لحبيبه وصفوته من خلقه لنجاح هجرته، حيث تيقن صلى الله عليه وسلم استعداد الأنصار لقبول دعوة الإسلام ونشرها في المدينة حيث لم تبق دار من دور الأنصار إلا ودخلها نور الإسلام، تلاه بيعة العقبة الأولى وبعث مصعب بن عمير رضي الله عنه سفيرا للإسلام بالمدينة، ليعلم الناس دينهم، وأمور شريعتهم، ويقرئهم القرآن الكريم ويهيء التربة الصالحة للدعوة، تلاه بيعة العقبة الثانية التي مهدت الطريق للهجرة بنشر الإسلام في المدينة، وتعهد الأنصار بحماية النبي صلى الله عليه وسلم مما يحمون به أنفسهم في المنشط والمكره، وموافقتهم على أن تكون المدينة دار هجرته، ثم تلاه هجرة الصحابة رضي الله عنهم أرسالا وجماعات، وإشراك النساء في إنجاح الهجرة.

تلاه الإذن الإلهي للنبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة، فاختار صلى الله عليه وسلم الصديق الحميم المحب الرفيق في الطريق وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه واستبقاه إلى جانبه حين أذن لجميع المؤمنين بالهجرة، وأخبره في الوقت المناسب، وأمره بكتمان أمر الهجرة حيث لم يَعلم بها إلا آل أبي بكر، وعلي، وأمره بالمبيت في فراشه، واستعان على ذلك بالسر والحيطة والحذر، وخرج من خوخة لأبي بكر في ظهر بيته في النهار ساعة القيلولة والهاجرة وفي الحر الشديد([6])، وأعد الصديق رضي الله عنه راحلتين، واستأجر الدليل الخبير بالطريق (عبد الله بن أُرَيْقِط وكان مشركا)، وبحث عن مكانٍ يستقرّ فيه حتى تخْمُد شدّة الطَّلَب عليه، فاختار غار ثَور ومكثا فيه ثلاثة أيام، وسار بِطَريقٍ معاكسٍ لِطَريق المدينة -سار مساحلاً، واختارَ رجلاً (عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنه) يكتشف حركة كفار قريش بمكة ويتقصى أخبارها وهو ما يسمى اليوم بجهاز الاستخبارات، وآخر يمحو بِغَنمه آثار أقدامه (عامر بن فُهَيْرة مولى أبي بكر)، ومن يأتيه بالزاد كلّ يوم (أسماء بنت أبي بكر –رضي الله عنهما-)، مع إخفاء شخصية النبي صلى الله عليه وسلم في طريق الهجرة: فعن أنس رضي الله عنه “أن أبا بكر كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، وكان أبو بكر يختلف إلى الشام، فكان يعرف وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فكانوا يقولون: يا أبابكر من هذا الغلام بين يديك قال: “هاد يهديني السبيل”([7]).

واتخذ النبي صلى الله عليه وسلم جميع الخطط الحكيمة والأسباب الموصلة إلى نجاح هجرته وبلوغ هدفه، ثمّ توكَّل على الله تعالى بقبل ذلك وبعده حق التوكل.

وفضلا عن ذل فإن الهجرة النبوية المباركة؛ كان على أساس تخطيطٍ دقيق ومحكم، ومرتكزات قوية، وقواعدَ صلبة، يمكن للمجتمع أن ينهض من خلالها، مع احتياط للظروف بأسلوب حكيم، ووضعٍ لكل شخص من أشخاص الهجرة في مكانه المناسب، وسدٍّ لجميع الثغرات، وتغطيةٍ بديعةٍ لكل مطالب الرحلة، واقتصارِ على العدد اللازم من الأشخاص من غير زيادة ولا إسراف، فلا ارتجال ولا تخبط ولا عشوائية..  لقد أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بالأسباب المعقولة، أخذاً قوياً حسب استطاعته وقدرته، ومن ثم باتت عنايةُ الله متوقعة، بل كانت وفق أسبابِ النجاح وسنن الارتقاء: (إن الله معنا)..

