صحوة المسلمين فى تركيا – مقال بقلم الشيخ محمد الغزالي

بقلم الشيخ محمد الغزالي رحمه الله تعالى(*)

قلبى مع الشعب التركى الذى يحن إلى دينه، ويريد الحياة فى ظلاله! الشعب الذى غلبه البكاء وهو يستمع إلى الأذان ينطلق باللغة العربية من المساجد بعد أن خرست المآذن دهرا وحرم عليها دعاء المؤمنين إلى الصلاة بلغة الوحى!.

إن الأتراك يحلمون بعودة جادة إلى دينهم، أى إلى مجدهم الباذخ وعزهم القديم، ولكن الشعب المؤمن يكابد أهوالا جمة وهو يشق طريقه إلى تلك الغاية!.

وأعداء الإسلام يرقبون هذه الصحوة الإسلامية بحذر وضيق ويضعون العوائق فى وجهها، وتقول جامعة “بافلو” الأمريكية: إن هذه الصحوة موجهة ضد الثورة الثقافية التى قام بها كمال أتاتورك.

وهى بهذا الاتهام تستحث الدولة على ضرب الشعب، ومنعه من العودة إلى دينه!.

وقد قرأت نبأ ندوة أقامتها الجامعة الأمريكية المذكورة عن الاتجاهات الجديدة فى الشرق الأوسط المعاصر! وعقدت جلسة خاصة بالإسلام فى تركيا تحدث فيها الدكتور “إدوارد فيلب ” عن الأحوال السائدة فى هذا القطر الإسلامى التى تهب عليه تيارات الفتنة من كل ناحية.

استوقفنى أن الرجل اعترف بفشل كل محاولات التكفير والإضلال و”العلمنة ” و”التغريب” التى تتعرض لها الأمة التركية من ستين عاما! وبقاء الجماهير متشبثة بعقائدها وعباداتها وتقاليدها الإسلامية وشعائرها وشرائعها، لا تزيدها الفتن المتلاحقة إلا يقينا وصلابة..

ورأى الدكتور المحاضر أن للصحوة الإسلامية المحذورة مظاهر، منها تشييد آلاف المساجد لإقام الصلاة، ولتلقين النشء الجديد دروس القرآن الكريم، وقد لوحظ إقبال شديد على حلقات التحفيظ.

ومنها ارتداء الطالبات لغطاء الرأس، وإصرارهن على هذا الزى الإسلامى برغم القرار الذى أصدرته إدارات ثمان وعشرين جامعة ومعهدا عاليا بتحريم هذا الزى!.

والقرار المذكور كما يمنع ملابس الحجاب ويطارد أصحابها يمنع من دخول الجامعات الطلاب الذين يوفرون لحاهم..

والغريب أن المحكمة العليا أمضت هذا القرار حماية للنظام العام! ومع هذا كله فدائرة الإسلام تنداح، والجماهير تقبل عليه وتهتف به، وحصون الإلحاد الكمالى تتداعى حصنا بعد حصن، ودسائس الاستعمار العالمى تفتضح يوما بعد يوم، إن الرغوة التى غطت سطح الموج تتلاشى مؤكدة قول الحق: ﴿فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَیَذۡهَبُ جُفَاۤءࣰۖ وَأَمَّا مَا یَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَیَمۡكُثُ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ﴾ [الرعد ١٧].


(*) مأخوذ من كتاب الحق المر: 2/ 66-67.

اترك تعليق