الباحثة/ أنيسة بنعيم سحتان
مقصد تحقيق مبدأ الاستخلاف والعمران من خلال حتمية التدافع.
لا ريب أن القرآن الكريم اهتم بالحديث عن السنن الاجتماعية في مواطن عديدة من آياته، وقلّما نجد سورة من السور لم يرد فيها ذكر لبعض السنن الاجتماعية إما بدلالة المنطوق أو بدلالة المفهوم، كما أبرز القرآن هذه السنن بصورة تدعو المسلم المتدبر لكتاب الله عز وجل والمتأمل لمعانيه إلى البحث عن أسرارها، وإدراكها بوجه يؤدّي إلى حسن الاستفادة منها في أداء طاعة الله تعالى، وفي تحمل مسؤولياته للقيام بعمارة الأرض بموجب نظرية الاستخلاف، خاصة في سياق الصراع والتدافع الحاصل بين أجناس البشر، وما كان هذا التأكيد على هذه السنن وفوائدها إلا لكونها حوت مقاصد جليلة، تعود أهمية إدراكها على حياة الفرد والمجتمع، ويتحقق بها الاستخلاف المنشود .
فالسنن الاجتماعية:
هي المنظومة السننية التي تحكم صيرورة العمران البشري، وتؤطر حركة الحياة وسير المجتمعات وتحقق الاستخلاف الإنساني.
وتجدر الإشارة كذلك إلى أن تحقيق الاستخلاف في الأرض يأتي بعد حركة التدافع التي تفرضها طبيعة الصراع البشري، وهي قضية حتمية.
وعند تتبع استعمالات مصطلح ” التدافع ” في الفكر الإسلامي نجد أن المفكرين وعلماء الإسلام يوظفونه في سياق اجتماعي، لا يخرج عن الدائرة القرآنية أو الاستعمال القرآني، وهذه بعض من تعريفاتهم له:
فقد عرفه عمر عبيد حسنة بأنه:” عملية تفاعل إنساني تقتضيها طبيعة العمران والاجتماع البشري، وهو سنة ربانية ثابتة مستمرة في العباد؛ حفظا لاستقامة حال العيش، واعتدالا لميزان الحياة، ” فالمدافعة بين الخير والشر هي سنة الحياة وسبيل النمو والارتقاء، وأن الشر من لوازم الخير، وأن الفعل التاريخي وامتداد الحياة هو ثمرة للضرب بين الحق والباطل، قال سبحانه:( كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اُ۬للَّهُ اُ۬لْحَقَّ وَالْبَٰطِلَۖ فَأَمَّا اَ۬لزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءٗ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ اُ۬لنَّاسَ فَيَمْكُثُ فِے اِ۬لَارْضِۖ ) [سورة الرعد: الآية 19]، وأن هذه المدافعة هي من رحمة الله بعباده، والتمكين لإظهار الحق واستمراه، وسبيل من سبل الحيلولة دون الفساد واستمرار الإفساد “[1] .
وعرفه محمد عمارة بأنه عبارة عن:” حراك واستباق يعدل الخلل الفاحش بين الفرقاء المختلفين، ليعيد العلاقة بينهم إلى مستوى التوازن الوسطي العادل، وبذلك ينتفي سكوت الموت بين الفرقاء المتعددين، وتنجو التعددية من موات الصراع الذي يصرع به طرف غيره من الأطراف “[2] .
وقال في موضع آخر أنه ” حراك اجتماعي وثقافي وحضاري، وتنافس وتسابق بين الحضارات يعدل المواقف الظالمة، والممارسات الجائرة، والعلاقات المنحرفة دون صراع يصرع الأطراف الأخرى فيلغي التعددية، وإنها بالحراك والتسابق الذي يعيد العلاقات المختلة إلى درجة التوازن والعدل في العلاقات بين الفرقاء “[3] ، أي: أن التدافع لا يريد صرع ولا إزهاق الآخر، وليس كما قال بذلك يوسف كمال، بأن ” المقصود بالتدافع إزهاق نهائي للباطل لا يصلح معه أي لقاء، ولا تتحقق به وحدة بين الأضداد، ويشتد الحق على الباطل ليقضي على كل انحراف عن سنة الله “[4] ، فالأمر هنا لا يقتضي القضاء والفناء، وإنما يقتضي التعديل والتحريك من موقع إلى آخر، فالتدافع إنما يروم التحجيم من الشر وتوسيع دائرة الخير والصلاح، فإذا كان كل انحراف عن سنة الله عز وجل وهو في حقيقته سنة من سنن الله أن يكون هناك من هو خارج عن أمر الله يوجب القضاء عليه، فإن هذا يخالف سننه الكونية، إن المطلوب اليوم في ظل هذا التنوع الحضاري أن تستوعب الأمم والشعوب أن أمر الصراع والمصارعة يحتم الخسارة للطرفين معا، إذ الأمر والموقف صعب يتطلب تكاثف الجهود ومحاولة الخروج من هذا المأزق المأزوم الذي تعيشه الإنسانية اليوم.