إن سنة الأخذ بالأسباب لا تحابي أحدا وإن كانوا أنصار الحق. ولهذا على الأمة الشاهدة بالقسط اليوم أن تترك الانتظار البليد وأن تعمل على استشراف موعود الله وموعود رسوله صلى الله عليه وسلم بإعداد العدة والأسباب الكافية لاستنزال هذا الموعود موعودِ النصر التمكين…

كما أن التخطيط وحده لا يكفي ما لم يكن وفق منهاج كلي واضح ومتكامل، وشامل، يشحذ الذمة ويرفع الهمة ويثبت العزيمة ويوضح الغاية ويتخذ الوسائل العملية، منهاجٌ ينظر للغد القريب والبعيد رؤيةَ يقين ووضوح، في أمر الله )لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ((الروم).

ثالثا: سنة الله في المكر والماكرين:

لقد ضاق كفار قريش وصناديدُها ذرعا برسول الله- صلى الله عليه وسلم – ووجدوا أنفسَهم قد فشِلوا في كل محاولاتهم في التعذيب والإرهاب والخداع والإغراء، كما باءت حربُ الإشاعات بخَيبة الأمل.

ورأى المشركون بأعينهم انتشار الإسلام في كل مكان، وكاد أهل المدينة أن يدخلوا كلهم في دين الإسلام، وعلموا بما تم بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل المدينة (الأوس والخزرج) في العقبتين من البيعة على النصرة والإيمان.. فأزعجتهم تلك الأخبار، وأقلق نفوسَهم ما يتوقعون من انتصار التوحيد على الوثنية التي استماتوا في الدفاع عنها، وحزَّ في نفوسهم أن يتغلب محمد – صلى الله عليه وسلم – عليهم بعد هذا العناد الطويل.

تواعد القوم أن يلتقوا في دار الندوة، ويناقشوا هذا الموضوع الذي شغل بالهم على بساط البحث، وعزموا أن يتخذوا فيه قرارا حاسما مهما كلفهم ذلك.

لقد ماتت أم المؤمنين خديجةُ رضي الله عنها التي كانت تقف دونه بمنزلتها ومن يؤازرها من عشيرتها، وكانت له نعم النصير والمستشار، والأنيس والوزير.. ومات أبو طالب الذي كان يفديه ويذود عنه، ويحول بين قريش وبينه صلى الله عليه ولم.. لم يعد هناك ما يحول بينهم وبين الإيقاع به فلماذا يترددون؟ هن اتعدت قريش في دار الندوة على اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم وذلك بأن يأخذوا من كل قبيلة فتى شابا جليدا نسيبا وسيطا، يعطون كل واحد منهم سيفا صارما، ثم يعمدون إليه، فيضربوه بها ضربة رجل واحد، فيقتلوه، فيتفرق دمه بين القبائل([8]).

فأتى جبريل u النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه. فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلي بن أبي طالب: نم على فراشي وتسج ببردي هذا الأخضر، فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام.

..وخرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب في يده… وأخذ الله تعالى على أبصارهم عنه، فلا يرونه، فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هؤلاء الآيات من يس: ﴿يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ إلى قوله ﴿فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ﴾(يس:1-9)، حتى فرغ صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الآيات… فأتاهم آت ممن لم يكن معهم، فقال: ما تنتظرون هاهنا؟ قالوا: محمدا؛ قال: خيبكم الله! قد والله خرج عليكم محمد، ثم ما ترك منكم رجلا إلا وقد وضع على رأسه ترابا، وانطلق لحاجته..([9]).

وفي هذا يقول الحق تعالى: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾(المائدة:67)، ويقول جل ذكره: ﴿أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ﴾(الطور:30-31).

إنها سنة الله في المكر والماكرين، وسنته في نصر عباده المرسلين.

رابعا- سنة الابتلاء:

لقد بلغ البغيُ الوحشي من قريش مبلغا كبيرا، في اضطهاد المستضعفين المسلمين، ومحاصرتهم، والتضييقِ عليهم، وقتلِ بعضهم والفجورِ اليومي الذي لا يمل نظامُ الطغاة المستكبرين في مكة من تسليطه على المستضعفين في مكة ضربا وتسفيها معنويا..

