حاجة أبنائنا إلى الفقه الاجتماعي

بقلم أ.د. *أحمد محمد زايد*

كثيرا ما نلقن أبناءنا الإسلاميات، ونظن بذلك أننا قد قمنا بواجبنا، لكن الحقيقة المهمة أن للحياة فقها اجتماعيا ينبغي تعليمه وتوريثه لأبنائنا، لأننا نخرج أبناءنا- نعم – مثقفين ثقافة إسلامية مقبولة، لكن ينقصهم إدراك “فقه الحياة” أو “الفقه الاجتماعي” وأقصد به الجانب العملي في حياتهم من حيث مراعاة الأعراف والأصول المجتمعية السليمة، وطرائق التعامل مع الناس، وكيفيات التصرف في المواقف المختلفة، ومعرفة أنواع الناس، وقد لاحظت أن كثير من شبابنا وأبنائنا يصطدمون عندما يدخلون في معترك الحياة، وفي أذهانهم صورة مثالية عن الناس والحياة، وبخاصة بعد الزواج أو الدخول في عمل تجاري أو الحصول على وظيفة، فيقع هؤلاء في حيرة ولا يدرون كيفية التوفيق بين ما تعلموه وبين ما يعانونه في الواقع المعيش.

وأعتقد أنه لا بد من أن ننقل إليهم فقه الحياة الاجتماعية كما نلقنهم فقه الإسلام. 

جلسات الآباء والأمهات مع الأبناء:

وقد كان الآباء والأجداد والأعمام والعمات والأقارب من قبل يسهمون بشيء كثير من ذلك، عندما كانت الأسرة تسير بشكل طبيعي قبل أن تتشكل بشكلها المعاصر، وقبل أن تدخل وسائل التواصل التي قطعت الأواصر حتى بين أفراد الأسرة الواحدة.

ولذا تمثل جلسات الآباء مع أبنائهم ونقل ما يقع لهم في حياتهم ووظائفهم والاستماع إلى الأبناء يمثل ذلك رافدا مهما في نقل الخبرات الحياتية.

كيف نربي أبناءنا على الفقه الاجتماعي؟!

سأذكر أمثلة على ذلك:
لابد من التركيز على احترام الأعراف الاجتماعية الصحيحة والعادات التي لا تخالف الإسلام مثل طريقة اللباس – الطعام – العلاقات العائلية – احترام الكبير – طريقة المشاركة في المناسبات الاجتماعية مثل الأعراس والعزاء وعيادة المرضى وغير ذلك.

 مراعاة الذوق العام فلا يكون الإنسان ثقيلا على الآخرين ولو كانوا أقرب الناس، يحافظ على الرائحة الطيبة – الكلمة الطيبة – يترك العتاب أو كثرته – يتعلم التغافل وعدم الوقوف على كل صغيرة وكبيرة- يتعلم آداب الزيارة وبخاصة إن كان معه أولاد – الذوق مع الزوجة مع الحماة وأسرة الزوجة- الذوق مع الجيران من ناحية الأصوات المزعجة وغير ذلك.

وأنصح هنا بقراءة رسالتين في غاية الأهمية والجمال:
الأولى بعنوان: “تقرير ميداني” للأستاذ محمد احمد الراشد.
والثانية: “الذوق سلوك الروح” للأستاذ عباس السيسي.

معرفة طبيعة الحياة وقوانينها فالشاب والفتاة ينظر إلى الحياة مثلا بعين واحدة فلا يتخيلون فيها إلا كل شيء جميل ومُرضي كالصحة والمال والسرور وسعة العيش مع أن الحياة لا تدوم على حال فالله مدح المؤمنين بقوله {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور}
فهاتان حالتان لا ثالث لهما في الحياة
نعم تسر الإنسان يشكر ربه عليها
وبلاء يجب أن يصبر عليه.
وهذا يجعل أبناءنا مرنين غير ضجرين بسبب تقلبات الحياة.
فيصبر كل زوج على الآخر، ويصبر من ضاق به العيش، أو وقع عليه الابتلاء وهكذا.

 مسائل إدارة البيت بين الإفراط والتفريط وبين الإهمال والتشديد
ومعرفة طبيعة الزوجة
ومعرفة طبيعة الرجل
ومعرفة طبيعة الأعمال السنية وكيفية التعامل مع هذه المتغيرات، وهكذا.

وأعتقد أن نقل التجارب الشخصية لأولادنا، وما يواجهنا نحن الاباء والامهات في الحياة، وما نسمعه من تجارب ونراه من مواقف ننقل منه المناسب لاولادنا ليتعلموا ونربط ذلك بالواقع
ماذا لو حصل كذا كيف سنتصرف؟
وهذا يقتضي نقاشات وحوارات دائمة مع الأولاد.

*أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية بجامعتي الأزهر وقطر*

اترك تعليق

  1. يقول khazaal khattab:

    عاشت ايدك