منهاج السياسة وسبيل السيادة

بقلم أ.د. محمد يسري إبراهيم

الحمد لله وحده، وصلى الله على نبينا وآله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا، وبعد

فعندما ‏تمسك المسلمون بكتاب ربهم وسنة نبيهم ومحكمات دينهم أصبحوا سادة الدنيا ورواد الحضارة من الخلافة الراشدة إلى العثمانية!

‏وعندما تخلوا عن دينهم ؛ نعقت غربان الخراب الصهيونية والصليبية والعلمانية والقومية والباطنية في ربوعهم ففرط المسلمون في دينهم، و انحطوا إلى دركات التخلف والتبعية في دولهم!

وإن ‏من أشد الخلق غباء أو دهاء من يصف قرون الأمة الخيرة وأزمنتها النيرة من لدن الخلافة العباسية بأنها القرون الوسطى الظلامية!

‏وما عرفت البشرية في تلك القرون حضارة راشدة متطهرة سوى حضارة الدولة العباسية!

‏أما الظلاميون فهم من يسعون اليوم لتشويه الأمة تاريخا وحضارة، ويبيعون الأرض والعرض والمقدسات لأعدائها!

‏لقد زعم الظلاميون الضالون أن دين الحق الإسلام هو سبب تخلف الأمة عن الحضارة، وأنهم سينتشلونها من حضيضها!

فاستلموا قبل قرن كامل القيادة الفكرية والسياسية والاقتصادية عبر العلمانية، والديموقراطية، والرأسمالية، والقومية، ونحّوا دين الله فما قامت لهم وحدة قومية ولا جمعتهم دولة عربية، ولا نفعتهم جامعة دول عربية، ولا تقدمت منهم دولة تقنيا ولا صناعيا!

‏ومن المعلوم أن التقدم التقني الصناعي له أسبابه وقوانينه؛ فمن أخذ بها تقدم في عالم الماديات، وهو ما حدث لدول خرجت مهزومة من الحرب العالمية كاليابان وألمانيا وقد أصبحت الآن في مصاف الدول القوية، بينما هنا دول عربية تملك المقدرات المادية والبشرية ولم تنهض؛ لأن إدارتها القومية وقادتها لا تريد لها أن تنهض لتبقى الأمة في مستنقع الاستضعاف!

‏وحين لا تملك قيادة فكرية أو سياسية شرعية ولا مشروعية ولا مشروعا فإنها ستولي وجهها خارج ديارها؛ لتستمد ما يحفظ بقاءها في موقعها من الخارج لأطول فترة ممكنة!

‏ولتبقى الأمة مرتهنة لإملاءات الخارج الذي لن يسمح بمشروعٍ وطني للتقدم المادي، حتى لو كان بعيدا عن أي خلفية حضارية أو أيديولوجية، فضلا عن إسلامية!

‏والواجب المتحتم على علماء الأمة وحكامها ورجال أعمالها السعي للانعتاق من التبعية المذلة للغرب الاستعماري، والانتساب إلى الأمة والاعتزاز بثوابتها، والالتحام بشعوبها، والانطلاق من رؤية تحفظ الدين والخلق القويم، وتحقق للناس كفايتهم، وتصون كرامتهم، وتصلح بالتدرج معاشهم وحياتهم، وتمكنهم بقوة من مشروع غدٍ واعد، والحرب العسكرية ومثلها السياسية: خدعة!

‏”ولينصرن الله من ينصره”.

اترك تعليق