الإسلام والفنون / أ.د أحمد الريسوني

الإسلام والفنون
هناك أمران يشوّشان النظر في هذا الموضوع:
الأمر الأول: ماهية الفنون نفسها، فنحن حينما نقول: الفنون، تتبادر إلى أذهاننا بعض الممارسات المعهودة، ولكن هل هذا فقط هو ما يدخل في المفهوم المسمَّى بالفنون؟
إذاً ما هي الفنون؟ يتبادر إلى أذهاننا: الغناء والرقص والموسيقى والمسرح والسينما والرسم والنحت.. ولكن في الحقيقة كلمة الفن أو الفنون تستعمل مراراً على نطاق واسع جداً، الإبداعات الأدبية من قصة ورواية وشعر على سبيل المثال كلها قد تُسمّى فنوناً.. بل إن العلوم نفسها لا تخلو من جوانب فنية فيها.

بل إن كثيراً من العلماء ولا سيما علماء الشرعيات والإنسانيات يطلقون على أعمالهم وإبداعاتهم فنوناً، ويقولون: فلان عالم متفنّن، وهذا الكتاب يحتوي على أربعة فنون… إذاً، هناك نوع من عدم ضبط وتحديد في مفهوم الفن واستعمالاته، ولكن حتى لا نتشعب في هذه النقطة (وهي ليست من أساسيات هذا العرض)، فليس المطلوب منّا هو تحديد كلّ ما قد يدخل في مفهوم الفن، فلنصرف أذهاننا إلى ما اشتهر بهذا الاسم أساساً، وخاصة مما في حكمه الشرعي خلاف ونزاع، مثل الغناء والموسيقى والتمثيل. فهذه هي الأمور التي تتبادر أساساً إلى الذهن عندما نتحدث عن الفن والعمل الفني، فلنكتف بهذا التعريف التمثيلي، بالإحالة على أصنافه وأمثلته المذكورة.

الأمر الثاني: الذي يحتاج إلى تحديد هو: ما هو التكييف الفقهي لمسألة الفنون؟ بمعنى أين نضعها من البحث الفقهي ومن البحث الشرعي.
لم يناقش الفقهاء قديماً هذه القضية بهذا العموم وبهذا الشمول. وأكثر ما تناولوه منها مسألة الغناء والآلات الموسيقية. منهم من يدرجها في باب العيدين وما يجوز فيهما، كما نجد في كتب الحديث. ومنهم من يدرجها في باب الزواج، والأعراس، والوليمة. ومنهم من يدرجها فيما يجوز من  اللهو… إلخ. لكن قضية الفنون بصفتها العامة تكاد تكون جديدة بالنسبة إلى كتب الفقه.

فأين نضعها إذاً؟ وما هو تكييفها الفقهي، أي ما هو الباب الذي يناسبها، وما هو الاسم الذي ينطبق عليها ما دام ليس في النصوص – القرآن والسنة-  مصطلح الفن أو الفنون؟
إذاً، لن نبحث في القرآن عن كلمة فن، لنجد موقف الإسلام منه ونظرته إليه، ولا في السنة ولا في كتب الفقه، فأين نضعها إذاً وأين نبحثها.

التكييف الفقهي لمسألة الفن
هل ندرج الفن تحت باب اللهو واللعب؟ ففي القرآن والسنة كلام عن اللهو واللعب، هل نبحثه تحت هذا الباب وندرجه في هذه الخانة؟ أم ندرجه في باب الشهوات والملذات، ففي القرآن حديث عن الشهوات والملذات وفي السنة وفي الفقه، (اللذة والشهوة بمعنى ما تشتهي الأنفس والأبدان والحواس). هل هذا هو الباب الذي ندرج فيه الفن؟ أم ندرجه في باب التحسينيات، باعتبار أن الفقهاء والأصوليين قسموا المصالح إلى ضروريات وحاجيات وتحسينيات؟ فالفنون ستكون من باب التحسينيات؟
فهل نبحثها هنا ونضعها في هذا الموضع وننظر إليها من هذا الموقع؟ أم ندرجها في باب الوسائل والأدوات باعتبارها في كثير من الأحيان قد لا تكون مطلوبة لذاتها وإنما يراد بها شيء آخر، فتستعمل الفنون وسيلة إلى غايات، إذاً نبحثها في باب الوسائل. الفقهاء والأصوليون لهم أيضاً مباحث وقواعد في الوسائل وأحكامها وعلاقتها بما تفضي إليه، فهل ندرجها في هذا الباب؟
كل هذه التساؤلات كانت تَرِدُ عليَّ وأنا أفكر في هذا الموضوع أين أضعه ومن أي زاوية أتناوله؟ والحقيقة أني وجدت هذه الأبواب كلها يدخل فيها ما يسمّى بالفنون.