لقد كانت الهجرة النبوية ابتلاءً وامتحانًا بين يدي النصر العظيم الذي قيضه الله سبحانه وتعالى لرسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولأصحابه البررة الكرام، وكلكم يعلم أن هذا الابتلاءَ القاسي إنما تمثل في الابتعاد عن الوطن وتركه، تمثل في ترك الأرض وكل ما يملكون، قطع المسلمون أنفسهم عن حظوظهم كلِّها التي تعارضت مع اعتناقهم لدين الله سبحانه وتعالى وإخلاصِهم له، وبعد أن قطعوا أنفسهم عن هذه الحظوظ كلِّها اتجهوا إلى تلك الأرض المعروفة بسوء مناخها ووبائها، اتجهوا إلى يثرب وهم يعلمون أنهم إنما ينفذون في هذا أمرَ مولاهم سبحانه وتعالى، ولم يكونوا يتصورون أي جزاء يمكن أن ينالوه، كلُّ ما في الأمر أن المصطفى صلى الله عليه وسلم تلقى الأمرَ من ربه بأن يهاجر، فهاجروا معه، ونفضوا أيديهم في سبيل ذلك من المال والعقار والأهل والولد، واستقبلوا أرضًا معروفة بوبائها وسوء مناخها حتى إن المصطفى صلى الله عليه وسلم دعا ربه قائلًا: « للَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَفِي مُدِّنَا ، وَصَحِّحْهَا لَنَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الجُحْفَةِ ([10])»([11]).

خامسا- سنة التأييد الإلهي:

يقول الله تعالى وتقدس:﴿إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾(التوبة:40).

عَنْ أبي  بَكْرٍ الصديق رضي الله عنه قَالَ: “كُنْتُ مَعَ النبي صلى الله عليه وسلم في الْغَارِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِأَقْدَامِ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ بَعْضَهُمْ طَأْطَأَ بَصَرَهُ رَآنَا. قَالَ: »اسْكُتْ يَا أَبَا بَكْرٍ، اثْنَانِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا»”([12]).

كما أن في قصة سراقة الذي عثرت به فرسه في كل مرة يحاول اللحاق برسول الله صلى الله عليه وسلم والقبض عليه([13]) أعظم دليل على تحقق وعد الله بعصمة نبيه من الناس، وعلى التأييد الإلهي والنصر الرباني لنبيه صلى الله عليه وسلم.

لقد كان سراقة في بداية أمره يريد القبض على النبي صلى الله عليه وسلم ويسلمه لزعماء مكة لينال مائة ناقة، وإذا بالأمور تنقلب رأسًا على عقب –لما رأى المعجزة أمام عينية-، ويصبح يرد الطلب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل لا يلقى أحدًا من الطلب إلا رده قائلا: كفيتم هذا الوجه([14]).

وصدق الله حيث قال: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (المجادلة: 21).

سادسا- سنة الله في الفرج بعد الشدة واليسرِ بعد العسر:

إن الهجرة النبوية تعلمنا أن لا نستسلم لليأس والقُنوط، فهي تأتي بمشاهدها لتحيي في القلوب الأمل وتزرع في نفوس اليائسين الرجاء.

لقد عاش الصحابة الكرام مع نبيهم ثلاث عشرة سنة من الخوف والألم والتعذيب والتنكيل رأى المسلمون فيها ألوانَ الهوان وصنوف الإذلال، منها ثلاث سنوات من الحصار في شعب أبي طالب.. مقاطعة كاملة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حصار اقتصادي واجتماعي شديد، حتى أكل الناس الورق، وإلى أن تشققت الأشداق.

ثلاثة عشرةَ سنة وأصحابه – رضي الله عنهم – يلاقون من الأذى ما لا تحتمله الجبال الرواسي، تعذيب وتنكيل، وضرب بالسياط حتى كلّت السياط وأيدي الضاربين، وحتى أكلت رمال الصحراء المحترقة طبقاتِ جلودهم، وهذا بلال يشهد وكذا خباب بن الأرت وآلُ ياسر وزِنيره وغيرهم.

وفي وسط هذا الظلام الحالك، ومن هذه الظلمة الشديدة ومن بين كل هذا البلاء وتلك الشدة من كان يعتقد أن يأتي الفرج علي يد سبعة أنفس من أهل يثرب من الأوس لقيهم النبي صلى الله عليه وسلم في موسم الحج، فكلمهم وما يَرجُو إلا أن يستنقذهم من النار ويؤدي حق الله عليه في دعوتهم للدين الجديد، فكانوا الفجرَ الذي انقشع به ظلام الكفر، والنور الذي أضاءت بسببه أرجاء المدينة المنورة، والأمل الذي بدد سُحب اليأس.. إنها التقادير يوم يأذن الله بالفرج من عنده، يأتي النصر من قلب المحنة، والنور من كبد الظلماء، والله تعالى هو المؤيد والناصر، والبشر عاجزون أمام موعود الله.

