حالة البحوث في السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات – دراسة

بقلم د. علياء العظم(*)

الملخص

تهتمُّ هذه الدراسة بحالة البحوث التي تختصّ بقضية السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات، وتُتابِع ما تناوله الفكر الإنساني عن القوانين التي تحكم بناء الأُمم، وتكشف عمّا ورد من أدبيات عن السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات في الفكر الإسلامي، بَدْءاً بالتراث، وانتهاءً بما آلَ إليه الحال في العصر الحديث، وتنتهج الدراسة في ذلك كُلّاً من المنهج الاستقرائي، والمنهج الوصفي، والمنهج النقدي.

وقد كشفت الدراسة أنَّ الفكر الإنساني قد تناول هذه القضية منذ القرن السادس قبل الميلاد، وأنَّ ما يُسمّى عصر النهضة في الغرب قد شهد نشاطاً فكرياً فاعلاً تجاه القضية نفسها؛ ما أفرز مصطلحات ونظريات كان لها تأثير على أرض الواقع.

وبالـمُقابِل، فإنَّ الفكر البحثي في التراث الإسلامي الـمُبكِّر لم يهتمَّ بتدوين هذه القضية؛ نظراً إلى تفعيلها في الحياة العملية، وقد بدأ التدوين منذ القرن الثالث الهجري بإشارات ودراسات أسَّست للوعي النظري. أمّا العصر الحديث فقد شهد نشاطاً جادّاً حيال هذه القضية، وذلك في نطاق البحث والتأليف العلمي؛ ما كان له أثر في محاولة تأصيل عِلْم نظري، وتأسيس منهج فكري، وبناء فكر حركي، يسعى لإخراج الأُمَّة من مآزقها الحضارية.

الكلمات المفتاحية: السُّنَن الإلهية، السُّنَن الاجتماعية، السُّنَن التاريخية، القوانين الاجتماعية، القوانين التاريخية، بناء الأُمم، بناء الحضارات.

 

مقدمة

الحمد لله الذي خلق الإنسان، وجعله خليفةً في الأرض، وفطره على سُنَّة حُبِّ الاجتماع، وهداه إلى سُبُل بناء الأُمم والمجتمعات، وجعل لنجاحها سُنَناً ليس لها تبديلٌ أو تحويلٌ. وهي سُنَن مَنِ اكتشفها وطبَّقها نجح وتمكَّن وارتفع، ومَنْ غفل عنها وحاد عن طريقها تاه وضلَّ وانخفض.

البحث في مجال السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم وجد اهتماماً من بعض الـمُفكِّرين والعلماء على مَرِّ التاريخ الإسلامي، وإنَّ اكتشاف القوانين الـمُؤثِّرة في بناء الأُمم قد نال اهتمام بعض الـمُفكِّرين في التاريخ الإنساني؛ كلٌّ بحسب فكره وعقيدته وتصوُّره. أمّا في العصر الحديث فقد ازداد اهتمام الفكر الإسلامي بهذا الموضوع في ظِلّ ازدياد المآزق الحضارية للأُمَّة، وظهور الضرورة لوقفات جادَّة؛ بُغْيَةَ تصحيح البوصلة، ورسم خارطة للطريق. وقد اقترن ذلك بالاطِّلاع على الجهود والتجارب الإنسانية السابقة؛ للبناء عليها، واستكمال المهمة البحثية المستقبلية.

وتطرح الدراسة سؤالاً جوهرياً مفاده: ما حال البحوث التي تناولت موضوع السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم؟ وينبثق عن هذا السؤال جُمْلة من الأسئلة الفرعية، أبرزها:

ما الدراسات التي اختصَّت بقضية السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم؟

ما المجالات التي تناولتها الدراسات الـمُتعلِّقة بقضية السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم؟

ما نتائج هذه الدراسات التي تناولت تلك السّنن من حيث: الفوائد، والثغرات، والجوانب التي تتطلَّب طبيعتها أنْ تكون لها الأولوية في البحث؟

وبناء على ذلك، تهدف الدراسة إلى عرض أهمِّ الدراسات التي تناولت موضوع السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات، وتصنيف تلك الدراسات وَفق مجالات الدراسة، ونقدها.

وتتمثَّل أهمية الدراسة في تركيزها على الجوانب الآتية:

أ. تقديم قاعدة بحثية تفيد الباحثين في الدراسات المستقبلية.

ب. توجيه الدراسات البحثية المستقبلية نحو الجوانب التي يجب أنْ تُعطى الأولوية.

ت. تزويد المجتمع بأهمِّ نتائج الدراسات التي من شأنها أن تساعد على بنائه.

وقد التزمت الدراسة بالمناهج الآتية:

المنهج الاستقرائي في تتبُّع الدراسات.

المنهج الوصفي في عرض مجالات الدراسات، وتصنيفها.

المنهج النقدي في نقد الدراسات، واستنتاج الجوانب التي يتعيَّن أنْ تكون لها الأولوية.

وقد تبيَّن لنا من طريق البحث والاطِّلاع وجودُ دراسات عِدَّة تناولت قضية السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم، وكذلك دراسات أُخرى تضمَّنت المقارنة بين بعض الدراسات والتفاسير بخصوص قضية السُّنَن دون ربطها ببناء الأُمم. غير أنَّنا لم نجد دراسات مُتخصِّصة في حالة البحوث في السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات، وقد ورد هذا الموضوع ضمن سياقات أُخرى، أهمُّها دراسة الباحث عزيز البطيوي في كتابه “سُنَن العمران البشري في السيرة النبوية”؛ إذ أورد فيه فصلاً يتحدَّث عن فِقْه سُنَن العمران البشري في التراث الإسلامي والفكر الإسلامي الحديث. والـمُلاحظ أنَّ هذه الدراسة قد تناولت جزءاً من الموضوع في فصل من فصولها، دون أنْ يكون هدفها الإحاطة بهذا الموضوع. وقد استفادت دراستنا هذه من دراسة الباحث البطيوي في استمداد بعض المعلومات المعرفية اللازمة منها؛ بُغْيَةَ البناء عليها، وإغنائها.

خُطَّة الدراسة، وموضوعاتها المنهجية:

جاءت الدراسة في مُقدِّمة، وتمهيد، وثلاثة مباحث، وخاتمة. أمّا الـمُقدِّمة فتناولت موضوع الدراسة، وأهدافها، وأهميتها، ومنهجيتها، والدراسات السابقة، والخُطَّة. وأمّا التمهيد فتضمَّن مدخلاً للموضوع اشتمل على التعريف بعناصر البحث.

وقد حمل المبحث الأوَّل عنوان “دراسة كشفية وصفية للدراسات التي تناولت السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات”، واشتمل على المحاور الثلاثة الآتية:

– البحوث في الفكر الغربي.

– البحوث في التراث الإسلامي.

– البحوث في الفكر الإسلامي الحديث.

أمّا المبحث الثاني فجاء بعنوان “دراسة تصنيفية للبحوث في السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات”، واشتمل على المحورين الآتيين:

 – تصنيف بحوث الفكر الغربي.

– تصنيف بحوث الفكر الإسلامي.

وأمّا المبحث الثالث فوُسِم بـ”نقد بحوث قضية السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات”، واشتمل على المحاور الثلاثة الآتية:

– نقد عام لبحوث القضية في الفكر الغربي.

– نقد عام لبحوث القضية في التراث الإسلامي.

– نقد عام لبحوث القضية في الفكر الإسلامي الحديث.

ثمَّ جاءت الخاتمة مُشتمِلةً أهم النتائج والتوصيات.

تمهيد:

يَحْسُن البَدْء بمدخل يتضمَّن التعريف بعناصر الدراسة؛ لبيان المفاهيم التي تتضمّنها على نحوٍ واضح سريع ومُختصَر، يُمهِّد للموضوع، ويُشكِّل أرضية تأسيسية لإقامة بناء الدراسة.

حالة البحث: يُقصَد بذلك بيان الدراسات التي تناولت القضية المذكورة من حيث: انتماؤها الفكري، وتاريخها، وموضوعها، ووصفها، وتصنيفها، وبيان آثارها.

– السُّنَن الإلهية: لا تهدف الباحثة إلى تتبُّع المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي للمفهوم بتوسُّع وتعمُّق، ولكنَّها تروم اعتماد مفهوم إجرائي لتأصيل الدراسة، وقد تبيَّن لها أنَّ الباحثين أشاروا إلى مفهوم “السُّنَن الإلهية” وَفقاً لأربعة مداخل، هي (حيدوسي، 2012، ص161-192):

  1. السُّنَن بوصفها إرادة الله وحكمته ومشيئته، (ابن تيمية، 2001، ص54-55؛ رضا، 1990، ج1، ص41، ج4، ص267؛ كهوس، 2009، ص14؛ البطيوي، 2018، ص98).
  2. السُّنَن بوصفها القانون الإلهي، (عبده، 1998، ص132؛ الصدر، 1981، ص43؛ سعيد،1990، ص43؛ هيشور، 1997، ص36؛ زيدان، 2002، ص12؛ عمارة، 1991، ص40).
  3. السُّنَن بوصفها المنهج والطريقة، (القرطبي، 1985، ج16، ص280؛ المراغي، 1946، ج4، ص127؛ الفراهي، 2002، ص45؛ الشعراوي، 1997، ج4، ص132).
  4. السُّنَن بوصفها المثال والنموذج والعادة. (الطبري، 1992، ج10، ص304؛ ابن قيم الجوزية، 1978، ص199).

وبتأمُّل ما أورده العلماء والـمُفكِّرون من تعريفات ضمن المداخل السابقة، ومراعاة أثر مدلولات التعريفات في بناء الأُمم، فإنَّ هذه الدراسة تميل إلى السُّنَن بوصفها القانون الإلهي.

  • الأُمَّة: ليس من مهام هذه الدراسة كذلك البحثُ التفصيلي في معنى “الأُمَّة”، ولكنْ لا بُدَّ من اعتماد معنى اصطلاحي إجرائي للدراسة. ومن ثَمَّ، فإنَّ المعنى المختار هو ما أورده عبد المنعم حنفي في “المعجم الشامل لمصطلحات الفلسفة”؛ إذ جاء فيه أنَّ “الأُمَّة: جماعة من الناس أكثرهم من أصل واحد، وتجمعهم صفات موروثة، ومصالح وأَماني واحدة. أو الأُمَّة: جماعة من الناس يجمعهم أمرٌ واحدٌ من دين أو مكان أو زمان” (حنفي، 2000، ج1، ص104). وهو بهذا المفهوم يُعمِّم فكرة “الأُمَّة” على الناس كافةً في كل زمان.

وإذا أردنا توجيه الاهتمام إلى الأُمَّة الإسلامية، فيُمكِن تبنّي تعريف الأُمَّة الـمُسلِمة الذي أورده الدكتور فتحي ملكاوي في كتابه “فِقْه الانتماء إلى المجتمع والأُمَّة”؛ إذ جاء فيه “مفهوم الأُمَّة -بحسب وجهة النظر الإسلامية- هو الجماعة البشرية الـمُنصهِرة في بوتقة الإسلام؛ عقيدةً وشريعةً، ومنهاجَ حياةٍ، والـمُنتظِمة بأنظمة الإسلام في حياتها، والـمُوالِية لله ورسوله وجماعة المسلمين، والمقيمة في ديار الإسلام على نحوٍ دائم” (ملكاوي، 2012، ص219).

– الحضارة: لفظ “الحضارة” civilization يحمل معنى “التمدُّن” الذي يدلُّ على الجوانب المادِّية، وهو يُقابِل أحياناً كلمة culture التي تحمل معنى “الثقافة” التي تدلُّ على الجوانب المعنوية. ولهذا يبدو مصطلح “الحضارة” غير مُحدَّد التعريف، لكنَّه يشير عموماً إلى حالة مُتقدِّمة لواحد أو أكثر من المجتمعات التي تمتاز بمستوى مُتطوِّر. والـمُلاحَظ أيضاً أنَّ التعريفات المختلفة تَتَّفِق على أنَّ الحضارة هي بناء يضمُّ إنجازات هائلة، تحقَّقت لشعوب مُعيَّنة أثناء انتقالها من الماضي إلى الحاضر عبر مراحل مُتتابِعة من الجهد والعمل؛ ما يجعل هذا البناء مُتميِّزاً بخصائص تبدو بوضوح في مظاهر الحياة المختلفة (حسنة، 2020، ص5).

وتأسيساً على ذلك، فإنَّ هذه الدراسة تتبنّى المفهوم الإجرائي الذي أورده الباحث عمر عبيد حسنة: “السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات هي القوانين الـمُطَّرِدة والثابتة التي تحكم حركة الحياة والأحياء، وتحكم حركة التاريخ، وتتحكَّم بالدورات الحضارية” (كنعان، 1991، المقدمة، ص11).

أوَّلاً: دراسة كشفية وصفية للدراسات التي تناولت السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات

لتحديد مجال الدراسة، فإنَّه يتعيَّن علينا طرح السؤال الآتي: هل تُركِّز الدراسة على مصطلح “السُّنَن الإلهية” بوصفه مفهوماً قرآنياً. ومن ثمّ، يبدأ الكشف منذ بداية الفكر الإسلامي أم يلتفت إلى قضية بناء الأُمم الحاضرة منذ وُجِدت الإنسانية، فيتوسَّع لينظر في العلاقة بين بناء الأُمم والحضارات الإنسانية والفكر الذي أثَّر فيها، سواء كان مُرتبِطاً بالغيب أو بجهد بشري؟ وبترجيح الحالة الثانية، فإنَّ الاستكشاف ينطلق منذ بَدْء تدوين القضية في تاريخ الإنسانية.

البحوث في الفكر الغربي:

إنَّ مصطلح “السُّنَن الإلهية” لم يظهر في الفكر الإنساني صريحاً؛ لأنَّه وليد فكر إسلامي، وإنَّما ظهر انطلاقاً من المفهوم الـمُعتمَد لمصطلح “السُّنَن” القوانين الحاكمة لصناعة الأُمم والحضارات؛[1] المصطلح الذي ينظر إلى جهود الفكر الإنساني في اكتشاف قوانين بناء المجمتع بوصفها محاولة لاكتشاف السُّنَن، وإنْ لم يُشِرْ إلى ذلك صراحةً.