ومن ثمة فكلمة ” التدافع ” كما يقول عبد الحليم عويس ليست من نوع الصراع ولا سيما بمحتواه الفلسفي الجدلي، فإن التدافع ليس إلا قمة الاستثارة ليبقى في النهاية ما ينفع الناس “[5] .
1– سنة التدافع في القرآن الكريم:
إن المتتبع لآيات القرآن الكريم يجد أن لفظ ” الدفع ” بمشتقاته ورد في آيات متعددة، وفي مواضيع متعددة وبمعان عديدة؛ كالصراع بين الحق والباطل، وبين المؤمنين والكافرين، وبين الخير والشر، وهذه الآيات هي:
1 – قوله تعالى:( وَلَوْلَا دِفَٰعُ اُ۬للَّهِ اِ۬لنَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٖ لَّفَسَدَتِ اِ۬لَارْضُ وَلَٰكِنَّ اَ۬للَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَي اَ۬لْعَٰلَمِينَۖ) [سورة البقرة: الآية 249].
أي؛” لولا أن الله تعالى يدفع أهل الباطل بأهل الحق، ويدفع الفساد في الأرض بأهل الإصلاح فيها، لغلب أهل الباطل والإفساد في الأرض وبغوا على الصالحين وأوقعوا بهم، حتى يكون لهم السلطان وحدهم، فتفسد الأرض بفسادهم، فكان من فضل الله على العالمين وإحسانه إلى الناس أجمعين أن أذن لأهل دينه الحق المصلحين في الأرض بقتال المفسدين فيها من الكافرين والبغاة المعتدين، فأهل الحق حرب لأهل الباطل في كل زمان، والله ناصرهم ما نصروا الحق وأرادوا الإصلاح في الأرض “[6].
فهذه الآية الكريمة تبين لنا حكمة الله عز وجل في سنة التدافع إذ لولا وجودها لسيطر أهل الباطل على الأرض وفسدت الأرض، ولكن من رحمته عز وجل أن أذن للناس بالتدافع .
2 – قوله سبحانه: ( ا۟ذِنَ لِلذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْۖ وَإِنَّ اَ۬للَّهَ عَلَيٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌۖ (37) اِ۬لذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيٰ۪رِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ اِلَّآ أَنْ يَّقُولُواْ رَبُّنَا اَ۬للَّهُۖ وَلَوْلَا دِفَٰعُ اُ۬للَّهِ اِ۬لنَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٖ لَّهُدِمَتْ صَوَٰمِعُ وَبِيَعٞ وَصَلَوَٰتٞ وَمَسَٰجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اَ۪سْمُ اُ۬للَّهِ كَثِيراٗۖ وَلَيَنصُرَنَّ اَ۬للَّهُ مَنْ يَّنصُرُهُۥٓۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌۖ )38) [سورة الحج: الآية 37-38].
” إن أماكن العبادة كلها معرضة للهدم، على قداستها وتخصيصها لعبادة الله لا يشفع لها في نظر الباطل أن اسم الله يذكر فيها، ولا يحميها إلا دفع الناس بعضهم ببعض، أي دفع حماة العقيدة لأعدائها الذين ينتهكون حرمتها، ويعتدون على أهلها، فالباطل متبجح لا يكف ولا يقف عن العدوان إلا أن يدفع بمثل القوة التي يصول بها ويجول ولا يكفي الحق أنه ليقف عدوان الباطل عليه، بل لابد من القوة التي تحميه وتدافع عنه، وهي قاعدة كلية لا تتبدل مادام الإنسان هو الإنسان “[7] .
وتدل سنة التدافع على أن هذه السنة من نعم الله تعالى وفضله على عباده، مع أن في ثناياها القتل والموت، وهذا يؤكد قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ اُ۬لْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٞ لَّكُمْۖ ) [سورة البقرة: الآية 214].
كما تدل على إظهار الحكمة من هذه السنة وهي إظهار الحق والصلاح في الأرض وإبعاد الباطل والفساد، فهذا هو المقصد الأعظم للحياة.
وفي هذه السنة حث الأمة على الأخذ بأسباب القوة في كل زمان وكان تحقيقا لسنة التدافع .