وهكذا تعلمنا الهجرة في كل فصل من فصولها كيف نصنع الأملَ، ونترقب ولادة النور من رحم الظلمة، وخروجَ الخير من قلب الشر، وانبثاق الفرج من كبد الأزمات.

ما أحوجنا ونحن في هذا الزمان زمن الهزائم والانكسارات والجراحات إلى تعلم فن صناعة الأمل فمن يدرى ربما كانت هذه المصائب بابًا إلى خير عظيم، وفرج قريب، ورب محنةٍ في طيها منحة، أوليس قد قال الله: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 216].

سابعا- سنة الإصلاح الاجتماعي:

لقد شكلت الهجرة النبوية المباركة لحظةً فاصلة في تاريخ الرسالة الكبرى للبلاغ النبوي. ولئن كانت الهجرةُ أمرا إلهيا، وكان اختيارُ المدينةِ المنورة –بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم- وحيا من الله تعالى، تجلت فيها بوضوح الحكمة الإلهية والرؤية النبوية الكلية الشمولية المستقبلية في تدبير المشروع الرسالي والإصلاح الاجتماعي، وإتمامِ مهمة البيان والبلاغ والإصلاح، فإن الأمرَ لم يخرج عن السير على منهاج السنن الإلهية في الإصلاح ثم النصر والتمكين.

ومن ثم إن الهجرة النبوية غيرت مجرى التاريخ تغييرًا لم يشهد له التاريخ مثيلًا؛ حيث أعقبها بناء إنسان صالح، ومجتمع مسلم أخوي، ودولة إسلامية قوية، وعمران إسلامي أصيل، عاش الناس في ظلاله كالجسد الواحد إخوة متوادين متراحمين، ومتعاونين متكافلين.

لقد كانت الهجرة النبوية مقياسَ «تقويم» الأمة، ومؤشرَ قيامتها الناهضة إلى مهام الاستخلاف في الأرض،  وتحقيق الشهود الحضاري على الأمم جميعا.

لقد هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم لبناء مجتمع إسلامي إنساني جديد يقوم على القيم، فكانت هذه الهجرة المباركة منطلقا لذلك صلى الله عليه وسلم، حيث أصبحت المدينة المنورة مركزَ إشعاع حضاري عالمي، ينطلق منه النور إلى ربوع الأرض كلها..

ولذلك قام النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة بعد وصوله إلى المدينة المنورة بقدومه بعدة تدابير عمليةٍ تنظيمية لبناء مجتمع الإسلام والقيم، وذلك من خلال بناءِ المسجد النبوي عاصمةُ الأمة ومجلسُ شوراها وسياستِها وعقودِها، ومحضنُ تربيتها وإصلاحها، ومأوى من لا مأوى له من الفقراء والغرباء.. تلاه الميثاقُ الإيماني وعقدُ نظام المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وهو نظامٌ اجتماعي فريد أسهم في توثيق الروابط الإيمانية وتقويتِها، وتحقيقِ الاندماج الاجتماعي للمهاجرين في مجتمع المدينة، وجعل العلاقاتِ الاجتماعية تقوم على قيم المحبة والرحمة والأخوة والتعاون والتكافل والتضامن، وبعدها تم بناءُ سوقِ المدينة من أجل تحقيق التدافع الحضاري مع اليهود وتحصينِ الأمة على مستوى الأمن الغذائي والاقتصادي، وإعدادِ لبيئة تتعامل بقيم الإسلام وأخلاقه وأحكامه في المعاملات المالية والعلاقات الاقتصادية، والقضاء على الاحتكار اليهودي للسلع والأسعار، تلاه وضعُ دستورٍ مشترك لكل الأمة ومواطني الدولة، وإعلانٍ عالمي للمواطنة وحقوق الإنسان، وميثاقٍ للإنسانية جمعاء، ينظم العلاقات الداخلية والخارجية للمدينة المنورة في السلم والحرب، ويتضمن حقوقَ المواطنة وواجباتِها بغض الطرف عن العرق والدين، ويجعل الولاءَ للرسالة والأمة والدولة.. فتخطى بذلك أنظمةَ الاستبداد والطغيان، ليصل إلى البشرية المحرومة ليرفعَها إلى مقام الآدمية المكرمة والإنسانية المحترمة الحرة..

إن الهجرة النبوية المباركة دليل على سنة الله في إصلاح الإنسان ثم إصلاح الأوطان.