أ. قضية بناء الأُمم والحضارات في العصور القديمة:

فكر سقراط وما قبله[2]

حفظت موسوعة ستانفورد للفلسفة[3] ما تناوله الفكر الإنساني القديم منذ القرن السادس قبل الميلاد عن قضية قوانين بناء الأُمم، وقد احتوت الموسوعة على شذرات من كتابات وأعمال لفلاسفة من عصر سقراط وما قبله وما تلاه.

وممّا ورد في الموسوعة أنَّ أوائل فلاسفة العصر ما قبل السقراطي[4] وضعوا طريقة جديدة لدراسة العالَم ومكانة البشر فيه، وأجرَوا لذلك البحوث الفلسفية الرئيسة التي تناولت بعضها وظيفة النفس البشرية، والتصرُّفات والأخلاق البشرية، وقدَّموا الكون بوصفه كينونة واحدة مُتكامِلة، تخضع لقوانين ثابتة، يُمكِن فهمها عن طريق المنهج العقلاني (Stanford Encyclopedia of Philosophy, 2016).[5] وقد عُرِف فلاسفة العصر ما قبل السقراطي بأنَّهم الرعيل الأوَّل من الفلاسفة والعلماء الطبيعيين في الغرب، وأنَّهم سَلَفُ ما أضحى قطب رحى في دراسات أفلاطون وأرسطو، بل في الفكر الغربي كله (موسوعة ستانفورد للفلسفة، 2019).

ثمَّ جاء في طروحات سقراط -التي وصلتنا من كتابات تلميذه أفلاطون (أفلاطون، 1994)- ما يُمثِّل جذور الفلسفة الغربية في بناء المجتمعات؛ إذ ورد فيها أنَّ سقراط قدَّم جوابين لسؤالين مُهِمَّين، هما: ما معنى الفضيلة؟ وما أفضل دولة؟

وفي سعي سقراط للبحث عن إجابة لهذين السؤالين، فإنه حاول إصلاح الأخلاق العامة في أثينا، وإيجاد نظام حُكْم أفضل للدولة (ديورانت، 2016).

فكر ما بعد سقراط:

استمرَّ الفكر الإنساني في تناول هذه القضية عن طريق التأمُّل الذي مارسه الفلاسفة بعد سقراط، وعلى رأسهم أفلاطون وأرسطو.[6] فقد ارتبط كتابا أفلاطون “الجمهورية” و”القوانين” بقضية بناء الأُمم؛ إذ عرض كتاب “الجمهورية” فلسفة بناء الأُمَّة من خلال بناء سياسي مثالي مُغلَق وصارم، يرتكز على قيمة العدالة، في حين اشتمل كتاب “القوانين” على الدساتير الدائمة التي تُحقِّق الـمُثُل العُليا للمدينة كما رسمها كتاب “الجمهورية” (بليط، 2019).

ثمَّ جاءت أعمال أرسطو التي تخصُّ بناء الأُمم في كتابيه: “الأخلاق” و”السياسات”، وقد بيَّن فيهما أنَّ السياسة -في نظره- تُمثِّل عِلْم السعادة الجماعية، الـمُقابِلة لعِلْم السعادة الفردية؛ وهو عِلْم الأخلاق. ومن ثَمَّ، طرح فكرة “العِلَّة الفاعلة” التي تعني البُعْد الفردي من ناحية العامل تجاه الأُمَّة، وفكرة “العِلَّة الغائية” التي هي بُعْد من ناحية الهدف، وفكرة “العِلَّة المادِّية”، وهي بُعْد من الناحية الأرضية وامتداد الموج (ميلر، 2017؛ أرسطو، 2019).

وممّا جاء في دراسة أَعدَّتها كريستيان بريدي عن أدبيات أرسطو تجاه بناء الأُمَّة: “لقد تبيَّن أنَّ نهج أرسطو الفريد في الأدبيات الحالية حول بناء الأُمَّة دقيق.” وأضافت بريدي: “إنَّ الموضوع الرئيس في سياسة أرسطو هو الاستقرار والشرعية والعدالة” (Breede, 2009).

وتجدر الإشارة إلى أنَّ أرسطو أكَّد دور الله في الكون؛ إذ رآه يُمثِّل الضرورة الفكرية، وأساس السببية الطبيعية، وأصل حركة الأشياء، والعِلَّة الأولى، ومصدر التناغم والانسجام والنظام في الكون (الخويلدي، 2017).

ب. قضية بناء الأُمم والحضارات في الفكر الغربي في العصور الوسطى[7]

اتَّسمت الحياة الفكرية الغربية في العصور الوسطى باضمحلال العلوم، وتراجع الثقافة، والإقبال المحدود على طلب العِلْم؛ إذ سيطرت على واقع الحال الهيمنةُ الدينية التي كانت تمنع العلوم، وانتشرت الخرافة والمتوارثات الشعبية الأسطورية، ولم يتبيَّن أيُّ وجود للأدبيات التي تبحث في بناء الأُمم (حاطوم، 1982، ص 893-978).

ت. قضية بناء الأُمم والحضارات في الفكر الغربي في عصر النهضة[8]

اتَّسم الفكر الغربي في ما يُسمّى عصر النهضة بالصحوة عموماً، وبالنظر في سُبُل إحياء الأُمم والحضارات خصوصاً. وبالطبع، لم يعتمد ذلك الفكر على مفهوم “السُّنَن الإلهية”؛ نظراً إلى اعتماد الفكر الغربي على نبذ الفكر الديني الكنسي الذي سيطر في العصور الوسطى. ولهذا، فإنَّ الحديث عن هذه القضية في الفكر الغربي يصلح فيه تتبُّع جانب عوامل بناء الأُمَّة والحضارة.

نظرية العقد الاجتماعي:

ظهر في القرن السابع عشر الميلادي فكرٌ فلسفي أنعم النظر في العوامل التي يُمكِن أنْ تبني المجتمعات بعد عهود من التخلُّف، والكوارث، والحروب الأهلية، والمنافسة الـمُتوحِّشة في أوروبا، فتوصَّل إلى إطلاق نظريات عدّة، من أهمِّها نظرية العقد الاجتماعي التي حاولت تفسير أمن المجتمعات وتطوُّر الإنسانية، وارتكزت على الحرية الـمُنطلِقة من قضية الحقِّ الطبيعي للإنسان، والـمُنضبِطة بضوابط العقد الاجتماعي، التي ترتكز على أفكار أرسطو في تكوين الدولة (خليفة، 2013، ص 216؛ عثمان، 2017، ص2). وقد كان من أهمِّ مُنظِّري العقد الاجتماعي والحقوق الطبيعية: جون جاك روسو، وتوماس هوبز، وجون لوك، وإيمانويل كانط.[9]

نظرية بناء الأُمَّة:

ظهر مصطلح “الأُمَّة” “Nation” عالمياً في القرن التاسع عشر الميلادي، وقد اختلف الـمُفكِّرون في تحديد ماهيَّته؛ إذ اعتمد كلٌّ من ماركس وأنغلز على الثورة في صناعة الأُمَّة، بمعنى تحطيم الإنسان القديم في سبيل إنتاج الإنسان الجديد، وتبعهما في هذه النظرة ستالين ولويس آلتوسر، في حين اختلف معهم إرنست رينان؛ فالأُمَّة -في نظره- “مبدأ روحي، وهي بحسب وصفه “عائلة روحية، لا مجموعة مُحدَّدة بترسيمة الأرض.” وهذا يعني أنَّها “تراث مشترك، ورغبة شخصية لمشاركة هذا التراث” (داوود، 2020).[10]

أمّا مصطلح “بناء الأُمَّة” “Nation Building” فقد ظهر في الغرب بعد الحرب العالمية الثانية، ولم يكن يخلو من الجدل والارتباك في الأدبيات، لكنَّ مفهومه دار عموماً حول مجموعة أو عِرْق من الناس، يتشاركون في التاريخ، والثقافة، وأحيانًا في الدين، واللغة عادة. وقد انتشر هذا المفهوم في مختلف أنحاء العالَم. ثمَّ ظهرت نظرية بناء الأُمَّة، وتطوَّرت لتشمل: بناء الدولة، والديمقراطية، والتحديث، والتنمية السياسية، وإعادة الإعمار بعد الصراع، وبناء السلام (Stephenson, 2005). وقد كان من أهمِّ مُنظِّريها: لوسيان بي، وغوستاف لوبون، وراينهارد بنديكس، وكارل دويتش؛ إذ أجرى كلٌّ منهم دراسات عِدَّة بحثت في قضية بناء الأُمَّة.[11]

بناء الحضارة ومصطلح “رؤية العالَم”:

عند طرْحنا السؤال الآتي: هل ربطت الدراسات الغربية بين بناء الحضارة وسُنَن إلهية تحكمها؟ والبحث عن إجابة له، يُظهر لنا مفهوم مُقارِب ينسجم مع نظرة الغرب إلى مفهوم “السُّنَن الكونية”، ويندرج تحت مصطلح “رؤية العالَم”؛[12] ويعني: “الطريقة التي ينظر بها شعب إلى الكون ككل، والتي يرون من خلالها هذا الكون، ويُحدِّدون موقفهم منه.” ويعني أيضاً: “تفسير الأمور الدنيوية من خلال مضمون ديني” (عارف، 2000، ص62).

ونتيجةً لمفهوم “رؤية العالَم”؛ تأسَّس نموذج معرفي يُمثِّل نظرية معرفية لمجتمع حضاري مُعيَّن، حدَّد ماهيَّة العِلْم، وتصنيفه، وطبيعة الحقيقة، والمنهج، وأدوات المعرفة، وهيمن على الجماعات العلمية، ونُظِر إليه بوصفه إطاراً مرجعياً نهائياً لمعارف هذه الجماعات، يمتلك الشرعية في التأثير في الواقع الاجتماعي، بعد إنـزال المستوى المعرفي على أرض الواقع؛ ما أفضى إلى تشكُّل النُّظُم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية (مهورباشة، 2017، ص47، 78 بتصرف).

والـمُلاحَظ أنَّ أهمَّ البحوث التي دارت في فَلَك هذا المصطلح قد اهتمَّت بعنصري الزمان والمكان، على أساس أنَّ الكون كله، هو امتداد فيزيقي أو مكاني، وامتداد زماني مُعيَّن، تختلف آراء الناس فيه.[13]

أمّا أبرز علماء الاجتماع الغربيين الذين اهتمّوا بدراسة الحضارة والاجتماع البشري وَفق مفهوم “رؤية العالَم” فهم: ديلتاي، وماكس فيبر، وكليفورد جيرنر، وغيرهم.[14]

البحوث في التراث الإسلامي:

إنَّ الحديث عن قضية السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات في التراث الإسلامي، هو حديث مُهِمٌّ لإظهار حجم القضية في الكيان الجمعي للأُمَّة الإسلامية؛ فِقْهاً ووعياً وممارسةً، عن طريق الحركة التأليفية لنُخَبها العلمية، والفعل اليومي لنُخَبها القيادية.

والـمُتتبِّع لتلك القضية يلحظ أنَّها لم تظهر مُبكِّراً في الفكر الإسلامي؛ إذ كانت العصور الأولى من الهجرة تمتاز بممارسة تطبيق السُّنَن على أرض الواقع، وحين بدأ عصر التدوين كانت القضية تَرِدُ غالباً وَفق إشارات مُتناثِرة في كتب الـمُؤرِّخين والـمُفسِّرين والـمُفكِّرين الأوائل. ولرصد تلك الـمُؤلَّفات، فإنَّنا سذكرها بحسب التسلسل التاريخي ضمن مجال ورودها.

أ. مُؤلَّفات الـمُفكِّرين والفقهاء:

يُعَدُّ الإمام ابن أبي الدنيا (281ﻫ/895م) أوَّل مَنْ ذكر عِلْم السُّنَن تدويناً وتأسيساً في التراث الإسلامي، وذلك في كتابه “العقوبات”؛ إذ أورد فيه جُمْلة من الأحاديث النبوية التي تحدَّثت عن سُنَن الله تعالى في هلاك الأُمم، وأبرزت أنواع العقوبات الإلهية التي حلَّت بهذه الأُمم (مقلد، 2017، ص356).

أمّا الإمام ابن حزم الظاهري (456ﻫ/1064م) فقد أورد في أكثر من موضع من مُؤلَّفاته القول بالطبائع، وإثبات العِلِّيَّة في الكون (مقلد، 2017، ص 356)، وكذلك أشار الإمام أبو حامد الغزالي (505ﻫ/1111م) إلى الموضوع نفسه؛ إذ رأى أنَّ عِلْم السُّنَن هو من أَجَلِّ العلوم وأنفعها، فقال: “وأمّا القسم المحمود إلى أقصى غايات الاستقصاء فهو العِلْم بالله تعالى، وبصفاته، وأفعاله، وسُنَنه في خَلْقه” (الغزالي، 2020، ج1، ص59).

وفي القرن الثامن الهجري، ورد ذكر السُّنَن عند ابن تيمية (728ﻫ/1328م)، في كتبه: “الفتاوى”، و”جامع الرسائل”، و”دقائق التفسير”؛ إذ خصَّص رسالة للفظ “السُّنَّة” في القرآن الكريم، عرض فيها جميع الآيات القرآنية التي ذُكِرت فيها السُّنَّة، والسياق الذي جاءت فيه. وممّا قاله فيها: “ﱡﭐ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃﱠ [فاطر: 43] دليل على أنَّ هذا من مقتضى حكمته، وأنَّه يقضي في الأمور الـمُتماثِلة بقضاء مُماثِل، لا بقضاء مُخالِف” (ابن تيمية، 1984، ج1، ص54).

وكذلك تحدَّث ابن القيِّم (751ﻫ/1350م) عن الموضوع نفسه في كتابه “شفاء العليل”، وذلك في سياق تعليقه على الآية الكريمة: ﱡﭐ ﱐ ﱑ ﱒ  ﱓ ﱔ ﱕ ﱖﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜﱠ [الإسراء: 77]، والآية الكريمة: ﱡﭐ  ﳌ  ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ  ﱠ [الفتح: 23]؛ إذ قال: “فسُنَّته سبحانه عادته المعلومة” (ابن قيم الجوزية، 1978، ج1، ص199).