فهذه الفنون فعلاً فيها لهو ولعب، وفيها شهوات وملذّات تطلب وتلبّى، وهي من قبيل الجماليات والتحسينيات، وهي أيضاً في بعض الأحيان مجرد وسائل وأدوات.

لذلك سأنظر من كل زاوية من هذه الزوايا إلى هذا الموضوع، من خلال ما علمته وعرفته من نصوص الشرع وقواعده وما قرّره العلماء.
1 – الفنون باعتبارها نوعاً من أنواع اللهو والمرح واللعب
– موقف الإسلام من اللهو واللعب
يردّد الكثير من علمائنا وفقهائنا، وكتّابنا: أن الإسلام يريد من هذه الحياة أن تكون حياة جادة وحياة هادفة وحياة قاصدة، والله تعالى يقول: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ. وَما هُوَ بِالْهَزْلِ﴾ [الطارق:13-14] فوُجودنا في هذه الحياة وما هو مطلوب منّا جد وليس بالهزل، فهذا الأصل ولا نحتاج إلى التدليل عليه، ولا نحتاج إلى الدفاع عنه فهو أصل نسلّم به، فالله تعالى أراد منّا جدّاً وحزماً وهدفاً وقصداً.
لكن هل هذا يعني نفي كل أنواع اللهو وإبطالها ومنعها وذمّها؟ فحين ننظر بعين الإنصاف والدقّة والتأنّي نجد أن الأمر ليس كذلك، فالأصل أنّه مطلوب منا في هذه الحياة أن نكون على قدر من الجد والالتزام والقصد في أعمالنا وحركاتنا، ولكن الإسلام أفسح – في حدود ما- مجالاً لما نسمّيه لهواً ولعباً وترويحاً ومرحاً.

لكن أيضا، الإسلام كما أفسح لنا في هذا المجال، فإنّنا نجد – إذا ما تتبّعنا النصوص- نجدها تحرص على أن يكون الإنسان حتى في لهوه ولعبه ومرحه أيضاً يقصد ما هو مفيد وما هو نافع. بمعنى أنّه إذا كانت هناك أنواع من اللهو لا فائدة فيها، وقد يقع فيها الإنسان في حيّز ضيّق، فإنّ الإسلام يرشده ويوجّهه.

فما دام يطلب شيئاً من اللهو فليكن لهواً مفيداً، فيجمع بين اللهو والفائدة، نأخذ ذلك من نصوص كثيرة كقوله صلّى اللهُ عليه وسلّم: «كل ما يلهو به الرجل المسلم باطل إلا رميه بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته أهله فإنهنّ من الحق»[1]. وفي الحديث لا مفهوم “للرجل المسلم”: فالرجل والمرأة سواء في ذلك، كلّ في مجاله وموقعه.

قال القاضي أبو بكر بن العربي – رحمه الله: “هذا – أي هذا الحديث- بقوّته يدلّ على أنّ كل ما يعود بمنفعة أو تدريب في مقاتلة العدو مثله”، فليس في الحديث إرادة حصر وإنّما ذكر أشهر الأمور التي لدى المخاطَبين.

كذلك نأخذ أن اللهو له مكان في حياة المسلم، ولكنّه موجّه إلى اللهو المفيد، من الحديث المعروف المشهور وهو حديث عائشة رضي الله عنها حينما زَفّت إحدى قريباتها يقال: إنها ابنة أختها ويقال: إنها كانت تحت وصايتها.. فلمّا علم النبي صلّى اللهُ عليه وسلّم بذلك قال: «يا عائشة، ما كان معكم لهو، فإن الأنصار يعجبهم اللهو»، فهذا إقرار لصفة كانت في الأنصار، كانت فيهم حتى قبل الإسلام.

وقد كان الأنصار في المدينة أكثر العرب تحضّراً وتأدّباً، فكثير من آدابهم أقرّها الإسلام وأثنى عليها، ومنها حبّهم للهو وممارستهم لبعض أشكاله في مناسباتهم، فالرسول صلّى اللهُ عليه وسلّم يقرّ هذا ويدعو إلى المحافظة عليه، لكنه لهو مفيد؛ لأن الاحتفاء والاحتفال والعناية بالزواج وبالعرس الذي هو رمز الزواج، أمر يخدم قضايا كثيرة، فهو يخدم قضية الأسرة، والتناسل، والعفة، وقضية التربية، فالعناية بالزواج -كما في العقيقة مثلاً- إنما هو احتفاء بما تفضي إليه هذه الممارسات من زواج وتناسل.. فإذاً اللهو في العرس يجعل الناس يتشوّقون إلى الأعراس، ويجعلهم يرتاحون إلى الأعراس، يجعل العريس وأهله سعداء بعرسهم… إلخ. فهو لهوٌ يخدم ويدعم الزواج وما يرمي إليه.