2– التدافع يكشف عن طبيعة المعركة بين حزب الرحمن وحزب الشيطان:
وجدير بالذكر أن التدافع بين الحق والباطل سنة عامة؛ إذ هي المحرك الرئيس لأحداث التاريخ، قررها ربنا سبحانه وتعالى منذ فجر الوجود البشري على سطح هذا الكوكب، فقال عندما هبط آدم وحواء إليه قوله : (فَأَزَلَّهُمَا اَ۬لشَّيْطَٰنُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِۖ وَقُلْنَا اَ۪هْبِطُواْۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوّٞۖ وَلَكُمْ فِے اِ۬لَارْضِ مُسْتَقَرّٞ وَمَتَٰعٌ اِلَيٰ حِينٖۖ ) [سورة البقرة: الآية 35].
وهذا الصراع مستمر وسيتواصل إلى أن يرث الله عز وجل الأرض ومن عليها، كما في قوله تعالى : (وَلَا يَزَالُونَ يُقَٰتِلُونَكُمْ حَتَّيٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمُۥٓ إِنِ اِ۪سْتَطَٰعُواْۖ ) [سورة البقرة: الآية 215].
وهذا التقرير من العلي الخبير يكشف عن طبيعة المعركة بين الحق والباطل، وعلى فتنة المسلمين عن دينهم بوصفها الهدف الثابت المستمر لأعدائهم، وهو الهدف الذي لا يتغير لأعداء الإسلام من وثنيين ويهود ونصارى وملاحدة في كل زمان وفي كل أرض[8] .
إن وجود الإسلام في الأرض هو بحد ذاته غيظ ورعب لأعدائه؛ فهو من القوة والمتانة بحيث يخشاه كل مبطل، ويرهبه كل باغ، ويكرهه كل مفسد، ومن ثم لا يطيقه المبطلون والظالمون والمفسدون؛ ذلك أنهم لا يأمنون على باطلهم وبغيهم وفسادهم وفي الأرض جماعة مسلمة تؤمن بهذا الدين وتتبع هذا المنهج وتعيش بهذا النظام، ومن ثم يرصدون لأهله ويتربصون بهم ليفتنوهم عنه ويردوهم كفارا في صورة من صور الكفر الكثيرة [9] .
وتتنوع وسائل قتال هؤلاء الأعداء للمسلمين وأدواتهم، ولكن السنة تظل ثابتة: أن يردوا المسلمين الصادقين عن دينهم إن استطاعوا، وكلما انكسر في يدهم سلاح انتضوا سلاح غيره، وكلما كلت في أيديهم أداة شحذوا أداة غيرها دون كلل أو ملل. والتوجيه الصادق من العليم الخبير قائم يحذر الجماعة المسلمة من الاستسلام، وينبهها إلى الخطر، ويدعوها إلى الصبر على الكيد، والصبر على الحرب، ومدافعة الأعداء بكل وسيلة ممكنة، وإلا فهي خسارة الدنيا والآخرة [10] .
وهكذا كان، وهكذا يكون وسيكون؛ فلا يزال الكفار يقاتلون المسلمين ويواجهونهم بأساليب متنوعة ليردوهم عن دينهم إن استطاعوا، ولم ولن يستطيعوا بإذن الله تعالى؛ لأن قوله جل ثناؤه: (إِنِ اِ۪سْتَطَٰعُواْۖ )يفيد ضعف استطاعتهم وعدم الثقة بها، لأن من عرف الإسلام معرفة صحيحة وهو الحق الصريح لا يرجع عنه إلى الكفر وهو الباطل المحقق[11] .
وهذه المعركة بين أهل الحق وأهل الباطل تتلون بألوان شتى، وتتخذ أساليب ووسائل متنوعة، وإيحاءات خادعة، كما في قوله تعالى:( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِےٓءٍ عَدُوّاٗ شَيَٰطِينَ اَ۬لِانسِ وَالْجِنِّ يُوحِے بَعْضُهُمُۥٓ إِلَيٰ بَعْضٖ زُخْرُفَ اَ۬لْقَوْلِ غُرُوراٗۖ) [سورة الأنعام: الآية 113].
فسنة الله في خلقه مضت بأن يكون الشرير المتمرد على الحق، العاتي عن المعروف، عدوا للأنبياء عليهم السلام ومن سار على دربهم من ورثتهم وناشري هدايتهم، وهذا شأن كل ضدين: يدعو أحدهم إلى خلاف ما عليه الآخر؛ بسبب الاختلاف في المنطلقات والوسائل والأهداف والغايات، وبسبب التنازع في النظرة إلى الإنسان والكون والحياة .