وكذلك، فقد اهتمَّ أبو إسحق الشاطبي (790ﻫ/1388م) بقضية السُّنَن، وتناولها في كتابه “الموافقات”؛ إذ تحدَّث عن علاقة الأسباب بالـمُسبِّبات التي هي عادة الله في خَلْقه، فقال: “مَنِ التفت إلى الـمُسبِّبات من حيث كانت علامة على الأسباب في الصحَّة والفساد لا من جهة أُخرى، فقد حصل على قانون عظيم يضبط به جريان الأسباب على وِزان ما شُرِع، أو على خلاف ذلك” (الشاطبي، 2006، ص160).

ب. مُؤلَّفات الـمُؤرِّخين:

ألَّف المسعودي (346ﻫ/957م) مُصنَّفاً في التاريخ، سمّاه “مروج الذهب ومعادن الجوهر”، ورصد فيه تاريخ الأُمم (المسعودي، 2005). وألَّف مسكويه (421ﻫ/1030م) كتاب “تجارب الأُمم وتعاقب الهمم”، ورصد فيه أخبار الأُمم (مسكويه، 2008). وكذلك ألَّف الطرطوشي (520ﻫ/1126م) كتاب “سراج الملوك” الذي تضمَّن منهجاً تاريخياً في دراسة أحوال الأُمم وَفق متتالية سُنَنية، وجاء فيه: “لا سلطان إلّا بجند، ولا جند إلّا بمال، ولا مال إلّا بجباية، ولا جباية إلّا بعمارة، ولا عمارة إلّا بعدل، فصار العدل أساساً لسائر الولايات” (الطرطوشي، 1994، ص216).

وألّف ابن الجوزي (597ﻫ/1201م) كتاب “الـمُنتظَم في تاريخ الملوك والأُمم” الذي عُدَّ من أهمِّ الكتب التي تحدَّثت في التاريخ وأحوال الأُمم (ابن الجوزي، 1995).

وأمّا العماد الأصبهاني (597ﻫ/1201م) فألَّف عدداً من الكتب التاريخية التي سجَّلت أحداثاً مُهِمَّةً في تاريخ الأُمَّة، منها: “البرق الشامي”، و”البستان الجامع لجميع تواريخ أهل الزمان” (السرجاني، 2014).

وأمّا ابن الأثير (630ﻫ/1233م) فألَّف كتاب “الكامل في التاريخ” الذي اتَّصف بمنهجية النقد المقارن في قراءة الماضي، وتأمُّل الحاضر، وتوقُّع المستقبل (الجابري، 2006، ص144).

ثمَّ ألَّف السبكي (771ﻫ/1370م) كتاب “معيد النعم ومبيد النقم” الذي ربط فيه بين الأسباب والـمُسبِّبات في حياة الأفراد والمجتمعات (السبكي، 1986). في حين ألَّف ابن خلدون (808ﻫ/1406م) عدداً من الـمُصنَّفات في التاريخ، أشهرها “الـمُقدِّمة” المشهورة بـ”مُقدِّمة ابن خلدون” التي تضمَّنت سرداً لأحوال البشر وطبائعهم والـمُؤثِّرات التي تُميِّز بينهم، واستقراءً للقوانين الـمُسيطِرة على التاريخ وتطوير المجتمع (ابن خلدون، 2004).

ت. مُؤلَّفات الـمُفسِّرين وأصحاب الحديث:

أشار كثير من الباحثين إلى وجود قراءة سُنَنية للقرآن الكريم في كتب التفسير والحديث الـمُتقدِّمة، ويُمكِن الاستئناس بما ذكره الطيب برغوث عندما بيَّن أنَّه مَدين للقراءات الثمينة في كتب التفسير، مثل: “تفسير الطبري”، و”تفسير الرازي”، و”تفسير ابن عطية”، و”تفسير البغوي”، و”تفسير القرطبي”، و”دقائق التفسير” لابن تيمية، و”التفسير القيِّم” لابن القيِّم، و”روح المعاني” للآلوسي، و”محاسن التأويل” للقاسمي …؛ وشروح السُّنَّة، مثل: شرح ابن حجر لصحيح البخاري، وشرح النووي لصحيح مُسلِم، وشرح ابن العربي لسُنَن الترمذي … وغيرهم (برغوث، 2004، ص13). بيد أنَّ استقراء تلك الإشارات خارج عن مجال هذه الدراسة.

البحوث في الفكر الإسلامي الحديث:

إنَّ الـمُتتبِّع للنتاج العلمي للفكر الإسلامي الحديث حيال هذه القضية يلحظ تفاعلاً واعياً، ونشاطاً جادّاً، في محاولة تأصيل عِلْم نظري من جهة، وبناء فكر حركي من جهة أُخرى، يهدف إلى إخراج الأُمَّة الإسلامية من مآزقها الفكرية، ومن مشكلاتها الحضارية، وإعلاء مكانتها. وبناءً على ذلك، فإنَّنا سنذكر أهمَّ النتاجات الـمُختصَّة بذلك وَفقاً للترتيب الزمني:

أ. الـمُؤلَّفات المستقلة في القضية:

يُعْزى إلى محمد عبده (1323ﻫ/1905م) ومحمد رشيد رضا (1354ﻫ/1935م) الاهتمام بالقضية في العصر الحديث عن طريق مدرسة المنار؛ إذ دعا كلٌّ منهما إلى اتِّخاذ السُّنَن عِلْماً؛ لِما عايشاه من غفلة المسلمين عن فِقْه الواقع، وضعفهم في علوم الاجتماع، وتفوُّق غيرهم من الغرب في الكشف عن فلسفة التاريخ وحركة الاجتماع البشري، وقدَّما إشارات توحي بضرورة تأسيس عِلْم السُّنَن الإلهية؛ لتجاوز الهزيمة الحضارية التي تعيشها الأُمَّة الإسلامية (البطيوي، 2018، ص274 بتصرف). وقد وجدت هذه الدعوات صداها، ولاقت قبولاً وإقبالاً، فتطوَّرت الدراسات القرآنية؛ لتشمل الاتجاهات الفكرية. وظهرت كتابات ومُؤلَّفات أحيت البحث في مجال السُّنَن الإلهية، منها:

– كتاب “تجديد التفكير الديني في الإسلام” للفيلسوف الباكستاني محمد إقبال (1357ﻫ/1938م):

تناول محمد إقبال هذه القضية في كتابه الذي يُعَدُّ من أهمِّ الكتب التي اهتمَّت بإيقاظ المسلمين وتنبيههم عن طريق بناء المعرفة، والارتقاء بالذات، والعمل على تحريرها، وتأكيد مبدأ الحركة في بناء الإسلام، والتنبيه على مفهوم “الأُمَّة”، ونقد العصبية القومية (إقبال، 2011).

– مجموعة رسائل حسن البنا (1368ﻫ/1949م):

مثَّلت رسائل حسن البنا رؤية إسلامية لمفهوم “التغيير الاجتماعي الشامل” في مختلف جوانب الحياة، وقد تشكَّلت تلك الرؤية اعتماداً على مجموعة من القوانين والسُّنَن التي تحكم عملية التغيير، وتُحدِّد مسارها وغايتها ووسائلها. وتجدر الإشارة إلى أنَّ هذه الرؤية تَتَّسِق مع رؤية محمد عبده ومحمد رشيد رضا (عبد المجيد، 2011، ص247).

– سلسلة مشكلات الحضارة (مجوري، 2017) للمُفكِّر الجزائري مالك بن نبي (1393ﻫ/1973م):

يُعَدُّ مالك بن نبي مُؤسِّس المدرسة السُّنَنية في الفكر الإسلامي المعاصر؛ إذ رأى أنَّ الحضارة هي مركب أو حصيلة لتفاعل الإنسان والوقت والتراب، وعَدَّها قوانين ناظمة وثابتة ومُطَّرِدة، لا تتبدَّل ولا تتغيَّر. وقد سمّاها الله تعالى في كتابه العزيز سُنَناً، فقال U: ﱡﭐ  ﳌ  ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﱠ [الفتح: 23]، وقال سبحانه: ﱡﭐ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ  ﱠ [فاطر:43]، وذلك وَفق المعادلة الشهيرة التي تجمع بين الإنسان والوقت والتراب:

“إنسان+ تراب+ زمن          (طاقة روحية)= ناتجاً حضارياً” (بوخلخال، 2012، ص46-47 بتصرف).

– كتاب “سُنَن الله في المجتمع من خلال القرآن الكريم” للشيخ محمد الصادق عرجون (1400ﻫ/1980م):

عمل الشيخ الصادق في كتابه هذا على استنطاق آيات القرآن الكريم لتعرُّف سُنَن الله تعالى في المجتمع، واكتشاف نظريات القرآن العلمية وفلسفته الكونية، وسُنَنه في الحياة عامةً، وفي المجتمع البشري وتطوُّراته الفكرية والاجتماعية بوجه خاص، مُبيِّناً أنَّ العِلْم بالسُّنَن الإلهية هو الذي وضع المجتمع الإسلامي في مكان الصدارة من الحياة يوم أنْ كان العِلْم -بأوسع معانيه- هو القائد له (عرجون، 1404ﻫ).

– كتاب “السُّنَن التاريخية في القرآن الكريم” للمُفكِّر العراقي السيد محمد باقر الصدر (1400ﻫ/1980م):

تناول الصدر في كتابه عملية التغيير الاجتماعي وأبعادها من خلال كشف القرآن الكريم عن سُنَن التاريخ، وبيَّن مجال السُّنَن على الساحة التاريخية، وتحدَّث عن أساليب القرآن الكريم في بيان السُّنَن التاريخية (الصدر، 2011).

– كتاب “كيف نتعامل مع القرآن؟” للمُفكِّر المصري محمد الغزالي (1416ﻫ/1996م):

دعا الغزالي في كتابه إلى إدراك السُّنَن الإلهية في الأنفس وفي الآفاق (مثل: سُنَّة التدرُّج، وسُنَّة الأجل، وسُنَّة التداول الحضاري، وسُنَّة المدافعة، وسُنَن التسخير)، وبيَّن أنَّ القرآن الكريم أكَّد سريان هذه السُّنَن على الناس جميعاً، وأنَّ اكتشافها والتعامل معها أمر لا بُدَّ منه للشهود الحضاري (عمارة الأرض، والقيام بأعباء الاستخلاف الإنساني، والشهادة، والقيادة للناس) (الغزالي، 2014، ص184-211).

– كتاب “السُّنَن الإلهية في الأُمم والجماعات والأفراد في الشريعة الإسلامية” للفقيه العراقي عبد الكريم زيدان (1435ﻫ/2014م):

قال زيدان في كتابه: “… وما يحدث للأُمَّة من شقاء، وسعادة، ورفعة، وسقوط، وعلوٍّ، وانحطاط، وقوَّة، وضعف، وبقاء، وفناء، ونحو ذلك؛ كلّ ذلك الذي ذكرْنا وجوده وحدوثه في العالَم لا يقع صدفة، ولا خبط عشواء، وإنَّما يقع ويحدث وَفق قانون عام دقيق ثابت صارم، لا يخرج عن أحكامه شيء” (زيدان، 2002، ص7).

– كتاب “على مشارف القرن الخامس عشر الهجري: دراسة السُّنَن الإلهية” للمُفكِّر اليمني إبراهيم بن علي الوزير (1435ﻫ/2014م):

أفرد الوزير في كتابه حديثاً عن السُّنَن والـمُسلِم المعاصر، وكشف فيه حقائق عن التاريخ ودروسه، وأشار -في الوقت نفسه- إلى سلبيات الواقع، مُستشرِفاً معالم التوجُّه نحو المستقبل (الوزير، 1989).

– كتاب “مقال في السُّنَن الإلهية الكونية والاجتماعية”، وكتاب “روح الحضارة الإسلامية” للمُفكِّر المصري محمد عمارة (1441ﻫ/2020م):

تتبَّع عمارة في كتابه الأوَّل الآثار والأعمال التي أفردها محمد عبده عن السُّنَن، وحقَّقها، ودرسها (عمارة، 2009). أمّا في الكتاب الثاني فتحدَّث عن سُنَّة التدرُّج في الإصلاح على مستوى الرسالات، وذلك في عصر النبوة، وفي التاريخ الإسلامي (عمارة، 2013).

– سلسلة “سُنَن تغيير النفس والمجتمع” للمُفكِّر السوري المعاصر جودت سعيد (1444ﻫ/2022م):

انطلق جودت سعيد في سلسلته من شرح قوله تعالى: ﱡﭐ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥﱠ [الرعد: 11]، مُبيِّناً أنَّ التغيير يخضع لقواعد وقوانين هي سُنَن الله تعالى في النفس والجماعة، التي بها يرتقي المجتمع أو يتخلَّف (سعيد، 1993).

– كتاب “هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس” للمُفكِّر الأردني ماجد عرسان الكيلاني (1436ﻫ/2015م):

عمل الكيلاني في كتابه على استنباط ما سمّاه القوانين التاريخية والتطبيقات المعاصرة، مُنطلِقاً من التحليل التاريخي لمرحلة من مراحل البناء في تاريخ الأُمَّة (الكيلاني، 2002).

– كتاب “مدخل إلى الحضارة الإسلامية”، وكتاب “في التأصيل الإسلامي للتاريخ” للمُؤرِّخ العراقي عماد الدين خليل (وُلِد عام 1358ﻫ/1939م):

قدَّم الـمُؤلِّف في كتابه الأوَّل الحضارة بوصفها شخصية مُميَّزة؛ بدءاً وصيرورةً وانكماشاً وتدهوراً، ودعا إلى تقديم المشروع الحضاري البديل للتجارب الوضعية، ورأى أنَّ الإسلام هو القادر على تقديم هذا المشروع (خليل، 2020). أمّا في كتابه الثاني فبيَّن أنَّ القرآن الكريم هو مصدر الكشف الأوَّل للبحث عن السُّنَن العاملة في التاريخ، أو ما سمّاه فلاسفة التاريخ قوانين الحركة التاريخية (خليل، 2001).