ثامنا-سنة النصر الإلهي:

يقول الله تعالى وتقدس:﴿إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾(التوبة:40).

عَنْ أبي  بَكْرٍ الصديق رضي الله عنه قَالَ: “كُنْتُ مَعَ النبي صلى الله عليه وسلم في الْغَارِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِأَقْدَامِ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ بَعْضَهُمْ طَأْطَأَ بَصَرَهُ رَآنَا. قَالَ: »اسْكُتْ يَا أَبَا بَكْرٍ، اثْنَانِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا»”([15]).

كما أن في قصة سراقة الذي عثرت به فرسُه في كل مرة يحاول اللحاق برسول الله صلى الله عليه وسلم والقبضَ عليه([16]) أعظمُ دليل على تحقق وعدِ الله بعصمة نبيه من الناس، وعلى التأييد الإلهي والنصر الرباني لنبيه صلى الله عليه وسلم.

لقد كان سراقة ُفي بداية أمره يريد القبضَ على النبي صلى الله عليه وسلم، ويسلِّمه لزعماء مكة لينالَ مائةَ ناقة، وإذا بالأمور تنقلب رأسًا على عقب –لما رأى المعجزةَ أمام عينية-، فأصبح يرد الطلبَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل لا يلقى أحدًا من الطلب إلا رده قائلا: كُفيتم هذا الوجه([17]).

وصدق الله حيث قال: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (المجادلة: 21).

إن الهجرة المباركة كانت فاتِحَةَ الأمل، وبارقةَ النَّصر، وطريقةَ العودةِ لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه إلى مكَّة فاتحين ظافرين.

مسك الختام:

إن الأمة المسلمة في أمس الحاجة إلى استحضار معاني الهجرة النبوية، والوقوف عند سنن الله فيها؛ لتكون نِبراسًا يبصرها بواقعها، ويُضيء لها مستقبلها الحضاري، ويعيدها إلى الطريق المستقيم.

وإن الأمة لقادرة بإذن الله تعالى -إذا عادت إلى مصدر عزها- أن تكون رحمة في العالمين وبلسما وشفاء للناس أجمعين. ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾(آل عمران:160).

فلا تحسبن أن الهجرة والنصرة معنيان قاما بالجيل الأول ثم ذهبا، كلا. فإن معاني القرآن الكريم خالدة، وقيمَه مستمرة، وأخلاقه لا تبلى.. وأشكال الهجرة متنوعة، حسب كل عصر وزمان، ونور الله خالد.

إن الهجرة النبوية تعلمنا دروسا كثيرة؛ تعلمنا كيف نَتحرَّر مِن العلائقِ، وكيف ننتصِر على العوائِق، تعلمنا كيف نَبذل النَّفْس والنَّفيس، والجاه والملذَّات، تعلمنا كيف نَتحرَّر مِن فكِّ قيودِ العادات، ونَتَّخذ مِن العامِ الهجريِّ الجديدِ منطلقًا للتحوُّلِ والهجرة عن كلِّ ما حَرَّم الله من الذنوب والمعاصي، والظلم والفساد والطغيان، وعن كلِّ عادةٍ سيئةٍ تخالِف رِضاه، ونربط هذا التحوُّلَ بجيل الصحابة رضي الله عنهم الذين تَحوَّلوا في حياتهم، ووطَّنوا الإيمانَ ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قلوبِهم، وغادروا كلَّ ما يحجبهم عن صفو الحب، فطَهُرتْ أنفسُهم، وحَسُنتْ نيَّاتهم، فأخلصوا لله، وتخلَّصوا مِن التعلُّق بما سواه، فزَكَّاهم وشهِد لهم بالصِّدق والنَّقاء والطهر؛ فقال عزَّ مِن قائل: ﴿لِلۡفُقَرَاۤءِ ٱلۡمُهَـٰجِرِینَ ٱلَّذِینَ أُخۡرِجُوا۟ مِن دِیَـٰرِهِمۡ وَأَمۡوَ ٰ⁠لِهِمۡ یَبۡتَغُونَ فَضۡلࣰا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَ ٰ⁠نࣰا وَیَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۤۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ. وَٱلَّذِینَ تَبَوَّءُو ٱلدَّارَ وَٱلۡإِیمَـٰنَ مِن قَبۡلِهِمۡ یُحِبُّونَ مَنۡ هَاجَرَ إِلَیۡهِمۡ وَلَا یَجِدُونَ فِی صُدُورِهِمۡ حَاجَةࣰ مِّمَّاۤ أُوتُوا۟ وَیُؤۡثِرُونَ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةࣱۚ وَمَن یُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾ [الحشر:8-9].