وممّا يؤكّد موقف الإسلام من اللهو وأنّه ليس ممنوعاً على كل حال بل له مجال، مع التوجيه فيه إلى اللهو المفيد، حديث عائشة رضي الله عنها حديث الأحباش (وله روايات عدة خصوصاً في صحيح مسلم)، الذين كانوا يلعبون في المسجد، ففي ألفاظ بعض الروايات لهذا الحديث تقول عائشة رضي الله عنها: فأقامني وراءه، خدّي على خدّه وهو يقول: «دونكم بني أرفدة»، والفقهاء يقفون عند كلمة دونكم التي تستعمل للإغراء والحضّ، فقد كان صلّى اللهُ عليه وسلّم يحضّهم، ولم يكتف فقط بالإقرار والسكوت، وإنما كان يحضّهم ويشجّعهم ويغريهم بما هم فيه وبالاستمرار فيه.

تضيف عائشة: حتى إذا مللت، قال: «حسبك؟» قلت: نعم، قال: «فاذهبي»، وفي رواية أخرى قالت: جاء حبش يزفنون في يوم عيد في المسجد فدعاني النبي صلّى اللهُ عليه وسلّم[2]. ويزفنون بمعنى: يرقصون رقصاً ليس ككل رقص. فحينما نقول: رقص، يتبادر إلى أذهاننا كل رديء وكل سيء وكل مائع، وهذا ليس بالضرورة، وهو رقص على كل حال، وسمي رقصاً في نص الحديث من قبل عائشة رضي الله عنها. وفي رواية: أن عمر أراد زجرهم فمنعه النبي صلّى اللهُ عليه وسلّم، وهذا إقرار منه لهم على لهوهم، ولكنّه لهو مفيد نافع لا شكّ في ذلك كما لا يخفى.

2– الفنون باعتبارها شهوات وملذات
فالإنسان يشتهي ويستلذّ هذه الفنون، فإذا اعتبرناها كذلك -وهي كذلك إلى حدّ ما- فكيف ينظر الإسلام ونصوصه إلى مسألة الشهوات والملذات؟
المشهور عندنا -في أذهاننا- هو ذمّ الشهوات والملذّات، ولا سيما “الشهوات” بهذا اللفظ وبهذا الإطلاق، إلا أنّ المسألة تحتاج إلى توضيح وتدقيق، ولا سيما إذا أردنا أن نبني عليها أحكاماً فقهية، (من قبيل ما نرمي إلى بنائه) فلا بد من أن نتجنب العموميات وإلقاء الكلام على عواهنه، فما موقف الإسلام من الشهوات والملذات؟
الله عزّ وجلّ أخبرنا أن حبّ الشهوات مفطور عليه الإنسان، ومركوز في نفسه وفي غريزته ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ﴾ [آل عمران: 14] ثم أعطى أمثلة كثيرة من الشهوات المشتهرة التي يكثر تعاطي الناس لها، إذاً، فقد زيّن لهم، وزيّنه الله طبعاً، فهو الذي خلقهم وهو الذي غرس في نفوسهم حبّ كثير من الشهوات.

ومن جهة ثانية فإنّ وجود الحياة واستمرارها متوقّف على هذه الشهوات، ما نسميه بالشهوات وخاصة كبريات الشهوات، والشهوات المشهورة والقوية بين الناس والتي تهيمن وتخيّم على عقولهم وسعيهم وتفكيرهم وحركاتهم، تتوقّف عليها الحياة الفردية والجماعية، ويتوقّف عليها بقاء البشرية، ويتوقّف عليها قيام المجتمعات والحضارات.