– دراسة “منظومة سُنَن الأنفس” للمُفكِّر الجزائري الطيب برغوث (وُلِد عام 1370ﻫ/1951م):

تناول برغوث في دراسته القوانين التي وضعها الله تعالى فيما يختصُّ بالنفس البشرية، والاجتماع الإنساني، والثقافة، والحضارة، مُبيِّناً أنَّ السُّنَن التي يخضع لها الإنسان، وإنْ كانت أخفى من سُنَن الآفاق، فهي لا تقلُّ أهميةً وانضباطاً عن السُّنَن التي تحكم الآفاق (مجوري، 2020).

– دراسة “السُّنَن الإلهية في الأُمم والأفراد في القرآن الكريم: أصول وضوابط” للشيخ المصري مجدي محمد عاشور (معاصر):

حاول عاشور في دراسته إثارة أهمِّ ما كتبه العلماء والباحثون لضبط القواعد الحاكمة لموضوع السُّنَن الإلهية؛ كي تصبح عِلْماً مستقلاً ينطلق من التفسير الموضوعي للقرآن الكريم، ويحتمي بقواعد تفسير النصوص وعلوم القرآن (عاشور، 2013).

– بحث “سُنَن الله في الحضارات” للمُفكِّر السوداني عصام البشير (وُلِد عام 1375ﻫ/1956م):

بيَّن البشير في بحثه أنَّ معرفة السُّنَن عامل رئيس لتحقيق الريادة الحضارية. ومن ثَمَّ، فقد تحدَّث عن أهمية السُّنَن، وعن بعض القِيَم التي تنبثق منها، قائلاً: “الله وضع للبشر سُنَناً، مَنْ حفظها حفظته، ومَنْ ضيَّعها ضيَّعته” (البشير، 2004، ص49).

– بحث “النسق التأويلي والمقاصدي في نظرية الاستنطاق القرآني” للباحث المغربي عبد الرحمن العضراوي (معاصر):

تحدَّث العضراوي في بحثه عن سُنَن الاجتماع البشري، الذي يكشف عنه الفهم الدقيق الـمُرتكِز على خصائص القراءة الاستنطاقية (العضراوي، 2008، ص388، 394).

ب. القضية في التفاسير:

تطوَّر الاهتمام بقضية السُّنَن الإلهية في بعض التفاسير الحديثة، وقد لوحِظ أنَّ أكثرها كان في سُنَن الهلاك، وأنَّ قليلاً منها تناول سُنَن بناء الأُمم والحضارات. وفي ما يأتي أهمُّ هذه التفاسير:

– “تفسير المنار” للشيخ محمد رشيد رضا (1354ﻫ/1935م):

أشرْنا آنفاً إلى هذا التفسير عند الحديث عن الإمام محمد عبده ومحمد رشيد رضا، بأنَّ لهما قَصَبَ السَّبْق إلى عِلْم السُّنَن الإلهية، بوصف ذلك تطوُّراً تاريخياً للاهتمام القرآني بالسُّنَن وتوظيفها على أساس أنَّها أداة تغييرية (البطيوي، 2018، ص274 بتصرف).

– تفسير “في ظلال القرآن” للأديب والـمُفسِّر المصري سيِّد قطب (1344ﻫ/1966م):

تعمَّق سيد قطب في تحليله الآيات الـمُرشِدة لسُنَن الله تعالى، وركَّز على قضية الاستخلاف الحضاري المبنية على القِيَم الإيمانية مع القوانين المادِّية، وعلى سُنَّة الوراثة (سرار، 2006).

– “تفسير ابن باديس” للشيخ الجزائري عبد الحميد بن باديس (1358ﻫ/1941م):

أشار ابن باديس في تفسيره إلى “قوانين الصعود والسقوط”؛ أي النواميس التي تحكم تطوُّر المجتمعات، وسَيْر الحضارات، ويكثر ذكرها في الكتاب الكريم (الدراجي، 2017).

– “تفسير المراغي” للمُفسِّر المصري أحمد مصطفى المراغي (1371ﻫ/1952م):

اهتمَّ المراغي في تفسيره بموضوع السُّنَن في بناء الأُمم، وممّا ورد في ذلك قوله: “السُّنَن هي النظام الذي جرى عليه أمر الأُمم” (المراغي، 1946، ج2، ص76).

ت. البحوث والرسائل الجامعية:

تناولت بعض الرسائل والبحوث موضوع السُّنَن الإلهية عموماً، وبناء الأُمم بشكل عابر، وركَّز عدد قليل منها على السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم تحديداً. وفي ما يأتي أهمُّ الدراسات التي عرضت هذا الموضوع مُرتَّبةً ترتيباً تاريخياً:

– “السُّنَن الإلهية في الحياة الإنسانية وأثر الإيمان في العقيدة والسلوك” للدكتور شريف صالح الخطيب:

هذه الدراسة هي رسالة دكتوراه مُقدَّمة في جامعة أم القرى بمكة المكرمة عام 1987م، وفيها تحدَّث الخطيب عن السُّنَن الخاصّة ببناء الأُمم، مُركِّزاً على تلك الـمُتعلِّقة بأسباب النصر.

– “سُنَن الله في الأُمم من خلال آيات القرآن الكريم: دراسة موضوعية” لحسن بن صالح الحميد:

هذه الدراسة هي رسالة دكتوراه مُقدَّمة في جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض عام 1993م، وفيها تحدَّث الحميد عن سُنَن الله تعالى في الأُمم والأفراد، وبحث في خصائص السُّنَن في الأُمم، ومجالاتها، وآثارها، وختم دراسته بتقديم مُقترَح لخلاص الأُمَّة؛ أيْ فِقْه الخروج من الأزمة.

– “سُنَن القرآن في قيام الحضارات وسقوطها” لمحمد هيشور:

هذه الدراسة هي رسالة ماجستير مُقدَّمة في جامعة عين شمس بمصر عام 1996م، وفيها ركَّز هيشور حديثه على سُنَن القرآن في قيام الحضارات من خلال العقيدة والعبادة والسلوك، وعلى سُنَن التجدُّد والاستبدال الحضاري من خلال التداول والاستخلاف والتمكين، وعلى سُنَن الوراثة.

– “سُنَّة الله في إحياء الأُمم واضمحلالها” لنداء زقزوق:

 هذه الدراسة هي رسالة ماجستير مُقدَّمة في الجامعة الأردنية بالأردن عام 2001م، وفيها تطرَّقت زقزوق إلى ما سمَّته ثوابت الإحياء الـمُتعلِّقة بالعقيدة والقِيَم والقوَّة والفكر والعِلْم، وضمَّنتها دراسة تطبيقية على الأُمَّة الإسلامية.

– “مُقوِّمات الحضارة وعوامل أفولها من منظور القرآن الكريم” لعمّار توفيق أحمد بدوي:

هذه الدراسة هي رسالة ماجستير مُقدَّمة في جامعة النجاح الوطنية بفلسطين عام 2005م، وفيها عرض بدوي مُقوِّمات الحضارة في القرآن الكريم، وضوابط الأمان في استمرار الحضارة وديمومتها، وعرض كذلك عوامل أفولها، وختم دراسته بالحديث عن مستقبل التمكين والبشائر للحضارة الإسلامية.

– “سُنَن الله في إحياء الأُمم في ضوء الكتاب والسُّنَّة” لحسين شرفة:

هذه الدراسة هي رسالة دكتوراه نشرتها في بيروت مؤسسة الرسالة (ناشرون) عام 2008م، وفيها سعى شرفة للتنبيه على الطابع الكلي والنسقي الذي يحكم السُّنَن، مُؤكِّداً أهمية خصيصتي الثبات والاطِّراد الـمُشاهَدتين في الارتباط السببي بين النتائج والـمُقدِّمات، مع مراعاة الجانب العقدي في هذا المحور.

– “السُّنَن الإلهية وتفسير القرآن الكريم في العصر الحديث” للباحث عمر حيدوسي:

هذه الدراسة هي رسالة دكتوراه مُقدَّمة في جامعة الحاج لخضر باتنة بالجزائر عام 2012م، وفيها كشف حيدوسي عمّا أورده الـمُفسِّرون بخصوص قضية السُّنَن الإلهية، من حيث الدلالات اللغوية والاصطلاحية، ومن حيث أنواع السُّنَن، لا سيَّما السُّنَن الاجتماعية، ومجالاتها، وأبعادها.

– “عِلْم السُّنَن الإلهية من الوعي النظري إلى التأسيس العملي” للدكتور أبو اليسر رشيد كهوس:

نُشِرت هذه الدراسة في الموقع الإلكتروني الرسمي للباحث عام 2015م، وحوت تعريفاً وتأصيلاً للسُّنَن الإلهية، وأقسامها، وخصائصها وصفاتها، ومقاصدها وآثارها، والقواعد الكلية لها، ودواعي الاهتمام بها، وتناولت قضية السُّنَن الإلهية من حيث الوعي العملي والوعي النظري، ومن حيث منهج القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية في عرض السُّنَن الإلهية.

– “السُّنَن الإلهية عند الـمُفسِّرين بين الماضي والحاضر” لمقلد شعبان رمضان محمود محمد:

نشر هذه الدراسة مركز تحقيق المخطوطات في جامعة قناة السويس عام 2017م، وفيها عرض الباحث نماذج من اهتمام الـمُفسِّرين بقضية السُّنَن الإلهية، دون التركيز على مسألة بناء الأُمم.

– “السُّنَن الإلهية: دراسة تأصيلية” لسيِّد طه أحمد:

نُشِرت هذه الدراسة في صحيفة “منارات” بتاريخ 25/1/2017م، وحوت تأصيلاً لموضوع السُّنَن الإلهية من حيث التعريف بها، وطبيعتها، والآيات والأحاديث التي ذكرتها، وأسباب الجهل بها، وتعرُّف بعض مظاهرها، وإدراك أهميتها في فهم الواقع، فضلاً عن تعرُّف فِقْه التعامل مع السُّنَن الإلهية.

– “السُّنَن الإلهية في بناء الحضارات في ‏القرآن الكريم: دراسة موضوعية” لأحمد رشيد حسين أحمد:

نُشِر هذا البحث في الموقع الإلكتروني ResearchGate بجامعة بغداد عام 2018م، وتضمَّن حديثاً عن مفهوم “الحضارة” ومفهوم “السُّنَن الحضارية”، مُركِّزاً على سُنَن البناء الحضاري في القرآن الكريم وشروطه وأُسسه.

– كتاب “سُنَن العمران البشري في السيرة النبوية” لعزيز البطيوي:

هذا الكتاب في الأصل هو رسالة دكتوراه قُدِّمت في جامعة ابن زهر بالمملكة المغربية عام 2018م، وتناول قضية السُّنَن في الفكر الإسلامي، والممارسة العملية التطبيقية في السيرة النبوية.

ثانياً: دراسة تصنيفية للبحوث في السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات

عند تأمُّل ما سبق عرضه من دراسات وبحوث على مَرِّ التاريخ الإنساني والإسلامي، يَتَّضِح وجود بعض الـمُنطلَقات التي تجمع بينها، ويُمكِن تصنيف البحوث على النحو الآتي:

 تصنيف بحوث الفكر الإنساني:

تُصنَّف أدبيات الفكر الإنساني وَفق مُنطلَقات يُمكِن حصرها بالقضايا الآتية: فكرة “رؤية العالَم”، قوانين القِيَم والأخلاق، قانون السببية، نظرية العقد الاجتماعي، نظرية بناء الأُمَّة.

أ. البحوث الـمُرتكِزة على فكرة “رؤية العالَم”:

ورد في “موسوعة ستانفورد للفلسفة” أنَّ أوائل فلاسفة عصر ما قبل السقراطي توصَّلوا إلى طريقة جديدة لدراسة العالَم ومكانة البشر فيه، …، وقدَّموا الكون بوصفه كينونة واحدة مُتكامِلة تخضع لقوانين ثابتة (Stanford Encyclopedia of Philosophy, 2016). وقد تطوَّرت الفكرة بعد قرون، فظهر في العصر الحديث مصطلح “رؤية العالَم”، الذي وجَّه الفكر الغربي إلى تأسيس نموذج معرفي، أصبح يُستخدَم إطاراً مرجعياً نهائياً لمعارفهم، ويمتلك الشرعية في التأثير في الواقع الاجتماعي (مهورباشة، 2018، ص47، 78 بتصرف).

ب. البحوث الـمُنطلِقة من قوانين القِيَم والأخلاق:

ظهر في فكر سقراط وما قبله موضوع دراسة النفس البشرية وإرساء القِيَم، بعد ذلك ركَّز أفلاطون على قضية الأخلاق والـمُثُل العُليا، ثمَّ تابع أرسطو العمل على إعلاء قيمتي العدالة والشرعية (بليط، 2019).

ت. البحوث الـمُنطلِقة من قانون السببية:

تمَّ التنبُّه إلى قضية الربط بين الأسباب والـمُسبِّبات، فظهرت بدايات تربط الموضوع بالسُّنَن الإلهية؛ إذ أكَّد أرسطو دور الله في الكون، ورآه يُمثِّل الضرورة الفكرية، وأساس السببية الطبيعية، وأصل حركة الأشياء، والعِلَّة الأولى، ومصدر التناغم والانسجام والنظام في الكون (الخويلدي، 2017).

ث. البحوث الـمُعتمِدة على نظرية العقد الاجتماعي:

ظهرت في القرن السابع عشر الميلادي محاولةٌ لتفسير أمن المجتمعات وتطوُّر الإنسانية، وقد ارتكزت تلك المحاولة على الحرية الـمُنضبِطة بضوابط العقد الاجتماعي (خليفة، 2013).

ج. البحوث الـمُعتمِدة على نظرية بناء الأُمَّة:

بدأ ظهور هذه النظرية في القرن التاسع عشر الميلادي، وتراوحت بين الـمُنطلَق اللاديني والـمُنطلَق الروحي الـمُعتمِد على الدين المسيحي، ثمَّ تطوَّر مفهوم النظرية ليضع أُطُر البناء الرسمي للدول، ويُوسِّعها، ويرسمها على أرض الواقع (Stephenson, 2005).