ونسبة العداوة إلى أحدهما تأتي من كون أحدهما خيرا محقا والآخر شريرا مبطلا؛ لأنه هو الذي سعى إلى إيذاء مخالفه بكل وسيلة يستطيعها وإن كان يعلم أنه يريد له الخير. وسبب هذا التصدي يرجع إلى حب الشهوة والزعامة بالباطل، والخوف على الترف والنعيم، ولذلك فهو من فعل البؤساء المستكبرين والعتاة المتمردين الذين نصبوا أنفسهم لعداوة الأنبياء والدعاة وإيذائهم، وصد الناس عنهم بأساليب الدعاية المموهة الخفية التي لا يفطن لباطلها كل أحد من الناس[12].
3 – تنازع البقاء بين الأضداد وحتمية التدافع لمصلحة البشرية:
إن سنة عداوة الأشرار للأخيار هي ما يعبر عنه علماء الاجتماع بقانون: ” تنازع البقاء بين المتقابلات أو الأضداد ” التي تفضي بالتدافع والجهاد والتمحيص إلى ما يسمونه قانون: ” الانتخاب الطبيعي “؛ أي انتصار الأقوى وبقاء الأصلح، وهو ما يطلق عليه القرآن الكريم: ” الحق ” و ” النافع ” كما في قوله تعالى : (كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اُ۬للَّهُ اُ۬لْحَقَّ وَالْبَٰطِلَۖ فَأَمَّا اَ۬لزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءٗ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ اُ۬لنَّاسَ فَيَمْكُثُ فِے اِ۬لَارْضِۖ ) [سورة الرعد: الآية 19][13] .
ولكن للأسف فإن أكثر المسلمين في هذا العصر يجهلون هذه السنة الحكيمة، ويشتبه عليهم فهمها في تطبيقها على أنفسهم، ظانين أن مجرد تسميتهم مسلمين كاف لينزل عليهم نصر الله، وإن خالفوا سننه بظلمهم وفسقهم وكسلهم وفرقتهم، وترك مصدر القوة من المعرفة والإعداد والتخطيط والإبداع والنظام والوحدة، وغير ذلك من العوامل التي تحقق كمال الاستعداد لتوظيف سنة التدافع أو ” تنازع البقاء ” على أكمل وجه.
وفي ضوء العداوة المكينة بين المؤمنين ومن خالفهم من ملل الكفر، فالتدافع بين الحق والباطل، أي بين أصحابهما، أمر حتمي لابد منه؛ لأنهما ضدان، والضدان لا يجتمعان . وإذ يستلزم تطبيق أحدهما مزاحمة الآخر وطرده وإزالته، أو على الأقل إضعافه ومنعه من أن يكون له تأثير في واقع الحياة فلا يتصور وفق هذه السنة أن يعيش الحق والباطل في سلام ووئام دون غلبة أحدهما على الآخر، إلا لعلة؛ كضعف أصحابهما، أو جهلهم بمعاني الحق والباطل ومقتضيات ولوازم هذه المعاني، أو ضعف تأثيرها في نفوسهم[14] .
والحقيقة التي ينبغي إيضاحها هي أن التدافع الذي يعنيه القرآن الكريم من خلال هذه السنة هو الذي يكون لخير وصالح البشرية، وبه يتحقق السلام العالمي في أبهى صوره، بتحقيق العبودية لله وحده في الأرض، وإزالة كل طاغوت يعبد من دون الله تعالى : (وَقَٰتِلُوهُمْ حَتَّيٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٞ وَيَكُونَ اَ۬لدِّينُ كُلُّهُۥ) [سورة الأنفال: الآية 39].
فالبشرية بدون العبودية لله عز وجل لا تستطيع أن تسلك قاعدة عليها من الحق؛ لأن لكل معبود من الشركاء قاعدته الخاصة وسبيله المختلف، ولا سبيل أبدا لتوحيد هذه القواعد إلا بالتخلص من الشركاء جميعا، والاتجاه المنقاد المستسلم له تعالى وحده لا شريك له[15] .
وبين فوضى الأرباب والطواغيت والمعبودات ذات الأسماء والشعارات والصور المتباينة يرسم القرآن الكريم للمؤمن الموحد طريقا واضحا أبلجا، لا زلل فيه ولا عثار، محذرا إياه بأن اختياره لغير هذا الطريق، أو تردده في الإمساك به معناه الكارثة المحققة والخسارة الكبرى قوله 🙁 قُلَ اَفَغَيْرَ اَ۬للَّهِ تَامُرُونِيَ أَعْبُدُ أَيُّهَا اَ۬لْجَٰهِلُونَۖ (61) وَلَقَدُ ا۟وحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَي اَ۬لذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنَ اَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ اَ۬لْخَٰسِرِينَۖ (62) بَلِ اِ۬للَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ اَ۬لشَّٰكِرِينَۖ (63( )[سورة الزمر: الآية 61-63].