فشهوة الرجال للنساء والنساء للرجال، هذا أمر لولاه لتعطّلت الحياة، ولولا هذه الشهوة لما تحمّل أحد أعباء العلاقات الناشئة عنها، ليس فقط العلاقة الزوجية، ولكن ما يتبعها ويترتب عنها من بنوة ونفقة وتربية… مع أن مجرد العلاقة هي خسارة للإنسان، أن يرتبط بعلاقة ما فهي تكلفة وقيد، ولولا هذه الشهوات والشهوة الجنسية بصفة خاصة لزهد الناس في هذه العلاقات ولزهدوا في الزواج وفي الإنجاب. فهذه الشهوة هي الدافع لكل هذا، وتلبيتها هو الذي يحقّق استمرار الحياة البشرية بل قيام المجتمع، حتى لا يتحوّل الناس إلى قطع مفكّكة فإنّهم يرتبطون بعلاقات مودّة وزواج وتعاون مصاهرة وبنوة. فتنشأ المجتمعات عن هذه الشهوة… والناس يشتهون كذلك البنين ﴿زُيِّنَ للنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ﴾[آل عمران: 14]. فلولا أن هناك شهوة في البنوة وفي الإنجاب وفي الأبوة لاستغنى الناس كذلك عن الإنجاب.

وهكذا شهوة الطعام والشراب وما يرتبط بها من حب المال والكسب والتملك، وهي من أقوى الشهوات، فلولاها لتوقّفت الحياة في بضعة أيام.
وهكذا في سائر الشهوات، بما في ذلك حب الظهور والرياسة، فكلّها شهوات تكون ضرورية في حدود، ولولا أن في الناس حبّاً للرياسة لما قبل أحد أن يترأس على قبيلة أو على جماعة ولا على دولة، ولبقي الناس في فوضى. طبعاً كل هذه الشهوات لها حدود حتى لا تنقلب وتنعكس، ولكنها في أصلها ضرورية.

فكل الشهوات إذاً لها أصل في غريزة الإنسان، ثم من جانب آخر هي ضرورية لهذه الحياة، فلا يمكن أن نقول بأن الشهوات كلها مرفوضة مذمومة. وتعامل الإسلام مع هذه الشهوات المخلوقة في غريزة الإنسان والتي تتوقّف عليها الحياة، هو إقرارها ورعايتها وحمايتها من الإفراط ومن التفريط، فالتفريط فيها يوقف الحياة ويعطّلها، والإفراط فيها أيضاً قد يكون مدمراً ومفسداً، سواء على صعيد الفرد أو على صعيد الجماعة، ولا سيما الشهوات الأساسية المشار إليها سلفاً.

ونظراً لقوتها فقد تتجاوز حدّها، فلا بدّ من التحكم فيها، ثم إنّ التحكم فيها هو نوع من الابتلاء، والابتلاء أصل يعمّ كل مجالات الحياة كما لا يخفى، والله تعالى يقول: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْس عَنِ الْهَوَى﴾ [النازعات: 40]، أي عمّا تشتهيه وتهواه، وهو سبحانه يمتدح ويبشر من نهى النفس عن الهوى، أي يستجيب لهواها في حدود ويردعها ويوقفها في حدود، ويحذر بالمقابل من اتباع الشهوات، أي أن تصبح الشهوات قائدة تسوق الإنسان حيث حركته وحيث بدت له، ومن ذلك قول الله تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم:59]. فليس هناك تحريم عام للشهوات، وليس هناك ذم مطلق لها، بل هناك حدود تقبل فيها الشهوات وتقبل فيها الملذّات ويقبل فيها الاستجابة لهذه وتلك، وهناك حدود تتوقّف عندها الأهواء والشهوات ويجب كبحها والتحكّم فيها.

يقول القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله: “إن الباري سبحانه ببديع حكمته لما خلق لنا ما في الأرض جميعاً، قسَّمَ الحال فيه، فمنه ما أباحه على الإطلاق، ومنه ما أباحه في حال من دون حال، ومنه ما أباحه على وجه من دون وجه، فأمّا أن يكون في الأرض ممنوع لا تتطرق إليه إباحة في حال ولا على وجه، فلا أعلمه الآن”.شهود لوجو

كلام نفيس من رجل خبير في الشريعة وفي حدودها وغاياتها ومقاصدها، مفاده: أن كل ما خلقه الله في هذه الأرض وفي هذه الحياة لم يخلق إلا وله وجه من وجوه الإباحة والاستعمال، مفاده أن كل ما خلقه الله لنا في الأرض جميعاً قسم الحال فيه، فمنه ما أباحه على الإطلاق كالماء والهواء، ومنه ما أباحه في حال من دون حال، كالجماع مثلاً فهو حرام في حالات ومباح في حالات أخرى، وحتى في حالات الزوجية قد يحرم في حالات.