تصنيف بحوث الفكر الإسلامي:

إنَّ الدراسات في الفكر الإسلامي تُوحِّدها فكرة “السُّنَن الإلهية” الـمُنطلِقة من دراسة النص الشرعي من جهة، ودراسة تاريخ الأُمَّة الإسلامية من جهة أُخرى. ولهذا، فإنَّ تصنيفها ينطلق من مدى تفاعلها مع المصطلح من جهة، ومع الواقع من جهة أُخرى.

أ. مُؤلَّفات أسَّست الوعي النظري بالسُّنَن:

يُقصَد بذلك الـمُؤلَّفات الـمُبكِّرة في التاريخ الإسلامي، التي تضمّنت إشارات تختصُّ بقضية السُّنَن الإلهية، في كتب التفسير وشروح الحديث. وكذلك الدراسات التي تلتها حتى مطلع القرن الثامن الهجري، وتعدَّدت أغراضها؛ فمنها ما نبَّه على مبدأ السببية أو العِلِّيَّة التي تحكم الظواهر الاجتماعية، مثل مُؤلَّفات الغزالي التربوية، ومنها ما أشار إلى خصائص السُّنَن، مثل مُؤلَّفات ابن حزم الفقهية، ومنها ما اهتمَّ بالمنهج التاريخي مثل مُؤلَّفات المسعودي، ومسكويه، والطرطوشي، وابن الجوزي، وابن الأثير، والسبكي، ومنها ما اهتمَّ بالإشارة إلى الرؤية السُّنَنية الـمُستنبَطة من النص، كما ورد عند ابن تيمية وابن القيِّم، ومنها ما اعتنى بالتأصيل المقاصدي للسُّنَن، مثل مُؤلَّفات الشاطبي (البطيوي، 2018، ص293-306).

ب. مُؤلَّفات أسَّست المنهج الفكري لعِلْم السُّنَن الاجتماعية:

يُمثِّل ذلك “مُقدِّمة ابن خلدون” التي تُعَدُّ نقلة منهجية في تاريخ الفكر الإسلامي؛ إذ عبَّرت نصوصها عن الوعي بسُنَنية التاريخ والعمران والحضارة، وبيَّنت مناهج جديدة في البحث التاريخي والاجتماعي زمن التقليد. وكذلك يُمثِّلها السخاوي الذي أسَّس لمنهجية الكشف عن حركة التاريخ؛ إذ بيَّن أنَّ وظيفة الاعتبار التاريخي السُّنَني، إنَّما تقوم على الوعي المنهجي الذي يُميِّز بين المبادئ والسُّنَن الحاكمة لحركة التاريخ (البطيوي، 2018، ص307-310).

ت. مُؤلَّفات رسَّخت فكرة تحويل قضية السُّنَن الاجتماعية إلى عِلْم:

يُمثِّل ذلك مدرسة المنار التي بادرت في العصر الحديث إلى طرح القضية، ودفعت إلى التأليف الفعلي فيها. وقد ظهر ذلك جلياً حين عبَّر محمد عبده -بعد اطِّلاعه على عِلْم الاجتماع الغربي- عن أسفه لعدم تدوين هذا العِلْم من المسلمين، مُؤكِّداً ضرورة معرفة الـمُفسِّر بعِلْم السُّنَن (رضا، 1990، ص22-23). وكذلك يتبيَّن الأمر في موقف محمد رشيد رضا حين رأى عِلْم السُّنَن الإلهية عِلْماً شرعياً أصيلاً يستند إلى نصوص قرآنية ونبوية محكمة الدلالة؛ “فهو يستحق العناية والتدوين، وهو من العلوم الضرورية التي يتوقَّف عليها مصير الأُمَّة بأكملها” (محي الدين، 2007، ص32). وتُمثِّل هذا القسم أيضاً دراسات محمد عمارة الذي تعقَّب آثار محمد عبده وأعماله الخاصّة بالسُّنَن، وحقَّقها، ودرسها، وشرحها في كتابه “مقال في السُّنَن الإلهية الكونية والاجتماعية”.

ث. مُؤلَّفات سعت لبناء عقلية الـمُسلِم تجاه قضية السُّنَن الاجتماعية:

ويمثّل ذلك دراسات عديدة، مثل كتاب “تجديد التفكير الديني في الإسلام” لمحمد إقبال الذي ركَّز على سُنَن بناء الذات الفردية عن طريق المعرفة والحركة والانتماء إلى الأُمَّة، آخذاً مُتغيِّرات العصر من فلسفات غربية ونظريات شرقية بالاعتبار. وكذلك “رسائل حسن البنا” التي حاولت بناء التصوُّر الإسلامي تجاه قضايا التغيير في المجتمع والقوانين والسُّنَن التي تحكمها. ويُمثِّل ذلك أيضاً “سلسلة تغيير النفس والمجتمع” لجودت سعيد التي ترتكز على تغيير نفوس الأفراد، و”منظومة سُنَن الأنفس” للطيب برغوث، التي تناولت قوانين النفس البشرية والاجتماع، و”تفسير ابن باديس” الذي اهتمَّ ببناء العقلية العلمية للإنسان الـمُسلِم.

ج. مُؤلَّفات اعتنت بالتأصيل العلمي للقضية:

من الأمثلة على ذلك كتاب “السُّنَن الإلهية في الأُمم والأفراد في القرآن الكريم: أصول وضوابط” لمجدي محمد عاشور، وبحث “عِلْم السُّنَن الإلهية من الوعي النظري إلى التأسيس العملي” لرشيد كهوس، ودراسة “السُّنَن الإلهية: دراسة تأصيلية” لسيِّد طه أحمد، ورسالة عمر حيدوسي “السُّنَن الإلهية وتفسير القرآن الكريم في العصر الحديث” التي تضمّنت فصلاً في التأصيل للقضية قبل الدراسة المقارنة، ودراسة عزيز بطيوي “سُنَن العمران البشري في السيرة النبوية”، التي تضمّنت كذلك فصلاً تأصيلياً.

ويُلاحَظ أنَّ هذه الـمُؤلَّفات قد اتَّبعت المنهج الاستقرائي والمنهج التحليلي، وحاولت تجلية قضية السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات، وبيان خصائصها، والمقاربة بينها وبين العلوم الإنسانية الاجتماعية، والنفسية، والتاريخية.

ح. مُؤلَّفات ركَّزت على استنباط سُنَن البناء الحضاري للأُمَّة:

تُصنَّف هذه الـمُؤلَّفات إلى ثلاثة أنواع:

النوع الأول ينطلق من التاريخ وعِلْم الاجتماع، ثمَّ يستشهد بالنصوص الشرعية، مثل: “سلسلة مشكلات الحضارة” لمالك بن نبي، الذي اعتمد قانوناً حضارياً هو حصيلة تفاعل الإنسان والوقت والتراب، وعَدَّ ذلك التفاعل أشبه بقوانين ناظمة، وثابتة، ومُطَّرِدة، لا تتبدَّل، ولا تتغيَّر. وكتاب “روح الحضارة الإسلامية” لمحمد عمارة الذي ركَّز على سُنَّة التدرُّج في بناء الأُمَّة والحضارة دون بقية السُّنَن. وبحث “سُنَن الله في الحضارات” لعصام البشير، الذي اعتنى ببيان أهمية السُّنَن، وتوضيح خصائصها، واستنتاج أهمِّ القِيَم التي تنبثق منها. وبحث “السُّنَن الإلهية في بناء الحضارات في ‏القرآن الكريم” لرشيد حسين الذي ركَّز على ذكر خصائص السُّنَن، وإبراز دور الفكرة ودور الإنسان في تحقيق الحضارة. ورسالة “مُقوِّمات الحضارة وعوامل أفولها من منظور القرآن الكريم” لعمّار توفيق التي عَدَّت قضية مراعاة السُّنَن من ضوابط الأمان في استمرار الحضارة وديمومتها.

ومن الـمُلاحَظ على هذه الدراسات أنَّها انطلقت من قضية بناء الحضارة، ومعظمها امتاز بالوعي حيال المشكلات الواقعية والتحدِّيات الداخلية والخارجية، وأنَّها ارتبطت بالمرجعية القرآنية، واشتركت بالمنهج التحليلي الفكري في استنباط السُّنَن، وتباينت في طرحها للقوانين الحضارية، مثل: سُنَن التغيير، والتداول الحضاري، والتدرُّج، والتدافع، والبناء.

النوع الثاني ينطلق من استنطاق آيات القرآن الكريم: مثل: كتاب “سُنَن الله في المجتمع من خلال القرآن الكريم” لمحمد الصادق عرجون الذي عرض لاكتشاف السُّنَن التي تحكم المجتمع البشري وتطوُّراته الفكرية والاجتماعية، واهتمَّ بسُنَّة التدافع والجهاد. وكتاب “السُّنَن التاريخية في القرآن الكريم” لمحمد باقر الصدر، الذي استنطق القرآن الكريم على نحوٍ موضوعي توحيدي، ثمَّ وصل إلى السُّنَن التاريخية الاجتماعية، وحدَّد سماتها، واقترح بعد ذلك نظرية قرآنية في تحليل عناصر المجتمع. وكتاب “السُّنَن الإلهية في الأُمم والجماعات في الشريعة الإسلامية” لعبد الكريم زيدان الذي توصَّل إلى استنباط سُنَن عديدة، بعضها يتعلَّق ببناء الأُمم. و” تفسير المراغي”، الذي اهتمَّ بتقصّي القضية عن طريق تفسير سور الكتاب الكريم وآياته.

والـمُلاحَظ أنَّ هذه الـمُؤلَّفات اعتمدت المنهج الاستقرائي والتحليل التاريخي والاجتماعي في الوصول إلى السُّنَن وتحديد خصائصها.

ومن الرسائل الجامعية التي تندرج ضمن هذه المجموعة: رسالة “سُنَن الله في الأُمم: دراسة موضوعية” لحسن بن صالح الحميد، التي أَوْلت قضية بناء الأُمم اهتماماً كبيراً، وسعت للإحاطة بالقضية من خلال عرض خصائص السُّنَن ومجالاتها وآثارها، وانتهت إلى مُقترَح “فِقْه الخروج من الأزمة”. ورسالة “سُنَّة الله في إحياء الأُمم واضمحلالها” لنداء زقزوق، التي عرضت سُنَن بناء الأُمم تحت مُسمّى ثوابت الإحياء والقوانين الحضارية. ورسالة “سُنَن الله في إحياء الأُمم في ضوء الكتاب والسُّنَّة” لحسين شرفة.

ويجمع بين هذه الرسائل المنهجُ الاستقرائي في تقصّي السُّنَن من آيات القرآن الحكيم، وعرضُ بعض السُّنَن وخصائصها، والاهتمامُ بالجانب التطبيقي في بناء الأُمَّة الإسلامية. غير أنَّها تختلف في السُّنَن التي توصَّلت إليها.

 النوع الثالث ينطلق من استنطاق السيرة، مثل كتاب “سُنَن العمران البشري في السيرة النبوية” لعزيز البطيوي، الذي اعتمد فيه السيرة النبوية أساساً لاستنباط الرؤية السُّنَنية.

خ. مُؤلَّفات اعتنت بتحليل التاريخ للوصول إلى المستقبل:

من الأمثلة على ذلك كتاب “مشارف القرن الخامس عشر الهجري: دراسة للسُّنَن الإلهية” لإبراهيم الوزيري، وكتاب “هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس” لماجد عرسان الكيلاني، ومُؤلَّفات عماد الدين خليل، مثل: كتاب “مدخل إلى الحضارة الإسلامية، في التأصيل الإسلامي للتاريخ”، و”تفسير الظلال” الذي اهتمَّ بقضية سُنَّة الوراثة من بَدْء تاريخ البشرية.

وقد امتازت هذه الدراسات بقراءة التاريخ وَفق منهجية علمية؛ ما مكَّنها من استشراف قوانين صناعة الأُمَّة والحضارة مستقبلاً.

د. مُؤلَّفات اهتمَّت بالمقارنة بين الدراسات التي تناولت القضية:

ركَّزت بعض هذه الـمُؤلَّفات على المقارنة بين التفاسير، مثل: رسالة “السُّنَن الإلهية وتفسير القرآن الكريم في العصر الحديث” لعمر حيدوسي، في حين اهتمَّت مُؤلَّفات أُخرى بالمقارنة بين الدراسات التي اختصَّت بهذه القضية، مثل: ما ورد في أجزاء من دراسة “سُنَن القرآن في قيام الحضارات وسقوطها” لمحمد هيشور، ودراسة “سُنَن العمران البشري في السيرة النبوية” لعزيز البطيوي، وهما الدراستان اللتان سبق ذكرهما في مجال التأصيل للقضية نفسها.

ثالثاً: نقد بحوث قضية السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات

إنَّ نقد جميع الـمُؤلَّفات التي تناولت هذه القضية في الفكر الإنساني والإسلامي يحتاج إلى دراسة تفصيلية لكلٍّ منها، وهذا رُبَّما يتطلَّب مشروعاً علمياً يُنفِّذه فريق بحثي، ولكنْ في هذا المقام يمكن إجراءُ نقد شمولي لها وَفق معايير: المجال، والمصدرية، والتأثير في الواقع.

  1. 1. نقد عام لبحوث القضية في الفكر الغربي

يُلاحَظ أنَّ الدراسات التي تناولت مسألة بناء الأُمم في الفكر الإنساني عامةً والفكر الغربي بوجه خاص (الدراسات منذ عصر ما قبل السقراطي حتى العصر الحديث) قد اتَّسمت بما يأتي:

أ. البحث في قوانين بناء الأُمم عن طريق تأمُّل الكون، والنفس البشرية، والتاريخ.

ب. التأثُّر بالواقع، وبما يُهيمِن عليه. ففي مرحلة الفكر الفلسفي زمن سقراط وما قبله وما بعده، كان التركيز مُنصَبّاً على القِيَم؛ نظراً إلى تدنّي القِيَم وقتئذٍ. وفي مرحلة العقد الاجتماعي التي ظهرت بعد زمن الحروب والمنازعات، كان الاهتمام مُقتصِراً على ضبط المجتمعات. ثمَّ جاءت مرحلة بناء الأُمَّة التي كانت نتاج التفكُّك والتمزُّق إبّان الحرب العالمية الثانية.