كما بين القرآن الكريم أن عاقبة التدافع تكون دائما للمؤمنين، مهما طال الطريق وعصف بهم طغيان الكافرين قوله تعالى: ( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَي اَ۬لذِينَ اَ۟سْتُضْعِفُواْ فِے اِ۬لَارْضِ وَنَجْعَلَهُمُۥٓ أَئِمَّةٗ وَنَجْعَلَهُمُ اُ۬لْوَٰرِثِينَ) [سورة القصص: الآية 4]، وقوله تعالى:( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِے اِ۬لزَّبُورِ مِنۢ بَعْدِ اِ۬لذِّكْرِ أَنَّ اَ۬لَارْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ اَ۬لصَّٰلِحُونَۖ )[سورة الأنبياء: الآية 104].
على أن هذه السنة مترتبة على سنة الإعداد، وماضية عبر التاريخ الإنساني الطويل، وباقية مادام الاختلاف باقيا بين الناس، حتى يرث الله تعالى الأرض ومن عليها قوله تعالى: (وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ اَ۬لنَّاسَ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَۖ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْۖ )[سورة هود: الآية 118].
ويحتدم التدافع نتيجة هذا الاختلاف لإقرار الحق أو إقرار الباطل قوله:( اِ۬لذِينَ ءَامَنُواْ يُقَٰتِلُونَ فِے سَبِيلِ اِ۬للَّهِۖ وَالذِينَ كَفَرُواْ يُقَٰتِلُونَ فِے سَبِيلِ اِ۬لطَّٰغُوتِۖ ) [سورة النساء: الآية 75].
وقد أوضح الله جل ذكره أن الجهد الإنساني للمؤمنين هو الذي يحسم الصراع بقدر الله تعالى لصالح الفئة المؤمنة؛ حيث قضت سنته في تدافع الحق والباطل أن الغلبة للحق وأهله، وأن الاندحار والمحق من نصيب الباطل وأهله قوله:( وَيَمْحُ اُ۬للَّهُ اُ۬لْبَٰطِلَ وَيُحِقُّ اُ۬لْحَقَّ بِكَلِمَٰتِهِۦٓۖ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ اِ۬لصُّدُورِۖ ) [سورة الشورى آية 22][16] .
4 – روح التدافع ومقتضى أصول العمران:
لقد قدمت نصوص القرآن الكريم الحقيقة الكلية لإدراك مقتضيات السنن، عبر خلاصات بشرية ونماذج مطلوبة من قصص الأنبياء مع أممهم، زاخرة بالقيم والقوانين التي تحرك التاريخ مسار التاريخ، أو التي تحرك التاريخ في مسارها، ذلك أن ” أمر البشر في اجتماعهم وما يعرض فيه من مصارعة الحق للباطل وما يتبع ذلك من الحرب والنزال والملك والسيادة وغير ذلك قد جرى على طرق قويمة وقواعد ثابتة اقتضاها النظام العام وليس الأمر أنفا ، ولا تحكما واستبدادا “[17].
إن فقه السنن التي شرعها الله للأنفس والآفاق، من العلوم المطلوبة للمسلمين؛ فبدون العلم بها سوف يخرجون من التاريخ، وينقلبون من طاقة محركة فاعلة، قائدة، مسخرة، إلى أداة معطلة مسخرة.. سوف يتحولون من صناعة التاريخ، إلى محل لحركة التاريخ، وتجاربه. يقول الشيخ محمد رشيد رضا، عند قوله تعالى:( قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٞ فَسِيرُواْ فِے اِ۬لَارْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ اُ۬لْمُكَذِّبِينَۖ) [سورة آل عمران: الآية 137] ” إن إرشاد الله إيانا إلى أن له في خلقه سننا يوجب علينا أن نجعل هذه السنن علما من العلوم المدونة لنستديم ما فيها من الهداية والموعظة على أكمل وجه، فيجب على الأمة في مجموعها أن يكون فيها قوم يبينون لها سنن الله في خلقه كما فعلوا في غير هذا العلم من العلوم والفنون التي أرشد إليها القرآن بالإجمال وقد بينها العلماء بالتفصيل عملا بإرشاده، كالتوحيد والأصول والفقه. والعلم بسنن الله تعالى من أهم العلوم وأنفعها، والقرآن سجل عليه في مواضع كثيرة، وقد دلنا على مأخذه من أحوال الأمم إذ أمرنا أن نسير في الأرض لأجل اجتلائها ومعرفة حقيقتها “[18] .