ومنه ما أباحه على وجه من دون وجه، أي قد يكون مباحاً دائماً ولكن بوجه وبكيفية معينة، كالأكل والشرب. قال: و”أما أن يكون في الأرض ممنوع لا تتطرق إليه الإباحة في حال ولا على وجه فلا أعلمه الآن“، فلا علم له بشيئ خلقه الله ثم منعه منعاً باتاً مطلقا، وهذا تدقيق واحتياط منه، حتى لا يقول إنه لا وجود له.

فإذا كانت بعض هذه الفنون يمكن اعتبارها شهوات أو ملذات فلا يمكن أن تكون محرمة تحريماً مؤبدا مطلقاً. بمقتضى ما قاله القاضي وهو كلام منطقي للغاية كما أنه تشهد له نصوص الشرع وأحكامه.

3 – الفنون باعتبارها أنواعاً من التحسينيات
إذا أردنا أن نكيف الفنون من هذه الزاوية ومن هذا الموضع، باعتبار أن العلماء قسموا المصالح إلى ضروريات وحاجيات وتحسينيات، إذا اعتبرناها من هذا الباب فإنّ القول بمشروعيتها بصفة عامة – من دون الدخول في تفاصيل الشروط والملابسات والظرفية- يكون أيسر وأوضح، باعتبار أن العلماء أقرّوا بإجماعهم وعلى مختلف مذاهبهم أنّ المصالح التحسينية التي ليس لها من دور سوى التحسين مقبولة ومعتبرة ومعتد بها، ومعني هذا أن الإسلام في رعايته للمصالح وفي إقراره لها وفي إضفائه صفة المشروعية عليها، لم يقتصر على ما هو ضروري للحياة، ولم يقتصر على ما فيه حاجة للناس، بل أيضاً اعترف واعتبر واعتدّ حتى بما كان دوره مقتصراً على التحسين والتجميل، فإذا وجدنا لبعض الفنون دوراً تحسينياً وتجميلياً فمن هذه الزاوية أيضاً نقول: إنها معتبرة ومقبولة من حيث المبدأ.

والقرآن الكريم يلفت أنظارنا ويوجه انتباهنا كثيراً إلى مظاهر الجمال في هذا الكون، باعتبار أنّ النظر إلى هذا الجمال أقلّ ما فيه أنه نوع من التحسينيات لهذه الحياة، فالله تعالى يذكر مراراً أنه زيّن السماء الدنيا بالكواكب والنجوم. فالتزيين فيها مقصود ومطلوب لذاته. قد تؤدّي السماء وما فيها دورها ووظيفتها الأساسية من دون حاجة إلى التزيين والتناسق لكنّ التزيين فيها كان مقصوداً وممتنا به. ونقرأ هذا النموذج من سورة [ق: 6 – 10] ﴿أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا﴾ بناها وزيّنها.

كان يمكن أن يبنيها من دون أن يزيّنها فليس بالضرورة أن يكون البناء مزيناً،﴿وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ. والأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِي وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيج﴾، فيه بهجة وفيه سعادة وانشراح، ﴿تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ. وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاءً مُّباَرَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ. وَالنّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ﴾ أي مرتب ومنضود بعضه بعض وبعضه بجانب بعض، وفي سورة النحل الآية 5 نقرأ قول الله عز وجل: ﴿وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾، وهذه هي الضروريات والحاجيات، ثم قال في الآية 6: ﴿وَلَكُمْ فِيهَا جَمَلٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ﴾ فقد خلق الأنعام وجعلها تفيد على مستوى الضروريات وعلى مستوى الحاجيات وأيضاً على مستوى الجمال والتحسين، ثم ذكر نوعاً آخر من فوائد الأنعام فقال في الآية 8 ﴿وَالْخَيْلَ وَالبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾.
والمتتبِّع لذكر الزينة وما يشتق منها في القرآن الكريم، يجد بصفة عامة إباحتها ومشروعيتها والامتنان بها والتحذير من تحريمها والتضييق فيها على عباد الله بغير حق وبغير وجه.

ولكنّه أيضاً يجد في غالب الآيات التي تذكر الزينة يجد تحذيراً من الافتتان بها والإغراق فيها. وأهم ما في الافتتان بالزينة هو تقديمها والاشتغال بها عما هو أولى، ولهذا نجد عادة مقارنة بين زينة الحياة الدنيا وبين الآخرة، أي حذار أن تشغلكم زينة الحياة الدنيا عن الآخرة، أو تشغلكم زينة الحياة الدنيا عن الباقيات الصالحات.