فدَعوةٌ نُسطِّرها لأنفسِنا لننطلقَ بالهجرةِ إلى الله تعالى في عامٍ هجريٍّ جديدٍ، في سفَر على سفينة المحبة والإيمان، إلى معدنِ الهُدَى ومَنبعِ النُّور المتلقَّى مِن هدي الحبيب صلى الله عليه وسلم.. فلْنَمضِ مهتدين بهَديِه وسائرين على منهاجه، ومستأنسين بحياةِ الصحب الكرام الذين غيرَّوا بحبهم وصدقهم وأخلاقهم التاريخَ، ورسموا لنا خُطَى العزِّ والنصر والتمكين، بإخلاصهم وصدقهم في إيمانهم، وجهدهم الميمون – رضي الله عنهم ورَضُوا عنه، وجمَعَنا وإيَّاهم في دارِ المتقين الأبرار.

 


الهوامش:

([1]) “السنن الإلهية هي: إرادة الله الكونية، وأمره الشرعي، وفعله المطلق، وكلماته التامات، وحكمته في آفاق الكون وتسلسل التاريخ، الجارية بالعباد عبر رحلة الأعمار إلى المعاد”. انظر كتاب: علم السنن الإلهية من الوعي النظري إلى التأسيس العملي، رشيد كهوس، ص22.

([2]) صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ح3.

([3]) سنن الترمذي، أبواب المناقب، بَابٌ فِي فَضْلِ مَكَّةَ، ح3925. قال الألباني: حديث صحيح.

([4]) ينظر: فقه السيرة النبوية: المفهوم والأسس والنماذج، رشيد كهوس، ص142-143.

([5]) السنن الإلهية في السيرة النبوية، رشيد كهوس، ص232.

([6]) انظر: سيرة ابن هشام، 2/354. البداية والنهاية لابن كثير، 2/184-185. تاريخ الطبري، 1/586. سيرة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، سليمان الندوي، ص51. الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم لابن كثير، ص33.

([7]) مصنف ابن أبي شيبة، باب ما قالوا في مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم، 7/346.

([8]) انظر: سيرة ابن هشام، 2/350-352. البداية والنهاية، 2/182-183.

([9]) سيرة ابن هشام، 2/352-354. البداية والنهاية، 2/183.

([10]) الجُحْفة: ميقات أهل الشام ومصر….

([11]) صحيح البخاري، كتاب فضائل المدينة، باب كراهية النبي × أن تعرى المدينة، ح1790. صحيح مسلم، كتاب الحج، باب الترغيب في سكن المدينة والصبر على لأوائها، ح1376.

([12]) صحيح البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، ح3922.

([13]) انظر: صحيح البخاري، كتاب المناقب، ح3906. سيرة ابن هشام، 2/357-358. البداية والنهاية، 2/191-192.

([14]) انظر: السيرة النبوية، علي محمد الصلابي، ص275.

([15]) صحيح البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، ح3922.

([16]) انظر: صحيح البخاري، كتاب المناقب، ح3906. سيرة ابن هشام، 2/357-358. البداية والنهاية، 2/191-192.

([17]) انظر: السيرة النبوية، علي محمد الصلابي، ص275.

اترك تعليق

  1. يقول قتيبة كعكة:

    بوركتم وسددتم على هذا المقال الطيب ..
    وللنصح إخواني: ذكرتم في المقال سيد الوجود .. فيه غلو غير محمود؛ فلو تستبدل بسيد ولد آدم عليه السلام.
    جزاكم الله خيرًا.

  2. يقول jeacinc:

    I was as hydrated as I would normally be for a run; in fact, I made more frequent water stops than usual, opting for Gatorade instead of water, specifically to avoid the possibility of cramping cheapest propecia uk We next asked if the ERО± enhancers associated with E 2 responsive lncRNAs are active enhancers and how they respond to oestrogen signalling

  3. يقول Trudi:

    You are in reality a excellent webmaster. The web site loading speed is
    incredible. It seems that you’re doing any unique trick.
    Furthermore, the contents are masterwork. you have
    performed a fantastic activity in this matter! Similar here: dobry sklep and also here: Bezpieczne zakupy