هذه السنة الاجتماعية التي تحكم التجمعات البشرية، يلمح الإنسان أثرها الفاعل في كل زمان وكل مكان؛ فإذا أحسن المسلم التعامل مع سنن المدافعة يمكن أن يحقق كسبا وإنجازا لقضاياه على الرغم من الضعف والتبعثر، كما أن المسلم يوجد ضمن مجموعة النظم والسنن التي تحكم هذا العالم، ومنها سنة التدافع التي ينبغي نقلها من دائرة التجريد النظري إلى مسالك التوظيف العملي، كما كان صنيع أهل الفضل من هذه الأمة، فقد ذكر الشيخ محمد عبده رحمه الله أن : ” الصحابة كانوا مهتدين بهذه السنن وعالمين بمراد الله من ذكرها، يعني أنهم بما لهم من معرفة أحوال القبائل العربية والشعوب القريبة منهم ومن التجارب والأخبار في الحرب وغيرها وبما منحوا من الذكاء والحذق وقوة الاستنباط كانوا يفهمون المراد من سنن الله تعالى ويهتدون بها في حروبهم وفتوحاتهم وسياستهم للأمم التي استولوا عليها، وما كانوا عليه من العلم بالتجربة والعمل أنفع من العلم النظري المحض وكذلك كانت علومهم كلها “[19] .
وإذا كان التنوع هو منطق التدافع الحضاري البناء؛ فإن من مقاصده التي أسسها الوحي:
– التمكين لإظهار الحق واستمراره.
– تحقيق الصلاح والإصلاح لما يحدث في الاجتماع الإنساني من فساد وإفساد.
– اصطفاء السبيل الأجود لارتقاء معاش الّأمم، واستعادة توازنها، وعافيتها الحضارية، يقول الطاهر بن عاشور[20] في سياق تفسير قوله عز وجل: ( إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَٰٓئِكَةِ إِنِّے جَاعِلٞ فِے اِ۬لَارْضِ خَلِيفَةٗۖ قَالُوٓاْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُّفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ اُ۬لدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّيَ أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَۖ) [سورة البقرة آية 29].”
أتجعل فيها من يفسد فيها دليل على أنهم علموا أن مراد الله من خلق الأرض هو صلاحها وانتظام أمرها وإلا لما كان للاستفهام المشوب بالتعجب موقع وهم علموا مراد الله ذلك من تلقيهم عنه سبحانه أو من مقتضى حقيقة الخلافة أو من قرائن أحوال الاعتناء بخلق الأرض وما عليها على نظم تقتضي إرادة بقائها إلى أمد، وقد دلت آيات كثيرة على أن إصلاح العالم مقصد للشارع “[21] ، وفي موطن آخر يزيد الأمر بيانا فيقول: ” عزز ذلك النظام بقوانين وضعها الله على ألسنة المرسلين والصالحين والحكماء من عباده، الذين أيدهم بالوحي والخطاب الإلهي، أو بالإلهام والتوفيق والحكمة، فعلموا الناس كيف يستعملون ما في الأرض على نظام يحصل به الانتفاع بنفع النافع وإزالة ما في بعض النافع من الضر وتجنب ضر الضار، فذلك النظام الأصلي، والقانون المعزز له، كلاهما إصلاح في الأرض، فإذا غير ذلك النظام فأفسد الصالح، واستعمل الضار على ضره، أو اسْتُبِقِيَ مع إمكان إزالته، كان إفسادا بعد إصلاح، كما أشار إليه قوله تعالى 🙁 وَالذِينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمُۥٓ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍۖ اِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٞ فِے اِ۬لَارْضِ وَفَسَادٞ كَبِيرٞۖ ) [سورة الأنفال: الآية 74][22] .
إن التدافع المطلوب اليوم، هو ذلك التدافع ذو المقصد التعاوني الذي يسعى إلى إشراك جميع الشعوب في تحمل مصير ومستقبل الإنسانية كافة، وينقل العلاقة بين الأطراف المتدافعة من الجمود والسكون إلى الفعل الحضاري المثمر، وتلك هي سنة الشرائع؛ لأن الغاية المهمة عندها هو إصلاح النفوس دون التشفي وحب الغلبة، أما الفتور والتراخي فيفضي إلى التبعية والتقليد، الذين ينتهيان إلى الواحدية والمركزية الحضارية، وحينئذ تؤول المجتمعات إلى الانحلال والبوار والحضارات إلى الدمار، ومن ثمة؛ ” فالنفير الحضاري ” هو عنصر أساسي ومقوم من المقومات العاملة في نشوء الحضارات، فالأمم لا تصنع الحضارة إلا بهبة جماعية تحشد فيها قوى الفرد في نطاقه الداخلي، ثم تحشد قوى الأفراد حشدا جماعيا؛ لتحقيق هدف معين تحمله الفكرة التي تحدد غاية الحياة[23] ، ومهما يكن من ترقي الإنسان الفرد في ذاته؛ فإنه لا يقدر في حال التفرد أن ينجز تلك المهمة؛ فيكون الاجتماع ضرورة حتمية لإقامة نظام العمران .