فهذا هو الوضع السوي للفنون إذا نظرنا إليها باعتبارها تحسينيات. فهناك إقرار بصفة عامة، لكن هناك تحذير من الافتتان والانشغال بها وتقديم ما هو من قبيل التحسينيات على ما هو من قبيل الحاجيات أو الضروريات.

ومعلوم عند علماء المقاصد أن التحسينيات لا يمكن أن تقع ويعتنى بها على حساب الحاجيّات والضروريات، بل ينبغي لها أن تكون خادمة للحاجيات، ويجب أن توظف التحسينيات بشكل يخدم الحاجيات والضروريات، ولا يجوز بحال ولا بوجه أن تصبح هذه التحسينيات تملأ وتستهلك ما هو من حق الحاجيات والضروريات، سواء كان ذلك مالاً أو جهداً أو مكانا أو وقتاً أو فكراً أو تعليما…

4 – الفنون باعتبارها وسائل
المقرّر عند العلماء أنّ أحكام الوسائل تابعة لأحكام ما تفضي إليه أو تقصد به وتستعمل لأجله، فحكم أي وسيلة في الغالب ينبني على ما قصد بها، وماذا ينتج عنها وإن لم يقصد. فحكم الوسائل إذاً يتحدد ممّا تفضي إليه أو ممّا تقصد به، فإذا قصد بها شيء يؤخذ بعين الاعتبار ما قصد بها سواء أفضت إليه أو لم تفض إليه، ثمّ يؤخذ بعين الاعتبار ما أفضت إليه سواء قصد بها أو لم يقصد.

وهذا هو المدخل الرئيس للخلاف الطويل والجدال الشديد بين الفقهاء وعامة العلماء في مسألة الغناء والموسيقى على سبيل المثال، أي أن الاختلاف لم ينشأ أساساً ولم ينشأ أكثر ما نشأ، عن نصوص اختلف في إثباتها وإبطالها، أو اختلف في تفسيرها وتفصيلها، ولكن الاختلاف في هذه المسألة بين الفقهاء والمحدثين والمفسرين والصوفية… هو في النظر إلى ما تقصد به هذه الممارسات الغنائية والموسيقية والطربية، ما تقصد به، وما تفضي إليه، بغضّ النظر قصد أو لم يقصد؛ ولهذا يمكن القول بأنّ الفنون باعتبارها وسائل هو بيت القصيد ومربط الفرس، أي من هنا جاء الخلاف والجدال الفقهيان الطويلان في تاريخنا في مسألة الغناء والموسيقى، أي بالنظر إلى النتائج والمقاصد.

أوضح ذلك من خلال بعض النقول، وإن كانت أكثر النصوص تصرّح بهذا أو تُشعر به بشكل واضح، وهو أن ما تقصد به وما تنتجه هذه الممارسات هو الذي يتحكّم في ما يصدره الفقهاء من أحكام، أي هي البوصلة التي يتّخذها الفقيه في بحثه ونظره وحكمه، أكثر ممّا هي قضية نصوص شرعية يستنبط مباشرة منها؛ لأن النصوص التي تورد في الموضوع بشكل صريح وصحيح قليلة جداً.

ولهذا أكثر الفقهاء عندما يناقشون ويطيلون النفس في النقاش وفي الدفاع أو في الهجوم وفي النقد والإبطال، إنما يمسكون بهذه البوصلة، بوصلة ماذا يُقصد؟ وماذا يَنتُج؟
النص الأول للنووي، وفي ضمنه يورد كلاماً مطوّلاً للقاضي (ويقصد عادة القاضي عِياضاً). يقول النووي وهو يتحدّث عن الغناء، والمناسبة هي حديث غناء الجاريتين لدى عائشة، وكان اليوم يوم عيد، فدخل النبي صلّى اللهُ عليه وسلّم وهما تغنيان، فانصرف ولم يلتفت إليهما، ثم جاء أبو بكر فنهاهما إلى آخر الحديث، فقال له: “دعهما فإنه يوم عيد” أو كما قال. عند هذا الحديث من صحيح مسلم يقول النووي: “ومذهب الشافعي كراهته – أي الغناء- وهو المشهور من مذهب مالك، واحتج المجوِّزون بهذا الحديث، وأجاب الآخرون بأن هذا الغناء إنما كان في الشجاعة والقتل والحذق في القتال ونحو ذلك، ممّا لا مفسدة فيه، بخلاف الغناء المشتمل على ما يهيج النفوس على الشر ويحملها على البطالة والقبيح.

