وتزودوا – الشيخ محمد الغزالي

بقلم فضيلة الشيخ محمد الغزالي رحمه الله(*)

 يستعد المؤمن لرمضان قبل مَقدمه: كيف يُحسن صيامه وقيامه؟ كيف يَخرج منه مغفورَ الذنب مُضاعفَ الأجر؟

فإن الشهر الكريم تدريب على الطاعة وترشيح للتقوى كما قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَیۡكُمُ ٱلصِّیَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة ١٨٣]، ومن الخطأ تصورُ الاستعدادِ بأنه تدبيرُ النفقات وتجهيز الولائم للأضياف.

إن هذا الشهر شُرع للإقبال على الله والاجتهاد فى مرضاته وتدبر القرآن وجعل تلاوته معراجَ ارتقاءٍ وتزكية، إنه سباق فى الخيرات يَظفر فيه مَن يَنشطُ ويتحمس!

عن جابر بن عبد الله أن رسول الله – صلي الله عليه وسلم – قال: “أُعطيتْ أمتي في شهرِ رمضانَ خمسًا لم يُعطهنَّ نبيٌّ قبلي:

أما واحدةٌ: فإنه إذا كان أولُ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ نظر اللهُ تعالى إليهم، ومن نظر اللهُ إليه لم يعذبْه أبدًا.

وأما الثانيةُ: فإنّ خَلوفَ أفواهِهم حين يُمسون أطيبُ عند اللهِ من ريحِ المسكِ.

وأما الثالثةُ: فإنّ الملائكةَ تستغفرُ لهم في كلِّ يومٍ وليلةٍ.

وأما الرّابعةُ: فإنّ اللهَ تعالى يأمرُ جنتَه فيقولُ لها: استعدي وتزيني لعبادي أوشك أنْ يستريحوا من تعبِ الدنيا إلى داري وكرامتي.

وأما الخامسةُ: فإنه إذا كان آخرُ ليلةٍ غُفر لهم جميعًا، فقال رجلٌ من القومِ: أهي ليلةُ القدرِ؟ فقال: لا، ألم تر إلى العمالِ يعملون فإذا فرغوا من أعمالهم وُفُّوا أجورَهم؟”([1]).

والمهم فى الصيام والقيام أن يصحبهما اليقينُ وتحملُ التعبِ لوجه الله تعالى؛ ولذلك صرحت الأحاديث بأن استحقاق الأجر لا يكون إلا مع شرطين:

قال رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ “مَن صامَ رَمَضانَ، إيمانًا واحْتِسابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ”([2]).

وقال: “مَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ مِن ذنبِهِ”([3]).

وإذا استحق مؤمنٌ المغفرة بأحد العملين فإن العمل الثانى تُضاعف به حسناته، وينضاف إلى رصيد الخير عنده، وحفزا للهمم على الاشتراك فى هذا السباق جاء فى الحديث: “إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ”([4]).

أحيانا يدخل المرء سوقا تباع فيها السلع الغالية بثمن زهيد، هكذا رمضان، فرصة للتزود بالخير الكثير، وذاك سر النداء يا باغى الخير: هلم..!


(*) من كتاب الحق المر: 5/ 18-19. طبعة نهضة مصر.

([1])المتجر الرابح للدمياطي: ١٣٢، وإسناده لا بأس به، أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (٣٦٠٣).

([2]) أخرجه البخاري (٣٨) عن أبي هريرة، واللفظ له، ومسلم (٧٦٠) مطولًا.

([3]) أخرجه النسائي عن سعيد بن المسيب، وقال الألباني في صحيح النسائي (٢١٩٠): “صحيح لغيره”.

([4]) أخرجه البخاري (٣٢٧٧)، ومسلم (١٠٧٩) واللفظ له، عن أ[ي هريرة رضي الله عنه.

اترك تعليق

  1. يقول اشرف خضر:

    لا يقول ذالك إلا فيلسوف الامه رحمه الله و اسكنه فسيح جناته.

  2. يقول صابر شويرف سحنون:

    رحم الله تعالى الشيخ محمد الغزالي
    اسلوبه مؤثر ويوقظ الهمم كتاباته للدعوة إلى الله تعالى والتوجيه السليم.