فالحضارات تتعاون بحسب ما تقدمه للإنسان من الأمان والاطمئنان والكفاية، وهذا ما نبه إليه ابن خلدون بعبارة:” اعلم أن اختلاف الأجيال في أحوالهم إنما هو باختلاف نحلتهم من المعاش، فإن اجتماعهم إنما هو للتعاون على تحصيله والابتداء بما هو ضروري منه ونشيط قبل الحاجي والكمالي “[24] ؛ فما من حضارة إلا وهي محصلة تفاعل مجموعة من الحضارات، وتلاقح فيما بينها، وترابط بين حلقاتها، وتكامل بين عناصرها، فلم يعرف العالم في أي عصر من العصور حضارة قائمة الذات لم تمتزج بحضارات أخرى، ولا عرف ثقافة خالصة، بل إن صناعة التاريخ فعل مشترك أسهم فيه كل من له عين ترى، وأذن تسمع، وعقل يعي وقلب يخفق .
ومن هذا المنطلق الحضاري؛ فإن تاريخ الحضارة الإسلامية هو:
تاريخ تدافع إيجابي مع باقي الحضارات، وقد استطاعت في معظم الأحيان، أن تنوع في أنماط الاستجابة بأكبر قدر من التكيف والمرونة، وتحتوي العناصر السليمة لدى الغير، بعد تمثلها وتحويلها إلى مادة بنائبة في صيرورة الحضارة الإسلامية تعين على النمو والغنى والامتداد[25] ، لذلك فالمشروع الحضاري الإسلامي أو ” الجواب الإسلامي ” بتعبير الأستاذ طه عبد الرحمن، لا يقر إلا بالتعاون على المعروف طلبا لتحصيل مصالح يزدوج فيها الاعتبار المادي بالاعتبار المعنوي مع إمكان تمحص الاعتبار المعنوي فيها[26] .
إن القوة المادية التي يمتلكها العقل الغربي، في حاجة إلى القوة التوحيدية الروحية التي تمثلها الرؤية الإسلامية الكونية، لذا يجب النظر الفسيح في مستقبل هذا التدافع الحضاري بين الغرب والعالم الإسلامي، حين يصبح إلى التناغم لا إلى التنافر أقرب؛ لأن التمازج السوي للحضارات والأمم بما هو مبدأ قرآني يستند إلى منطق التدافع الحضاري يروم تحقيق مستويات عليا من الرقي القيمي، والأداء الحضاري، وينشد الخير، والحق والعدل، والتسامح للإنسانية قاطبة، ولا يسعى في الأرض فسادا، فهو تدافع لا تنازع، وتحاور لا تناحر.
إن قصد الإصلاح والإعمار المنوطين بالاستخلاف مطالب تتداخل فيها كل الأنساق الحضارية، مادية وأخلاقية وروحية … وكل ضرر أو فساد يلحق بأحدها، ينعكس بشكل أو بآخر على الجوانب الأخرى، وما على الجماعة المؤمنة إلا أن تتحرك لوقفه بأسرع ما تستطيع، وبأقصى ما تطيق؛ لئلا يتحول الفساد إلى فتنة لا تبصر، فهي تخبط الكل، لا تبقي ولا تذر، فهدفنا ينبغي أن يظل دائما في حماية الأمم والحفاظ على مقدراتها، وليس الهجوم عليها وتدميرها؛ فالحضارات هي محصلة التجارب البشرية في سعيها نحو الرقي المادي والروحي للإنسانية، وهي حصون آمنة للجنس البشري ضد النزعات العبثية المدمرة، ومن ثمة لا ينبغي النظر إلى الآخر على أنه عدو يجب قهره، ولكن على أنه إنسان مكرم ينبغي التعامل معه بصورة تحقق حريته وكرامته[27] .