ت. الاعتماد على الاجتهادات البشرية في معالجة بعض مشكلات الواقع.

ث. تمثُّل النتائج في التوصُّل إلى نظرية معرفية حاولت معالجة الواقع في مختلف المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية.

  1. 2. نقد عام لبحوث القضية في التراث الإسلامي

تعدَّدت صور أدبيات التراث الإسلامي الـمُتعلِّقة بالسُّنَن الإلهية في بناء الأُمم؛ فمنها ما حاول اكتشاف السُّنَن وخصائصها في النص الشرعي على شكل إشارات وردت في كتب التفسير وشروح الحديث والتزكية، ومنها ما اعتنى باستخلاص المسائل التربوية عن طريق الاهتمام بالفِقْه السُّنَني ضمن كتب التزكية، ومنها ما اهتمَّ بالدراسات التاريخية في عرض أحوال الأُمم، سواء بالسرد التاريخي، أو بمحاولة التحليل والتقعيد. وقد جاء ذلك في مُؤلَّفات مستقلة، صُنِّفت جميعها ضمن ما يُسمّى تأسيس الوعي النظري للقضية. ويضاف إلى ذلك صورة أُخرى أسَّست منهج التفكير لعِلْم السُّنَن الاجتماعية، ومثَّلتها “مُقدِّمة ابن خلدون”.

وفي معرض البحث عن مدى حضور الفِقْه السُّنَني على أرض الواقع، تبيَّن أنَّ ذلك قد ظهر في مجالين اثنين، هما: مجال التزكية كما في مُؤلَّفات الغزالي، ومجال العمران الاجتماعي كما في “مُقدِّمة ابن خلدون”.

  1. 3. نقد عام لبحوث القضية في الفكر الإسلامي الحديث

يُمكِن إجمال المجالات التي تناولتها الدراسات الحديثة في قضية بناء الأُمم والحضارات عامةً في ما يأتي: استنباط السُّنَن وخصائصها من النص، وقراءة التاريخ، ومحاولة تحويل قضية السُّنَن الاجتماعية إلى علم، ومحاولة الوصول إلى قوانين تصنع المستقبل. أمّا المصدرية في تلك الدراسات فهي النص الإلهي أوَّلاً، ثمَّ علم الاجتماع، وعلم التاريخ. وأمّا تأثير تلك الدراسات في الواقع فمحدود؛ نظراً إلى عدم تكامل تلك الدراسات، وعدم توصُّلها إلى نظرية سُنَنية تستوعب الواقع، فضلاً عن الواقع الذي يمارس سياسة الفصل بين البحث العلمي والتطبيق.

أهمُّ الفوائد التي قدَّمتها الـمُؤلَّفات بخصوص القضية:

أ. تكوين وعي نظري حيال القضية، وزرع فكرة “التغيير” في عقلية الـمُسلِم تجاه السُّنَن الاجتماعية.

ب. وجود دراسات مستقلة تختصُّ بقضية السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات وخصائصها.

ت. المقاربة بين هذه القضية والعلوم الإنسانية (الاجتماعية، والنفسية، والتاريخية) إلى حَدٍّ ما.

أبرز الثغرات التي اشتملت عليها تلك الـمُؤلَّفات:

أ. التكرار في الطرح؛ إذ إنّ معظم الجهود صبّت في مجال اكتشاف السُّنَن وبيان خصائصها، وإنْ لم يتمَّ التوافق عليها بين البحوث.

ب. ضعف الربط بين السُّنَن، والمقاصد القرآنية، والقِيَم العُليا للقرآن الكريم.

ت. اقتصار تطبيق الدراسات التاريخية على التاريخ الإسلامي فقط، وعدم التعمُّق في تطبيق القضية -موضوع البحث- على الإنسانية.

ث. قَصْر النظر -غالباً – على الفهم الشرعي، دون التكامل مع العلوم الإنسانية الـمُتنوِّعة.

ج. عدم التوصُّل إلى نظرية سُنَنية قِيَمية مُتكامِلة تُشكِّل مرجعية للفكر الإسلامي، وتُمكِّن من البناء التطبيقي عليها.

خاتمة

تفاعل الفكر الإنساني مع قضية بناء الأُمم والحضارات، واجتهد في اكتشاف السُّنَن التي تُؤثِّر فيها، دون التصريح بمصطلح “السُّنَن الإلهية”، وذلك منذ القرن السادس قبل الميلاد، في عصر ما قبل سقراط. ثمَّ تطوَّر الفكر الإنساني في تناول هذه القضية، رابطاً بينها وبين القِيَم أحياناً، ومُرتكِزاً على قانون السببية أحياناً أُخرى، كما هو حال الفلاسفة القدماء: سقراط، وأفلاطون، وأرسطو. ثمَّ توقَّف عن الخوض فيها في عصور الانحطاط الغربي، لينطلق من نظريات مُستجَدَّة في العصر الحديث، مثل: نظرية العقد الاجتماعي، ومصطلح “رؤية العالَم”، ونظرية بناء الأُمَّة.

والثابت أنَّ الفكر الإسلامي في مطلع العصور الإسلامية امتاز بفهم القضية وتطبيقها على أرض الواقع. أمّا التدوين فقد بدأ بتناول القضية منذ القرن الثالث الهجري، في صورة إشارات في الـمُؤلَّفات الـمُتنوِّعة، وتُعَدُّ تلك الإشارات بمنـزلة التأسيس للوعي النظري في القضية. ثمَّ تطوَّرت الدراسات في التراث ضمن كتب التفسير وشروح الحديث، وضمن كتب التاريخ والتربية والفِقْه، حتى نضجت في القرن التاسع الهجري مع ظهور “مُقدِّمة ابن خلدون” التي تُعَدُّ بمنـزلة الـمُؤسِّس للمنهج الفكري لعِلْم السُّنَن الاجتماعية الـمُنطلِقة من الوحي.

وفي ظِلِّ التحدِّيات الكبرى والمآزق الحضارية التي أخذت تُهيمِن على الأُمَّة الإسلامية، اهتمَّ الفكر الإسلامي الحديث بتناول القضية على نحوٍ مُتخصِّص؛ إذ ظهرت الـمُؤلَّفات والرسائل الجامعية التي تفرَّدت للقضية، بَدْءاً بدراسات دعت إلى تحويل قضية السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم إلى عِلْم، وهي دراسات وجدت تجاوباً من الـمُفكِّرين، ثمَّ تتابع التأليف؛ فظهرت مُؤلَّفات سعت لبناء عقلية الإنسان الـمُسلِم تجاه القضية، إلى جانب دراسات حاولت التأصيل العلمي لها، ودراسات أُخر ركَّزت على استنباط سُنَن البناء الحضاري عن طريق النص الشرعي، والتحليل التاريخي، فضلاً عن وجود دراسات اهتمَّت بالمقارنة بين الجهود المبذولة في التفاسير قديماً وحديثاً.

وفي الختام؛ فإنَّ ما بُذِل حيال البحث في قضية السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات، إنَّما يُمثِّل جهوداً أحاطت فقط بمجالات محدودة في هذا الجانب، وما يزال المجال متاحاً لمزيد من البحث اللازم في الموضوع المطروح.

وفي ما يأتي أهمُّ التوصيات الـمُتعلِّقة بهذه الدراسة:

– إجراء دراسة نقدية لبحوث السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم ضمن مشروع بحثي.

– تأصيل عِلْم السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات ضمن مشروع بحثي.

– إدراج العِلْم ضمن مساقات تخصُّصية معرفية، وضمن مناهج أكاديمية.

– السعي لإجراء تكامل بين عِلْم السُّنَن والعلوم الإنسانية المساعدة، مثل: عِلْم الاجتماع، وعِلْم النفس، والتاريخ، والاقتصاد، والسياسة.

– إجراء دراسات تاريخية تطبيقية، تراعي الربط بين السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات وتاريخ مختلف الأُمم، بوصف ذلك سُنَناً جاريةً على الناس جميعاً.

– الاستشراف المستقبلي لبناء الأُمَّة الإسلامية وَفقاً لدراسة السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات.

 – وضع نظرية إسلامية سُنَنية، تُمثِّل مرجعاً معرفياً للدراسات، وتكون قابلة للتطبيق على أرض الواقع.

المراجع:

أفلاطون (1994). الجمهورية، المدينة الفاضلة، ترجمة: شوقي داود تمراز، بيروت: الأهلية للنشر والتوزيع.

إقبال، محمد (2011). تجديد الفكر الديني في الإسلام، ترجمة: محمد يوسف عدس، بيروت: دار الكتاب اللبناني.

برغوث، الطيب (2004). “الفعّالية الحضارية والثقافة السُّنَنية”، سلسلة آفاق في الوعي السُّنَني (5)، الجزائر: دار قرطبة.

البشير، عصام (2004). “سُنَن الله في الحضارات”، مجلَّة الوعي الإسلامي، عدد 451.

البطيوي، عزيز (2018). سُنَن العمران البشري في السيرة النبوية، عمّان: المعهد العالمي للفكر الإسلامي.

بليط، عائشة (2019). “مقارنة بين كتاب الجمهورية وكتاب القوانين لأفلاطون“، صحيفة العمق المغربي، مقال إلكتروني، تاريخ الزيارة: 15/3/2020م.

بوخلخال، عبد الوهاب (2012). قراءة في فكر مالك بن نبي، قطر: إدارة البحوث والدراسات الإسلامية.

ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم (1984). “رسالة في لفظ السُّنَّة في القرآن الكريم“، ضمن: جامع الرسائل، تحقيق: محمد رشاد سالم، ط2، جدة: دار المدني.

ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم (2001). جامع الرسائل، تحقيق: محمد رشاد سالم، الرياض: دار العطا.

الجابري، علي حسن (2006). العرب والمنطق الفلسفي للتاريخ، طرابلس: منشورات اللجنة الشعبية العامة.

ابن الجوزي، أبو الفرج (1995). المنتظم في تاريخ الملوك والأُمم، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، ومصطفى عبد القادر عطا، ط2، بيروت: دار الكتب العلمية.

حاطوم، نور الدين (1982). تاريخ العصر الوسيط في أوروبا، دمشق-بيروت: دار الفكر.

حسنة، عمر عبيد (2020). “تكامل الحضارات بين الإشكاليات والإمكانيات“، إسلام ويب، مقال إلكتروني، تاريخ الزيارة: 25/3/2020م بتصرُّف.

حنفي، عبد المنعم (2000). المعجم الشامل لمصطلحات الفلسفة، القاهرة: مكتبة مدبولي.

حيدوسي، عمر (2012). السُّنَن الإلهية وتفسير القرآن الكريم في العصر الحديث، (أطروحة دكتوراه في جامعة الحاج لخضر، باتنة، الجزائر).

ابن خلدون، عبد الرحمن (2004). مُقدِّمة ابن خلدون، تحقيق: عبد الله الدرويش، دمشق: دار العرب.

خليفة، فريال (2013). “الحرية عند فلاسفة العقد الاجتماعي”، مجلَّة كلية التربية، جامعة عين شمس، مج19، عدد2.

خليل، عماد الدين (2001). “التاريخ الإسلامي وفلسفته“، حلقة في برنامج “الشريعة والحياة”، قناة الجزيرة الفضائية 2/9/2001م، تاريخ الزيارة: 19/3/2020م.

خليل، عماد الدين (2020). مدخل إلى الحضارة الإسلامية، بيروت: الدار العربية للعلوم (ناشرون).

الخويلدي، زهير (2017). “حكمة الحَدِّ الأوسط في نظرية أرسطو“، شبكة النبأ المعلوماتية، مقال إلكتروني، تاريخ الزيارة: 25/3/2020م.

داوود، سامي (2006). “الآخر، الأُمَّة، الأقليات“، موقع معابر، على الرابط:

http://www.maaber.org/issue_february06/perenial_ethics1.htm

الدراجي، محمد (2017). “السُّنَن الكونية في تفسير ابن باديس“، موقع عبد الحميد بن باديس الإلكتروني، 16/7/2017م، تاريخ الزيارة: 20/3/2020م.

ديورانت، ويليام جيمس (2016). “فلسفة سقراط“، موقع ساقية الإلكتروني على الرابط:

https://saqya.com/%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9-%D8%B3%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7/

رضا، محمد رشيد (1990). تفسير المنار، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب.

زيدان، عبد الكريم (2002). السُّنَن الإلهية في الأفراد والمجتمعات، ط3، بيروت: مؤسسة الرسالة.

السبكي، تاج الدين (1986). معيد النعم ومبيد النقم، بيروت: مؤسسة الكتب الثقافية.

سرار، حسن ناصر (2006). “السُّنَن الإلهية في ظلال القرآن: دراسة وتحليل”، مجلَّة الدراسات الاجتماعية، عدد 21.

السرجاني، راغب (2014). “العماد الأصفهاني الوزير الأديب“، مقالات قصة الإسلام، 9/11/2014م، موقع قصة الإسلام الإلكتروني، تاريخ الزيارة: 2/4/2020م.

سعيد، جودت (1990). اقرأ وربك الأكرم، الجزائر: المطبعة العربية.

سعيد، جودت (1993). حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم، صنعاء: دار الفكر المعاصر.

الشاطبي، أبو إسحق (2006). الموافقات في أصول الشريعة، تحقيق: عبد الله دراز، القاهرة: دار الحديث.

الشعراوي، محمد متولي (1997). خواطري حول القرآن الكريم (تفسير الشعراوي)، القاهرة: مطابع أخبار اليوم.

الصدر محمد باقر (2011). السُّنَن التاريخية في القرآن، ترتيب: محمد جعفر شمس الدين، بيروت: دار إحياء التراث العربي.

الصدر، محمد باقر (1981). المدرسة القرآنية، ط2، لبنان: دار التعارف.

الطبري، محمد بن جرير (1992). تفسير الطبري، بيروت: دار الكتب العلمية.

الطرطوشي، أبو بكر (1994). سراج الملوك، تحقيق: محمد فتحي أبو بكر، القاهرة: الدار المصرية اللبنانية.