قال القاضي: “إنما كان غناؤهما بما هو من أشعار الحرب والمفاخرة بالشجاعة والظهور والغلبة، وهذا لا يهيج الجواري على الشر، ولا إنشادهما بذلك من الغناء المختلَف فيه، وإنما هو رفع الصوت بالإنشاد؛ ولهذا قالت – أي عائشة-: وليستا بمغنيتين، أي ليستا ممّن يتغنّين بعادة المغنّيات من التشويق والهوى والتعريض بالفواحش والتشبيب بأهل الجمال، وما يحرّك النفوس ويبعث الهوى والغزل، كما قيل الغِنا فيه الزنا، وليستا أيضاً ممن اشتهر وعرف بإحسان الغناء الذي فيه تمطيط وتكسير وعمل يحرك الساكن ويبعث الكامن، ولا ممن اتخذ ذلك صنعة وكسباً، والعرب تسمى الإنشاد غناء، وليس هو الغناء المختلَف فيه بل هو مباح، وقد استجازت الصحابة غناء العرب الذي هو مجرد الإنشاد والترنّم وأجازوا الحداء وفعلوه بحضرة النبي صلّى اللهُ عليه وسلّم، وفي هذا كله إباحةُ مثلِ هذا وما في معناه، وهذا كله ليس بحرام”.

النص الثاني للشيخ عبد الغني النابلسي من كتابه إيضاح الدلالات في سماع الآلات قال رحمه الله: “الملاهي المحرمة ما ألهت عن فعل الفرائض والواجبات واقترنت بالفجور والفسوق والمحرّمات، كالزنا وشرب الخمر ونحو ذلك، ومعلوم أنّ هذه الآلات المطربة وبجميع أنواعها ليست حرمتها من حيث ذاتها وصورتها المنصوصة، ولا من حيث ما يصدر عنها من الأصوات المطربة، (وإلا لكان كلُّ صوتٍ مطربٍ حراماً، وهو باطل لأن أصوات الطيور والشحارير، ليست بحرام إجماعاً) بل حرمتها لاقتران اللهو بها، ولكونها ملاهي، واللهو بهذا التفسير المذكور يمكن زواله عنها وتعريها عنه فتصير خارجة عن كونها ملاهي”.

ويمكن في هذا المجال، مجال النظر إلى الوسائل وتكييفها والتحكّم في نتائجها، يمكن أن نستحضر على سبيل المثال للمقارنة ولمزيد من التفقّه، موقف الإسلام وموقف النبي صلّى اللهُ عليه وسلّم من الشعر.

يمكن أن يقال في الشعر -تقريباً- كل ما قيل في الغناء، فالشعر كان فيه شرك، وكان فيه فحش، وجاهلية وعصبية، وكان فيه دعوة إلى الظلم، كان يمكن لهذه الأسباب -وعملاً بما قام به بعض الفقهاء الذين أغلقوا الأبواب- أن نحرّم الشعر تماماً، ولكن موقف القرآن من الشعر معروف، فبعد أن هاجم واقعاً معيناً له، فتح الباب للاستثناء والخير، ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ . أَلَمْ تَرَأَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ . وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ. إِلاَّ الَّذيِنَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات﴾ [الشعراء:224-226].

هكذا إذاً يمكن أن نقول: إنّ المطربين والمطربات والممثّلين والممثلات اليوم يتّبعهم الغاوون، بل هم الغاوون أنفسهم، وإنهم في كل وادٍ يهيمون، وفي كل أرضٍ يفسدون ويفسقون، ولكن يمكن دائماً أن نجد استثناءات، وأن نوسع تلك الاستثناءات، ولا سيما ونحن في زمن نشتكي فيه من ضعف وسائلنا أمام وسائل أعدائنا، فإذا نظرنا إلى الفنون باعتبارها وسائل وأمكننا التحكم فيها وتوجيهها إلى ما نريد، فإن أحكامها تختلف باختلاف ذلك..

* بعض الضوابط المتعلّقة باستعمال الوسائل
لا بدّ من النظر إلى القصد، ولا بد من النظر إلى النتيجة النهائية ودرجتها في الفساد والضرر أو الصلاح والنفع، ولا بدّ من النظر إلى النتائج الجانبية أيضاً ودرجتها، وهذه عادة ما تهمل، فقد يكون للغناء مثلاً هدف جيد وسامٍ، ولكن قد تحدّث له عن قصد أو عن غير قصد نتائج جانبية وآثار نفسية على الممارِس أو المُتَلَقِّي، فهذه أيضاً ينبغي لنا النظر إليها وحسابها واعتبارها.