هذا المبدأ يلزم أن تمتثل له الجماعة المسلمة في مهمتها العمرانية قبل غيرها؛ لأن مهمة الاستخلاف والشهادة على الناس، لا تسمحان لنا بالتحيز ضد أحد من خلق الله، أو طلب العلو في الأرض، أو تكريس الصراعات الحضارية بين البشر لنسود عليهم، فعالميتنا الإسلامية، وخروج أمتنا الإسلامية من قبل بالرسالة الخاتمة إلى الناس كافة، واستيعابنا للحضارات والثقافات والأعراق… والتزامنا بعقيدة التوحيد والتعارف بين الناس؛ كل هذا لا يسمح لنا بأن ننغمس في تعصب، أو تحيز ضد الآخرين أو استعلاء عليهم، بل إننا نعذر الغير في تحيزه ضدنا، فله من إرثه التاريخي، ونسقه الحضاري، ولاهوته الديني، ما قد يدفعه لذلك، أما نحن، فما يليق بنا أن نكون متحيزين أو طالبي استعلاء؛ لأننا شهداء على الناس، وحسن أداء الشهادة يتوقف على سلوك سبيل الرحمة والرأفة بالجميع[28]
[1] على طريق الشهود، عمر عبيد حسنة، ط المكتب الإسلامي، بيروت، السنة: 1422ه، ص: 167.
[2] في فقه المواجهة بين الغرب والإسلام، محمد عمارة، مكتبة الشروق الدولة – القاهرة، ط: 2، السنة: 1427ه-2007م، ص: 156-157.
[3] الحضارات العالمية تدافع أم صراع، محمد عمارة، سلسلة في التنوير الإسلامي 24، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، ط: 1- دجنبر 1998 م، ص: 18.
[4] فلسفة التاريخ، يوسف كمال، مجلة المسلم المعاصر، العدد الثالث، رجب 1395ه يوليوز 1975م، ص: 37.
[5] تفسير التاريخ، علم إسلامي- نحو نظرية إسلامية في تفسير التاريخ، عبد الحليم عويس، ص: 221.
[6] تفسير المنار، محمد رشيد رضا،) 2/390(
[7] في ظلال القرآن، سيد قطب، )4/2425(.
[8] في ظلال القرآن، سيد قطب،) 1/227(. بتصرف .
[9] في ظلال القرآن، 1/228.
[10] في ظلال القرآن، سيد قطب،) 1/228 (.
[11] تفسير المنار، محمد رشيد رضا، )2/253(
[12] تفسير المنار، محمد رشيد رضا، )8/6( بتصرف .
[13] تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، )8/6(.
[14] السنن الإلهية في الأمم والجماعات والأفراد في الشريعة الإسلامية، عبد الكريم زيدان، ص: 46.
[15] العلمانية، سفر بن عبد الرحمن الحوالي، القاهرة، مكتب الطيب لخدمة التراث، السنة: 1420ه-2000م، د: ط، ص: 703.
[16] السنن الاجتماعية في القرآن الكريم وعملها في الأمم والدول، محمد أمحزون، ص: 257-258.
[17] تفسير المنار، محمد رشيد رضا، )4/115(.
[18] المصدر نفسه، )4/114(.
[19] تفسير المنار، محمد رشيد رضا، )4/115(.
[20] هو: محمد الطاهر ابن عاشور، رئيس المفتين المالكيين بتونس، وشيخ جامع الزيتونة وفروعه بتونس، ولد عام ( 1296م ) عين شيخا للإسلام هناك، وهو من أعضاء المجمعين العربيين في القاهرة ودمشق، توفي سنة ( 1393م). له مصنفات جليلة، منها: تفسير التحرير والتنوير، مقاصد الشريعة الإسلامية، الأعلام ( 6/174). التحرير والتنوير( 15/180) .
[21] التحرير والتنوير، الطاهر بن عاشور، )1/403(.
[22] المصدر نفسه، )8/175(.
[23] عوامل الشهود الحضاري، عبد المجيد عمر النجار، ص: 191.
[24] ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، عبد الرحمن ابن خلدون، دار الفكر، بيروت، ط: 2، السنة: 1408ه-1988م، ( 1/150 ).
[25] مؤشرات حول الحضارة، عماد الدين خليل، ص: 63.
[26] الحق في الاخلاف الفكري، طه عبد الرحمن، المركز الثقافي العربي، البيضاء، المغرب، ط: 1، 2005م، ص: 173.
[27] الخصوصية والعالمية في الفكر الإسلامي المعاصر، طه جابر العلواني، تقديم: عبد الجبار الرفاعي، سلسلة قضايا إسلامية معاصرة، دار الهادي بيروت- لبنان، ط: 1، السنة: 1424ه-2003م، ص: 137.
[28] الخصوصية والعالمية في الفكر الإسلامي المعاصر، طه جابر العلواني، ص: 78 بتصرف.