عارف، نصر محمد (2000). “مفهوم النظام المعرفي والمفاهيم الـمُتعلِّقة به“، ضمن: نحو نظام معرفي إسلامي، تحرير: فتحي حسن ملكاوي، الأردن: المعهد العالمي للفكر الإسلامي.

عاشور، مجدي (2013). السُّنَن الإلهية في الأُمم والأفراد في القرآن الكريم: أصول وضوابط، القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر.

عبد المجيد، حنان محمد (2011). التغيُّر الاجتماعي في الفكر الإسلامي الحديث: دراسة تحليلية نقدية، فرجينيا: المعهد العالمي للفكر الإسلامي.

عبده، محمد (1998). الإسلام دين العلم والمدنية، القاهرة: الهيئة المصرية للكتاب.

عثمان، عبد طاهر محمد (2017). “مقارنة آراء توماس هوبز، جون لوك، جان جاك، لنظرية العقد الاجتماعي ومدى إمكانية تطبيقها للواقع الصومالي“، مركز الأمل للدراسات السياسية والاستراتيجية، مقال إلكتروني، تاريخ الزيارة: 19/12/2017م.

عرجون، محمد الصادق (1404ﻫ). “سُنَن الله في المجتمع من خلال القرآن“، موقع الباحث العلمي الإلكتروني، قاعدة بيانات علوم القرآن، جدة.

العضراوي، عبد الرحمن (2008). “النسق التأويلي والمقاصدي في نظرية الاستنطاق القرآني“، من أعمال ندوة: مناهج الاستمداد من الوحي، الرابطة المحمدية، دار أبي رقراق للطباعة والنشر.

عمارة، محمد (1991). معالم المنهج الإسلامي، القاهرة: دار الشروق.

عمارة، محمد (2009). مقال في السُّنَن الإلهية الكونية والاجتماعية، القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة.

عمارة، محمد (2013). روح الحضارة الإسلامية، القاهرة: دار النيل للطباعة والنشر.

الغزالي، أبو حامد (2020). إحياء علوم الدين، بيروت: دار الكتب العلمية.

الغزالي، محمد (2014). كيف نتعامل مع القرآن؟، ط14، القاهرة: دار نهضة مصر للنشر.

الفراهي، عبد الحميد (2002). مفردات القرآن، بيروت: دار الغرب الإسلامي.

القرطبي، أبو عبد الله (1985). الجامع لأحكام القرآن، بيروت: دار إحياء التراث.

ابن قيِّم الجوزية، محمد بن أبي بكر (1978). شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، بيروت: دار المعرفة.

كنعان، أحمد محمد (1991). أزمتنا الحضارية في ضوء سُنَّة الله في الخَلْق، قطر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

كهوس، رشيد (2009). “القواعد الكلية في السُّنَن الإلهية”، مجلَّة المنار الجديد، القاهرة، عدد 45.

الكيلاني، ماجد عرسان (2002). هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس، ط3، دبي: دار القلم للنشر والتوزيع.

مجوري، التهامي (2017). مالك بن نبي مُؤسِّس المدرسة السُّنَنية –1، بوّابة الشروق الإلكترونية، 22/10/2017م، تاريخ الزيارة: 20/3/2020م.

محيي الدين، حازم زكريا (2007). مفهوم السُّنَن الإلهية في الفكر الإسلامي: السيِّد رشيد رضا نموذجاً، دمشق: دار النوادر.

المراغي، أحمد مصطفى (1946). تفسير المراغي، القاهرة: شركة مصطفى البابي الحلبي وأولاده.

المسعودي، أبو الحسن بن علي (2005). مروج الذهب ومعادن الجوهر، تحقيق: كمال حسن مرعي، بيروت: المكتبة العصرية.

مسكويه، أحمد (2008). تجارب الأُمم وتعاقب الهمم، بيروت: دار الكتب العلمية.

مقلد، شعبان (2017). “السُّنَن الإلهية عند الـمُفسِّرين بين الماضي والحاضر“، ضمن مؤتمر: قراءة التراث العربي والإسلامي بين الماضي والحاضر، الإسماعيلية: مركز تحقيق المخطوطات وجامعة قناة السويس– كلية الآداب والعلوم الإنسانية.

ملكاوي، فتحي حسن (2012). فِقْه الانتماء إلى المجتمع والأُمَّة، هرندن: المعهد العالمي للفكر الإسلامي.

مهورباشة، عبد الحليم (2017). علم الاجتماع في العالَم العربي، عمّان: المعهد العالمي للفكر الإسلامي.

موسوعة ستانفورد للفلسفة (2019)، “أرسطو”. ترجمة: علي الحارس، مجلة حكمة، رابط المجلة:

https://hekmah.org

موسوعة ستانفورد للفلسفة (2019)، “فلاسفة ما قبل سقراط”. ترجمة: مشرف بك أشرف، مجلة حكمة، رابط المجلة:

https://hekmah.org

ميلر، فريد (2017). “نظرية أرسطو السياسية”، ترجمة: لينا الخصيف، محمد الرشودي، مجلة الحكمة، موسوعة ستانفورد للفلسفة، رابط المجلة:

https://hekmah.org

هيشور، محمد (1997). سُنَن القرآن في قيام الحضارات وسقوطها، المنصورة: دار الوفاء.

الوزير، إبراهيم بن علي (1989). على مشارف القرن الخامس عشر الهجري: دراسة للسُّنَن الإلهية، ط4، القاهرة: دار الشروق.

:References

ʿAbd al-Majīd, Ḥ. (2011). Al-Taghayyur al-Ijtimāʿī fī al-Fikr al-Islāmī al-Ḥadīth: Dirāsah Taḥlīliyyah Naqdiyyah. Virginia: Al-Maʿhad al-ʿᾹlamī li al-Fikr al-Islāmī.

ʿAbduh, M. (1998). Al-Islām Dīn al-ʿIlm wa al-Madaniyyah. Cairo: Al-Hay’ah al-Miṣriyyah li al-Kitāb.

ʿArjūn, M. (1404 AH/1984 CE). Sunan Allāh fī al-Mujtamaʿ min Khilāl al-Qur’ān. Mawqiʿ al-Bāḥith al-ʿIlmī. Qā‘idat Bayānāt ʿUlūm al-Qur’ān.

ʿᾹrif, N. (2000). Mafhūm al-Niẓām al-Maʿrifī wa al-Mafāhīm al-Mutaʿalliqah bih. In F. Malkāwī (Ed.), Naḥwa Niẓām Maʿrifī Islāmī. Jordan: Al-Maʿhad al-ʿᾹlamī li al-Fikr al-Islāmī.

ʿᾹshūr, M. (2013). Al-Sunan al-Ilāhiyyah fī al-Umam wa al-Afrād fī al-Qur’ān al-Karīm: Uṣūl wa Ḍawābiṭ. Cairo: Dār al-Salām li al-Ṭibāʿah wa al-Nashr.

Aflāṭūn (1994). Al-Jumhūriyyah. Al-Madīnah al-Fādilah (Sh. Tirmāz, Translation). Beirut: Al-Ahliyyah li al-Nashr wa al-Tawziʿ.

Al-ʿAḍrāwī, ʿA. (2008). Al-Nasaq al-Ta’wīlī wa al-Maqāṣidī fī Naẓariyyat al-Istinṭāq al-Qur’ānī. Minhāj al-Istimdād min al-Waḥī. Al-Rābiṭah al-Muḥammadiyyah: Dār Abī Raqrāq li al-Ṭibāʿah wa al-Nashr.

Al-Bashīr, ʿI. (2004). Sunan Allāh fī al-Ḥaḍārāt. Majallat al-Waʿy al-Islāmī, 451.

Al-Bṭīwī, ʿA. (2018). Sunan al-ʿUmrān al-Basharī fī al-Sīrah al-Nabawiyyah. Amman: Al-Maʿhad al-ʿᾹlamī li al-Fikr al-Islāmī.

Al-Darrājī, M. (2017, July 16). Al-Sunan Al-Kawniyyah fī Tafsīr Ibn Badīs. Mawqiʿ ʿAbd al-Ḥamīd.

Al-Farāhī, ʿA. (2002). Mufradāt al-Qur’ān, Beirut: Dār al-Gharb al-Islāmī.

Al-Ghazālī, M. (2014). Kayfa Nataʿāmal maʿ al-Qur’ān? (14th ed.). Cairo: Dār Nahḍat Miṣr li al-Nashr.

Al-Ghazālī, A. (2020). Iḥyā’ ʿUlūm al-Dīn. Beirut: Dār al-Kutub al-ʿIlmiyyah.

ʿImārah, M. (1991). Maʿālim al-Manhaj al-Islāmī. Cairo: Dār al-Shurūq.

ʿImārah, M. (2009). Maqāl fī al-Sunan al-Ilāhiyyah al-Kawniyyah wa al-Ijtimāʿiyyah. Cairo: Dār al-Salām li al-Ṭibāʿah wa al-Nashr wa al-Tawzīʿ wa al-Tarjamah.

ʿImārah, M. (2013). Rūḥ al-Ḥaḍārah al-Islāmiyyah. Cairo: Dār al-Nīl li al-Ṭibāʿah wa al-Nashr.

Al-Jābirī, ʿA. (2006). Al-ʿArab wa al-Manṭiq al-Falsafī li al-Tārīkh. Tripoli: Manshūrāt al-Lajnah al-Shaʿbiyyah al-ʿᾹmmah.

Al-Khuwaylidī, Z. (2017). Ḥikmat al-Ḥadd al-Awsaṭ fī Naẓariyat Arisṭū. Shabakat al-Naba’ al-Maʿlūmātiyyah.

Al-Kīlānī, M. (2002). Hākathā Ẓahar Jīl Ṣalāḥ al-Dīn wa Hākathā ʿᾹdat al-Quds (3rd ed.). Dubai: Dār al-Qalam li al-Nashr wa al-Tawzīʿ.

Al-Marāghī, A. (1946). Tafsīr al-Marāghī, Cairo: Sharikat Muṣtafā al-Bābī al-Ḥalabī wa Awlāduh.

Al-Masʿūdī, A. (2005). Murūj al-Thahab wa Maʿādin al-Jawhar (K. Marʿī, Ed.). Beirut: Al-Maktabah al-ʿAṣriyyah.

Al-Quṭubī, A. (1985). Al-Jāmiʿ li Aḥkām al-Qur’ān. Beirut: Dār Iḥyā’ al-Turāth al-ʿArabī.

Al-Ṣadr, M. (1981). Al-Madrasah al-Qur’āniyyah (2nd ed.). Lebanon: Dār al-Taʿāruf.

Al-Ṣadr, M. (2011). Al-Sunan al-Tārīkhiyyah fī al-Qur’ān (M. Shams al-Dīn, Ed.). Beirut: Dār Iḥyā’ al-Turāth al-ʿArabī.

Al-Sarjānī, R. (2014, November 9). Al-ʿImād al-Aṣfahānī al-Wazīr al-Adīb: Maqālāt Qiṣṣat al-Islām. Mawqiʿ Qiṣṣat al-Islām.

Al-Shaʿrāwī, M. (1997). Khawāṭirī ḥawl al-Qur’ān al-Karīm: Tafsīr al-Shaʿrāwī. Cairo: Maṭābiʿ Akhbār al-Yawm.

Al-Shāṭibī, A. (2006). Al-Muwāfaqāt fī Uṣūl al-Sharīʿah (ʿA. Darrāz, Ed.). Cairo: Dār al-Ḥadīth.

Al-Subkī, T. (1986). Muʿīd al-Niʿam wa Mubīd al-Niqam. Beirut: Mu’assasat al-Kutub al-Thaqāfiyyah.

Al-Ṭabarī, M. (1992). Tafsīr al-Ṭabarī. Beirut: Dār al-Kutub al-ʿIlmiyyah.

Al-Ṭarṭūshī, A. (1994). Sirāj al-Mulūk (M. Abū Bakr, Ed.). Cairo: Al-Dār al-Miṣriyyah al-Lubnāniyya.

Al-Wazīr, I. (1989). ʿAlā Mashārif al-Qarn al-Khāmis ʿAshar al-Hijrī: Dirāsah li al-Sunan al-Ilāhiyyah (4th ed.). Cairo: Dār al-Shurūq.

Barghūth, A. (2004). Al-Faʿāliyyah al-Ḥaḍāriyyah wa al-Thaqāfah al-Sunaniyyah. Silsilat Ᾱfāq fī al-Waʿy al-Sunanī, 5. Algeria: Dār Qurṭuba.

Blīṭ, ʿA. (2019). Muqāranah bayn Kitāb al-Jumhūriyyah wa Kitāb al-Qawānīn li Aflāṭūn. Ṣaḥīfat al-ʿUmq al-Maghribī.

Breede, C. (2009). The Challenge of Nation-Building: Insights from Aristotle. Journal of Conflict Studies. The Royal Military College of Canada.

Bu Khilkhāl, ʿA. (2012). Qirā’ah fī Fikr Mālik bin Nabī. Qatar: Idārat al-Buḥūth wa al-Dirāsāt al-Islāmiyyah.

Dāwūd, S. (2006). Al-Ᾱkhar, Al-Ummah, Al-Aqalliyyāt. Mawqiʿ Maʿābir. http://www.maaber.org/issue_february06/perenial_ethics1.htm

Durant, W. (2016). Falsafat Suqrāṭ. Mawqiʿ Sāqiyah.

     https://saqya.com/%d9%81%d9%84%d8%b3%d9%81%d8%a9-%d8%b3%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%b7/

Ḥanafī, ʿA. (2000). Al-Muʿjam al-Shāmil li Muṣṭalaḥāt al-Falsafah. Cairo: Maktabat Madbūlī.

Ḥasnah, ʿU. (2020). Takāmul al-Ḥaḍārāt bayn al-Ishkāliyyāt wa al-Imkāniyyāt. Islām Web.

Ḥāṭūm, N. (1982). Tārīkh al-ʿAṣr al-Wasīṭ fī Urūbā. Damascus-Beirut: Dār al-Fikr.

Ḥaydūsī, ʿU. (2012). Al-Sunan al-Ilāhiyyah wa Tafsīr al-Qur’ān al-Karīm fī al-ʿAṣr al-Ḥadīth [Doctoral dissertation, University of Batna – Hadj Lakhdar, Algeria].