النظر إلى مدى ضرورتها ومدى إمكان الاستغناء عنها؛ فقد تكون لوسيلة ما غاية مفيدة ولها أضرار جانبية، لكن هذه الوسيلة يمكن الاستغناء عنها، أي يمكن الوصول إلى النتيجة من دون هذه الوسيلة التي لها أضرار جانبية، واعتماد وسيلة أخرى، لكن حينما تتعيّن وسيلة ما، وتكون وحيدة، أو هي وحدها الفعالة، وتصبح من قبيل ما لم يتمّ الواجب إلا به يكون لها حكم، وحينما تكون واحدة من وسائل عدّة يمكن سلوكها والاختيار منها، فالحكم يختلف.

يمكن أن أمثّل هنا بمثال له علاقة ببعض الفنون الأدبيّة كالقصة والرواية والمسرح.. نحن نعلم أنّ الكذب من الكبائر ومن الموبقات ومن أفسد الأخلاق والعادات ولكننا نجد النبي صلّى اللهُ عليه وسلّم يقول: «لَيْسَ الكذاب الذي يصلحُ بين الناس ويقول خيراً وينمي خَيراً».

فإذا علمنا أنّ ما يسمّى الآن بالقصّة القصيرة أو بالقصّة الطويلة أو الرواية أو المسرحية أو الرواية التي تعدّ للسينما، كل هذه أكاذيب في غالبها.

وحتى لو اتخذت لها موضوعاً تاريخيّاً فإنّ الحوادث التاريخيّة الحقيقية قد لا تشكّل أكثر من عشرة بالمئة، ولا بدّ من كذب كثير حتى تقوم الرواية على قدميها وتصبح عملا فنياً جذابا ومفيدا. فهنا إذن يصبح هذا النوع من الكذب – إذا ما أردنا الاستمرار في تسميته كذباً- وسيلة ضرورية، من دونها ستتوقّف كل هذه الأعمال. بينما قوله صلّى اللهُ عليه وسلّم: «ويل للذي يحدّث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له ويل له» وارد في الكذب الذي ليس له أي هدف مفيد، لا إصلاح بين الناس، ولا إنماء للخير كما في الحديث السابق، فهذا لا مسوِّغ لكذبه فهو يكذب ليضحك الناس، فكيف ننتهك المحرمات الشديدة لأجل أن نضحك الناس، فهذا لا وجه له.

بينما في الحالة الأولى الذي يحقّق خيراً ويبثه بين الناس أو يصلح الناس “الذي ينمي خيراً” أي ينشره ويرفعه ويبثه بين الناس، فهذا له شأن آخر.

وأخيراً فإن النظرة إلى الفنون من جميع الزوايا تمكّننا من الوصول إلى مشروعيتها في الأصل وبوجه من الوجوه، لكنّها مقيدة بقيود أهمها:
أولاً: عدم الإخلال بالفرائض وبالواجبات.
ثانياً: عدم الإفضاء إلى المفاسد والمحرمات.

ثالثاً: عدم الإخلال بالاتزان والتعقّل، وقد أشار إلى ذلك عدد من الفقهاء، بحيث علّلوا تحريمهم الغناء، وما يتّبعه بكون المتلقِّي أو المغنّي يفقد توازنه فيختل ويدخل في نوع من الصبيانية والطيش والرعونة. فلا بد إذاً من هذا الشرط؛ لأن الاتزان والتعقّل من الأمور الضرورية والحاجية، فلا يمكن الإخلال بها لفائدة التحسينيات.

رابعاً: عدم التفتير والتخدير، وقد نهى النبي صلّى اللهُ عليه وسلّم عن كلّ مُفَتِّر، وكذلك ممّا احتج به الفقهاء المحرّمون للغناء والموسيقى أنها تدعو إلى البطالة، أي إلى الفتور والخمول والنوم والراحة والاستكانة إلى الملذات، وهذا فعلاً من المفاسد التي تنشأ عن بعض الفنون، فيجب أن نحذرها، وإذا كان الفن أو بعض الممارسات الفنية تفضي إلى نوع من التفتير والتخدير للنفوس والعقول فإنها يجب أن تتوقّف، وعلى كل عاقل جادّ أن يتجنّبها.

خامساً: عدم الإفراط، يقول الإمام الغزالي: “فإنّ المواظبة على اللهو جناية”. ثم يقول: “وما كلُّ حَسَنٍ يحسن كثيرُه ولا كلِّ مباح يباح كثيره”.
فبهذه الضوابط والشروط، يمكن الاستفادة من الفنون واستجازتها عموماً.

[1]  رواه الترمذي في “أبواب الجهاد”.
[2]  صحيح مسلم.

اترك تعليق