Hayshūr, M. (1997). Sunan al-Qur’ān fī Qiyām al-Ḥaḍārāt wa Suqūṭihā. Al-Mansoura: Dār al-Wafā’.

Ibn al-Jawzī, A. (1995). Al-Muntaẓim fī Tārīkh al-Mulūk wa al-Umam (2nd ed.) (M. ʿAā & Mu. ʿAṭā, Ed.). Beirut: Dār al-Kutub al-ʿIlmiyyah.

Ibn Khaldūn, ʿA. (2004). Muqaddimat Ibn Khaldūn (ʿA. Al-Darwīsh, Ed.), Damascus: Dār al-ʿArab.

Ibn Qayyim al-Jawziyyah, M. (1978). Shifā’ al-ʿAlīl fī Masā’il al-Qaḍā’ wa al-Qadar wa al-Ḥikmah wa al-Taʿlīl. Beirut: Dār al-Maʿrifah.

Ibn Qayyim al-Jawziyyah, M. (1998). Shifā’ al-ʿAlīl fī Masā’il al-Qaḍā’ wa al-Qadar wa al-Ḥikmah wa al-Taʿlīl. Beirut: Dār al-Maʿrifah.

Ibn Taymiyyah, A. (1984). Risālah fī Lafẓ al-Sunnah fī al-Qur’ān al-Karīm. Jāmiʿ al-Rasā’il (2nd ed.) (M. Sālim, Ed.). Jeddah: Dār al-Madanī.

Ibn Taymiyyah, A. (2001). Jāmiʿ al-Rasā’il (M. Sālim, Ed.). Riyadh: Dār al-ʿAṭā.

Iqbāl, M. (2011). Tajdīd al-Fikr al-Dīnī fī al-Islām (M. ʿAdas, Translator). Beirut: Dār al-Kitāb al-Lubnānī.

Kohooss, R. (2009). Al-Qawā‘id al-Kulliyyah fī al-Sunan al-Ilāhiyyah.  Majallat al-Manār al-Jadīd, 45.

Kanʿān, A. (1991). Azmatunā al-Ḥaḍāriyyah fī Ḍaw’ Sunnat Allāh fī al-Khalq. Qatar: Wizārat al-Awqāf wa al-Shu’ūn al-Islāmiyyah.

Khalīfah, F. (2013). Al-Ḥurriyyah ʿind Falāsifat al-ʿAqd al-Ijtimāʿī. Majallat Kulliyyat al-Tarbiyyah, Jāmiʿat ʿAyn Shams, 19(2).

Khalīl, ʿI. (2001). Al-Tārīkh al-Islāmī wa Falsafatuh [TV Program]. Al-Sharīʿah wa al-Ḥayāh, Al-Jazīrah.

Khalīl, ʿI. (2020). Madkhal ilā al-Ḥaḍārah al-Islāmiyyah. Beirut: Al-Dār al-ʿArabiyyah li al-ʿUlūm.

Majūrī, A. (2017). Mālik bin Nabī Mu’assis al-Madrasah al-Sunaniyyah -1. Bawwābat al-Shurūq.

Malkāwī, F. (2012). Fiqh al-Intimā’ ilā al-Mujtamaʿ wa al-Ummah. Herndon: Al-Maʿhad al-ʿᾹlamī li al-Fikr al-Islāmī.

Mawsūʿat Stanford li al-Falsafah. (2019). Arisṭū(ʿA. Al-Ḥāris, Translator), Majallat Ḥikmah. https://hekmah.org

Mawsūʿat Stanford li al-Falsafah. (2019). Falāsifat mā qabl Suqrāṭ (M. Ashraf, Translator). Majallat Ḥikmah. https://hekmah.org

Mīlar, F. (2017). Naẓariyyat Arisṭū al-Siyāsiyyah (L. Al-Khaṣīf & M. Al-Rashūdī, Translator). Majallat al-Ḥikmah. Mawsūʿat Stanford li al-Falsafah. https://hekmah.org

Miskawayh, A. (2008). Tajārub al-Umam wa Taʿāqub al-Himam. Beirut: Dār al-Kutub al-ʿIlmiyyah.

Muhūrbāshah, ʿA. (2017). ʿIlm al-Ijtimāʿ fī al-ʿᾹlam al-ʿArabī. Amman: Al-Maʿhad al-ʿᾹlamī li al-Fikr al-Islāmī.

Muḥyī al-Dīn, Ḥ. (2007). Mafhūm al-Sunan al-Ilāhiyyah fī al-Fikr al-Islāmī: Al-Sayyid Rashīd Riḍā Namūthajan. Damascus: Dār al-Nawādir.

Muqallid, Sh. (2017). Al-Sunan al-Ilāhiyyah ʿind al-Mufassirīn bayn al-Māḍī wa al-Ḥāḍir. Qirā’at al-Turāth al-ʿArabī wa al-Islāmī bayn al-Māḍī wa al-Ḥāḍir. Ismailia: Markiz Taḥqīq al-Makhṭūṭāt wa Jāmiʿat Qanāt al-Suways-Kulliyyat al-Ᾱdāb wa al-ʿUlūm al-Insāniyyah.

Riḍā, M. (1990). Tafsīr al-Manār. Cairo: Al-Hay’ah al-Maṣriyyah al-ʿᾹmmah li al-Kitāb.

Saʿīd, J. (1990). Iqra’ wa Rabbuka al-Akram. Algeria: Al-Maṭbaʿah al-ʿArabiyyah.

Saʿīd, J. (1993). Ḥattá Yughayyirū mā bi Anfusihim. Sanaʿa: Dār al-Fikr al-Muʿāṣir.

Sirār, Ḥ. (2006). Al-Sunan al-Ilāhiyyah fī Ẓilāl al-Qur’ān: Dirāsah wa Taḥlīl. Majallat al-Dirāsāt al-Ijtimāʿiyyah, 21.

Stanford Encyclopedia of Philosophy. (2016). Presocratic Philosophy.

Stephenson, C. (2005). Nation Building. Beyond Intractability.

ʿUthmān, ʿA. (2017). Muqāranat Ᾱrā’ Thomas Hobbes, John Locke, Jān Jāk, li Naẓariyyat al-ʿAqd al-Ijtimāʿī wa Madā Imkāniyyat Taṭbīqihā li al-Wāqiʿ al-Ṣūmālī. Markiz al-Amal li al-Dirāsāt al-Siyāsiyyah wa al-Istrātījiyyah.

Zaydān, ʿA. (2002). Al-Sunan al-Ilāhiyyah fī al-Afrād wa al-Mujtamaʿāt (3rd ed.). Beirut: Mu’assasat al-Risālah.

 

 

Scholarship on the Role of Divine Law (al-Sunan al-Ilāhiyyah) in Nation and Civilization Building: A Historical and Critical Survey

Alia’ al-Azm

:Abstract

This study examines the scholarship conducted on the subject of al-Sunan al-Ilāhiyyah (Divine Law) in the context of nation and civilization building. It traces what thinkers in general have written about the laws that govern the construction of nations. It then uncovers how the subject of Divine Law in nation and civilization building is dealt with in Islamic thought, starting with the classical period and concluding with the situation in modern times. Following an inductive, descriptive, and critical methodology, the study finds that the subject was investigated by thinkers in the sixth century BCE, and that the so-called Renaissance in the Western world witnessed a vibrant intellectual activity that dealt with the same issue, producing terms and theories that impacted real life. On the other hand, the classical Islamic corpus showed no interest in writing about the issue due to its actual implementation in real life; writing about it began in the third century AH through allusions and studies that initiated theoretical awareness. As for modern times, one finds serious work within the scientific research accomplished in this field, which has prompted the endeavour to lay the foundations of a theoretical discipline, a philosophical approach and an operational mode of thought seeking to extricate the nation out of its civilizational crisis.

Keywords: Divine Law (al-Sunan al-Ilāhiyyah), social Sunan, historical Sunan, social laws, historical laws, nation building, civilization building


(*) دكتوراه في التفسير وعلوم القرآن، مفكرة ومحاضرة في العلوم الشرعية، مهندسة ومدربة في مجال هندسة الشخصية، وصناعة إنسان العمران. البريد الإلكتروني: [email protected]

العظم، علياء (2023). حالة البحوث في السُّنَن الإلهية في بناء الأُمم والحضارات، مجلة “الفكر الإسلامي المعاصر”، مجلد 29، العدد 105، 11-53. DOI: 10.35632/citj.v29i105.7719  كافة الحقوق محفوظة للمعهد العالمي للفكر الإسلامي 2023 ©.

[1] تمَّ بيان ذلك في الصفحة الخامسة من هذه الدراسة.

[2] سقراط (باللاتينية: Socrates): فيلسوف وحكيم يوناني (470 -399 ق.م)، وهو أحد مُؤسِّسي الفلسفة الغربية.

[3] موسوعة ستانفورد للفلسفة Stanford Encyclopedia of Philosophy: موسوعة إلكترونية مجّانية تُشرِف عليها جامعة ستانفورد، وتُنشَر فيها مواد خاصة بالفلسفة ومنشورات تختصُّ بمراجعة بحوث فلسفية أصلية.

[4] أُشيع مصطلح ما قبل السقراطي في كتاب هيرمان ديلز “The Fragments of the Pre-Socratics” الصادر عام 1903م، بالرغم من استخدامه قبل ذلك على يد جورج جروتي، وإدوارد زيلر، وغريغوري فلاست، وجوناثان بارنـز، وفريدريك نيتشه، وآخرين. انظر:

– ويكيبيديا. فلسفة ما قبل سقراط.

[5] نسخة محفوظة بتاريخ 15 سبتمبر 2018م، في الموقع الإلكتروني: واي باك مشين.

[6] إفلاطون: فيلسوف يوناني، (427 -347 ق.م)، وهو تلميذ الفيلسوف سقراط.

أرسطو: فيلسوف يوناني، (384– 322 ق.م)، وهو من تلاميذ أفلاطون، ومُعلِّم الإسكندر الأكبر.

[7] العصور الوسطى (القرون الوسطى): حِقبة من التاريخ الأوروبي، امتدَّت من القرن الخامس الميلادي إلى القرن الخامس عشر الميلادي، وبدأت بانهيار الإمبراطورية الرومانية، واستمرَّت حتى عصر النهضة.

[8] عصر النهضة (عصر التنوير): حِقبة من التاريخ الأوروبي، امتدَّت من أواخر القرن السابع عشر الميلادي إلى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي.

[9] توماس هوبز: فيلسوف إنجليزي، تُوفِّي عام 1679م.

 – جون لوك: فيلسوف ومُفكِّر سياسي إنجليزي، وهو من أكثر الـمُفكِّرين تأثيراً في عصره، تُوفِّي عام 1704م.

 – جان جاك روسو: فيلسوف فرنسي وُلِد في جنيف، وهو من أشهر فلاسفة عصر التنوير الأوروبي، تُوفِّي عام 1778م.

 – إيمانويل كانط: فيلسوف ألماني، وأحد الفلاسفة الـمُؤثِّرين في الثقافة الأوروبية الحديثة، تُوفِّي عام 1804م.

[10] انظر:

– كارل ماركس: فيلسوف ألماني، واقتصادي، وعالِـم اجتماع، عُرِف بتصوُّره المادي في قراءة التاريخ، تُوفِّي عام 1883م.

 فريدريك إنجلز: فليسوف ألماني، تبنّى النظرية الماركسية، تُوفِّي عام 1895م.

– جوزيف ستالين: حكم الاتحاد السوفييتي، وطبَّق نظرية كارل ماركس في بناء الأُمَّة، تُوفِّي عام 1953م.

– لويس آل توسر: فيلسوف فرنسي، تُوفِّي عام 1990م.

– إرنست رينان: مُؤرِّخ وكاتب فرنسي، دعا إلى نقض المصادر التاريخية نقداً تاريخياً وعلمياً، تُوفِّي عام 1892م.

[11] لوسيان بي: سياسي فرنسي، اهتمَّ بالتحديث مع التغريب، و”نشر ثقافة عالمية” تُؤكِّد ضرورة الشعور بالعدالة في الشؤون العامة، تُوفِّي عام 1972م.

– غوستاف لوبون: طبيب ومُؤرِّخ فرنسي، درس السُّنَن النفسية لتطوُّر الأُمم، تُوفِّي عام 1931م.

– راينهارد بنديكس: عالِـم اجتماع أمريكي ألماني، ركَّز على توسيع مبدأ المواطنة وحقوق المشاركة السياسية، تُوفِّي عام 1991م.

– كارل دويتش: عالِـم اجتماع وسياسي تشيكي، عُنِي بدراسة قضايا الحرب، والسلام، والقومية، والتعاون، والتواصل، تُوفِّي عام 1992م.

 [12] ظهر مصطلح “رؤية العالَم” في الفلسفة الألمانية Weltanschauung للدلالة على مفهوم أساسي استُخدِم في هذه الفلسفة وفي الإبستمولوجيا (نظرية المعرفة)، وهو يشير إلى طريقة “الإحساس وفهم العالَم كاملاً” wide world perception، ثمَّ تطوَّر إلى عديد من المناحي. للاستزادة، انظر:

– ويكيبيديا، Cosmic vision، تاريخ الزيارة: 1/ 3/ 2020م.

[13] المرجع السابق.

[14] فيلهلم ديلتاي: فيلسوف وعالِـم ألماني، وهو صاحب صياغة مصطلح “رؤية العالَم”، تُوفِّي عام 1833م.

– ماكس فيبر: عالِـم ألماني، وهو أحد مُؤسِّسي علم الاجتماع الحديث، وإليه يُعْزى الفضل في توضيح مصطلح “رؤية العالَم”، تُوفِّي عام 1920م.

– كليفورد جيرتز: عالِـم اجتماع أمريكي، أسهم في تأصيل تصوُّر مصطلح “رؤية العالَم” وتدعيمه، تُوفِّي عام 2006م.

*Alia’ al-Azm is a lecturer in Shariʿah Sciences and holds a Ph.D. in Qur’anic Sciences and Exegesis from The University of Jordan. Email: [email protected]

اترك تعليق